الاربعاء, 02 يناير 2019 02:27 مساءً 0 193 0
قراءة تحليلية
 قراءة تحليلية

جدل المفاهيم
اليوم نرفع راية استقلالنا ورأي استغلالنا
قراءة تحليلية حول خطاب الرئيس واللجنة التنسيقية العليا للاحتفالات

 

ونحن نعيش ونستدعي ذكري الاستقلال المجيد الذكري الثالثة والستين تحضرنا ألوان من المواقف والطرف والمشاهد الخالدة المرتبطة بأيام الصبا والمراحل الدراسية الاولي ومن المشاهد ونحن تلاميذ بمدرسة تلودي الجنوبية الابتدائية (ب)  بجنوب كردفان نسكن بداخليات خمسة نجوم في ذلك الزمن الجميل نذكر في صبيحة الاستقلال 1/1 من كل عام نقف في طوابير طويلة في غاية الدقة الزمنية والانضباط نرتدي أزياء أنيقة جلاليب دمور وزن عشرة وميسوري الحال يرتدون ما شاء لهم من الدبلان ولا يتجاوزنه الي أقمشة السلك والتترون والبوبلين وغيرها من أقمشة التميز الاجتماعي الطبقي هذه الطوابير تتحرك صوب التجمع الكبير الذي يتقدمه الجيش والشرطة والقوات النظامية ورموز المدينة من كل ألوان الطيف الجيش ترتفع حناجرهم بالجلالات الطريفة مثل جلالة عمتي مريم والجنوب ضربونا والمدنيين يهتفون عاش السودان حرا مستقلا بأعلى الأصوات نجوب شوارع المدينة والزغاريد تملأ كل مكان حتي نقطة النهاية وهي ميدان الحرية وعندها تقدم اللجنة العليا للاحتفالات خطاب أعياد الاستقلال المجيد ونحن علي هذه الشاكلة من كل عام حتي لاحظنا ان هتافا اخر تداخل مع هتافنا الاستقلالي المحفوظ عن ظهر قلب عاش السودان حرا مستقلا فدخل عليه  هتاف آخر بالدم وبالروح نفديك يا ثورتنا فلا ندري أي ثورة هذه فظللنا نردد مع المردود وما فاهمين أي حاجة ترديد علي طريقة زميلنا الذي ظل يردد في حصة حروف اللغة الانجليزية يردد كفت الزيت بدلا عن كبتال زد.
أمس الأول خاطب السيد رئيس الجمهورية من حدائق القصر الجمهوري خاطب الشعب السوداني بمناسبة الذكري الثالثة والستين لذكري الاستقلال  المجيد 1/1/1956 وهو ما يعرف في اضابير السلك الدبلوماسي باليوم الوطني السوداني
جاء خطاب السيد الرئيس هادئا وموضوعيا وعلي طريقة خير الكلام ما قل ودل ولكن في نفس الوقت يري البعض ان الخطاب جاء مخيبا للآمال ولم يتطرق للواقع ولم يتفاعل مع الأحداث بالطريقة التي ينبغي ان يتفاعل وعلى ما يبدو وبرأي هؤلاء ان يشتمل الخطاب علي أشياء محددة مثل الاستقالة الفورية للرئيس او الوعد بها لأجل مسمي او حل الحكومة او الدعوة  الي ترتيبات انتقالية شاملة هذا بالإضافة الي الفك الفوري لازمة النقود وضبط الأسعار ومحاصرة الدولار في أقصي ركن وقيمة نقدية ممكنة ولكن موضوعية خطاب الرئيس تأتي أيضا من نقاط محددة ممثلة في تفهمه لحجم التحديات التي تواجه البلاد والشعب السوداني الصابر تفهم هذه المرة يختلف عن أي تفهمات سابقة وان التفهمات من منظور سياسي ودون سياسي بجهود الحوار والوفاقيين واتفاقيات السلام الموقعة فان الجبهة الداخلية تتطلب تقوية وتمتين من نوع آخر بعيدا عن عمليات الإقصاء واستغلال الشعارات الوطنية القومية البراقة مثل شعار وطن يسع الجميع قولا ولكنه لن يسعهم فعلا لا علي الصعيد الحزبي ولا الدستوري ولا حتى الاجتماعي الصادق ومن الأشياء التي أصبحت واضحة بالنسبة للسيد الرئيس المعاناة الحياتية والمعيشية التي يكابدها اليوم المواطن شاكره شكرا جزيلا علي صبره الذي تجاوز الصبر والصبر الجميل ملامسا لقيمة صبر ايوب وقد أدركه السيد الرئيس في  خطابه ، فان للمعاناة المعيشية سببان سبب خارجي وآخر داخلي العامل الخارجي الممثل في الحظر الاقتصادي هذا معلوم للشعب وقد تعايش معه لمدة تجاوزت العقدين من الزمن دون ان تنتهي به الأوضاع الي ما هي عليه الآن.
اما العامل الداخلي فهو مركز الخطورة والمسئول الأول عن اختلال ميزان النقود والمعيشة سواء لسوء الإدارة خاصة في مجال إدارة رأس  المال البشري والنقدي والفني ودوره في تفعيل القطاع الحقيقي لحركة الاقتصاد المتصلة بالاستنتاج الدراسي وبالإنتاج والإنتاجية ومن اختلالات الداخل  الترهل السياسي والإداري وكثافة الإنفاق الكمي والنوعي بجانب الفساد والاستهلاك غير المرشد لهذه الأشياء  خرجت السياسات من مفهوم علم الموازنات المستمرة والاقتصاد عن مفهوم علي البدائل المقتدرة والا ما تعرض الشعب والدولة الي حالة التعري المعيشي حالة اللا حشمة الاقتصادية والمالية نعم ان موضوعية خطاب الرئيس يتأتي من باب وزاوية التصدي  للتحديات والمهددات برؤى وأفكار مغايرة تماما ولا احد يزايد بأنه يمتلك مفاتيح الحل فقط مطلوب توفر الإرادة والنظر للتحديات المحيطة والمهددات الكامنة نظرة بعيون زرقاء اليمامة فