الأثنين, 24 ديسمبر 2018 02:47 مساءً 0 299 0
السفير التشادي الثامن عشر لـ(أخبار اليوم) الأستاذ صالح حامد هغيرا:
السفير التشادي الثامن عشر لـ(أخبار اليوم) الأستاذ صالح حامد هغيرا:

حاوره :  تاج السر بقادي - تصوير : مصطفى حسين

عندما تدخل السفارة التشادية بالخرطوم لا تشعر (بالغربة) كأنك داخل منشأة سودانية، وليس في الأمر غرابة حيث إنك تقرأ احترام وحب الإخوة التشاديين رجالاً ونساء لإخوانهم السودانيين في عيونهم ووجدانهم الذي يشع مودة ومحبة ورباطاً وثيقاً منذ أمد بعيد.
 لعب المجتمعون دوراً بارزاً حتى تحول إلى واقع اجتماعي عادات وتقاليد لغة وعقيدة، وبالتالي السودان وتشاد جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، السفير (صالح حامد هغيرا) جزء مما ذكرت منشرح الصدر والهمة والسريرة ومعتز وفخور بالعلاقة السودانية التشادية، كلما تحدث يعطيك الإحساس بعمق العلاقة بين الشعبين.
لم يتردد في الاستجابة للحديث لـ(أخبار اليوم) بصراحة ودوافع لا تنضب، لم يتحفظ على أي سؤال على الإطلاق، ولعله قارئ ممتاز للأحداث وذكي لأبعد الحدود ومتحدث بارع ومتمكن، إلى نص الحوار.

 

{ القوات المشتركة التي قامت بتكوينها الدولتان لتأمين الحدود بينهما ما هو تقويمكم لها، وهل قامت بواجباتها على النحو الذي خطط له من قبل السودان وتشاد؟
هذه القوات تأسست بعد التوتر الذي حدث بين الدولتين في الفترة من 2005  إلى 2010م مما أدى إلى قطع العلاقات، مع هذا جاء الرئيس إدريس دبي حاملاً بيده غصن السلام وإشارة بيضاء ووصل الخرطوم بكل جرأة وقابل أخاه الرئيس البشير وتصالحا وكانت خطوة ناجحة وذكية جداً، إثر هذه الخطوة تم الاتفاق على إنشاء القوات المشتركة وقد أثبتت نجاحها وأصبحت مثالاً يشار إليه بالبنان إقليمياً ودولياً، إلا أنها تنقصها الإمكانات اللوجستية وكذلك المادية لكي تؤدي أكثر من واجب وليس الأمن فحسب، بل كان يمكن أن تلعب أدواراً في مجال التنمية مثل إنشاء المدارس والمراكز الصحية وخدمات المياه والكهرباء في مناطق وجودها على حدود الدولتين.
القمة التي انعقدت في مايو الماضي أوصت بإلحاق هذه القوات الأمنية بالشرطة والدرك الوطني لملاحقة المجرمين. كما أن هذه القوات ترصد جميع الاختلالات التي تحصل في مناطق الحدود من حين لآخر بين القبائل المشتركة، هنالك مشكلات تحدث بين الرعاة والمزارعين، وهذه كلها أمور تؤثر على استقرار المنطقة الحدودية بين الدولتين والاستقرار فيهما، الآن تم الاتفاق على تزويد هذه القوات بإمكانات بشرية ومادية لتؤدي واجباتها على الوجه الأفضل، خاصة ما يجري على حدود الدولتين مع ليبيا من خلال عدم وجود سلطة الدولة الشرعية ووجود مجموعات ارتزاق سودانية تشادية تلعب دوراً في عدم استقرار الأمن في تشاد والسودان ليس فقط بالمتاجرة في السلاح والبشر، فهنالك تهريب للمخدرات والممنوعات، وهي تتمدد في الصحراء الواسعة من أقصى المحيط غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً (الصحراء الكبرى)، هذه الأمور تؤثر علينا وعلى العالم لأن الأمر سلسلة مترابطة، وما يؤثر على تشاد يؤثر على دول جواره ما يجعل العمل على التصدي له مجهود جماعي.
{ قامت الحكومة التشادية بجهود فعالة للتصدي للتنظيمات الإرهابية لاسيما بوكو حرام ليس داخل البلاد وإنما في دول الجوار أو ما يعرف بدول بحيرة تشاد، إلى أي مدى استطاعت تشاد تحقيق الأهداف في هذا الشأن؟
محاربة تشاد للإرهاب لم تنحصر فقط في جماعة بوكو حرام، إذ شاركت في محاربة الدولة الإسلامية في شمال مالي في أحداث 2012 – 2013م.
القوات التشادية كانت من ضمن القوات التي شاركت في تحرير شمال مالي ولعبت دوراً كبيراً لاسيما في مقتل (أبوزيد) زعيم الدولة الإسلامية في المغرب العربي.
تشاد شاركت في محاربة بوكو حرام في ثلاث دول – نيجيريا – الكمرون – النيجر.
حركة بوكو حرام نشطت لعدم قدرة القوات النيجرية على اتخاذ إجراءات حاسمة ضدها، لذا تطورت واحتلت مناطق واختطفت عدداً من السكان بطريقة عشوائية وعلى سبيل المثال 30 طالبة تم خطفهن من داخلية جامعية في شمال نيجيريا، وكان شمال نيجيريا شبه محتل من قبل بوكو حرام، وعندما طلب الرئيس النيجيري آنذاك (قودلاك جوثنان) القوات التشادية بالتدخل استجابت القوات التشادية وحسمت الأمر خلال 3 أسابيع حيث دمرت 98% من قوة بوكو حرام في نيجيريا، إلا أن الجيوب دخلت في مناطق الغابات من بحيرة تشاد المحازية للحدود النيجيرية.
 كما شاركت تشاد الكمرون بطلب من الحكومة الكمرونية في تنظيف شمال غرب الكمرون وتم تحرير مناطق كثيرة كانت تحت سيطرة الحركة، وبعد أقل من سنة طلبت حكومة النيجر دخول قواتنا لحدودها مع نيجيريا، واستطعت تشاد حسم الأمر وتم هذا كله لحرص تشاد على توفير الأمن واستتبابه في دول الجوار.
وكردة فعل قامت حركة بوكو حرام بالهجوم على العاصمة انجمينا في بداية 2015م أماكن الشرطة والأمن وكذلك السوق المركزي لمدينة انجمينا، وهذا عمل انتقامي لما فعلته القوات التشادية بها.
بعد أربع سنوات أو أكثر تدخل الجيش التشادي في هذه الدول لأن القوات النيجيرية لم تستطع توفير الأمن لمواطنيها في الشمال، وللأسف الشديد عاودت الحركة مهاجمة مراكز الجيش والأمن النيجري واستولت على معدات واحتلت بعض المناطق الصغيرة وبدأت تعيد نشاطها من جديد مما أدى إلى انعقاد قمة دول حوض بحيرة تشاد خصيصاً لهذا الأمر، انعقد الاجتماع في انجمينا وذلك لوضع إستراتيجية جديدة لمحاربة الحركة التي بدأت تنمو من جديد في شمال نيجيريا، القمة كانت في 29/11/2018م وتمت من خلالها ترتيبات لمحاربة الحركة من جديد باتحاد هذه الدول لحسم نشاطها في شمال نيجيريا والنيجر من اختطاف ومهاجمة القرى إلى جانب نشاطات متقطعة في تشاد تؤثر سلباً على الأمن والاستقرار في المنطقة.
{ هل وجدت تشاد في حربها على الإرهاب مساعدات من أمريكا أو الاتحاد الأوروبي  أو الاتحاد الإفريقي؟
دخلنا كل هذه الحروب بإمكانات تشادية بحتة، المنظمة العالمية (الأمم المتحدة) وعدتنا بمساعدات ولم نلتمس أي مساعدات حتى الآن، الاتحاد الإفريقي يدعمنا معنوياً، الدول الكبرى ساعدتنا من النواحي الاستخباراتية من خلال مدنا بالمعلومات  إلى جانب مساعدات مادية إلى حد ما لكنها بسيطة، الوعود موجودة من جانب أوروبا وأمريكا وليست هنالك مساعدات كافية لحسم المسألة، والدليل على ذلك أن القوات التي أنشأتها الدول المعنية بالأمر تواجه مصاعب في التمويل لمكافحة الإرهاب، وقد أثرت مكافحتنا للإرهاب على الاقتصاد التشادي وليس انخفاض أسعار النفط فحسب، وتم تجميد مشاريع تنموية كبيرة بالبلاد لهذه الأسباب.
{ هنالك حركة تسمى حركة الأنصار ما هي علاقة هذه الحركة ببوكو حرام؟
الحركات كثيرة ومتداخلة وكلها لديها أيدلوجية التطرف والعنف ومحاولة استغلال الدين واستخدامه لأغراض سياسية.
حركة بوكو حرام نفسها انقسمت إلى قسمين، والأنصار أيضاً من ضمن هذه الحركة التي لها صلة بالدولة الإسلامية المزعومة وكذلك الدولة الإسلامية بالمغرب العربي، كلها حركات ممتدة من القاعدة ولديها نفس الأيدلوجية لتغيير الفكر الغربي وفرض الشريعة الإسلامية ليس الشريعة الإسلامية المذكورة في القرآن الكريم والسنة، فهي حركة متطرفة لديها أفكار أيدلوجية لا تدعو للاستقرار والأمن والوئام القبلي بين المجموعات المتعايشة قبل آلاف السنين.
{ العلاقات السودانية التشادية في مجال الاقتصاد ما هو حجم الميزان التجاري بين الدولتين، وما هي السلع التي تستوردها تشاد من السودان؟
العلاقات التشادية السودانية متجذرة، وهي على المستوى الشعبي موجودة منذ الأزل، وبيننا قواسم مشتركة، بيننا أكثر من 40 قبيلة مشتركة، وهذا يعني أن التداخل الشعبي عميق جداً وعلاقاتنا الشعبية والثقافية والسياسية متطورة جراء العلاقات الشعبية، وكذلك العلاقات الأمنية والسياسية متطورة جداً وفي اتجاهها الصحيح.
وفي صعيد العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين هنالك عدة مشاريع يسعى لتحقيقها قادة ورؤساء الدولتين من بينها إقامة سوق حرة مشتركة أو منطقة تبادل حر بين الجنينة وادري، وهو مشروع طموح لكنه لم يبدأ، وكذلك محاولة ربط بورتسودان بأنجمينا  عن طريق السكك الحديد، وهو مشروع متقدم وتم إعداد دراسات جدوى بواسطة شركة صينية، وتعهد الصينيون بتمويل هذا المشروع وهو يمضي بصورة جيدة وهذا من ضمن الأولويات.
{ من أين سيبدأ المشروع من نيالا إلى أنجمينا أم من عطبرة عبر الصحراء مباشرة إلى تشاد؟
بورتسودان نيالا، نيالا الجنينة ـ ادري أبشي، وهو مشروع ضخم، وربما يبدأ من عطبرة، المسار لم يحدد بعد، ولكن المشروع متقدم جداً وآمالنا معلقة عليه لكي يتحقق خلال السنوات القليلة القادمة.
{ ماذا عن خط الأسفلت؟
الخط موجود أصلاً ومتقدم جداً، والحكومة السودانية شيدت طرقاً متعددة في دارفور، هناك طريق  نيالا ـ الجنينة، هذا الطريق ربما يربط بادري وادري أبشي 160 كيلومتر، التمويل جاهز والحكومة التشادية في العام القادم ستبدأ بتشييد طريق أبشي – ادري – ابشي – انجمينا طريق جاهز ومن الجنينة – ادري مشروع جاهز.
كيف يبدأ ومتى هذا يرجع للحكومة السودانية، وأنا مررت بهذا الطريق خلال القمة الثنائية الأخيرة.
الأولويات كلها جاهزة، الردميات ومكوناته موجودة، وتبقى أقل من 30 كيلومتر، عندما تربط أدري بالجنينة ستكون الحركة التجارية والتبادل قوياً جداً، رغم أنه ليست لدينا إحصاءات دقيقة حول التبادل التجاري بين السودان وتشاد إلا أن هنالك سودانيون بدءوا يستثمرون في حرف بسيطة مثل التجارة والمطاعم والحدادة وغيرها، كما أن هنالك شركات سودانية لديها مشاريع، جياد لديها فروع في تشاد، والعام القادم سوف تأسس مقرها بأنجمينا، كما أن شركة الاتصالات السودانية بدأت في تمديد خط الألياف الضوئية.
ونحن لدينا أمل خلال السنوات القادمة، سيكون هنالك تبادل تجاري قوي، ونحن كدبلوماسيين نسعى لتنشيط هذا المجال وتفعيله بالمستوى المطلوب وتقوية العلاقات، والآن الحركة التجارية بين أبشي والسودان كبيرة جداً.

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق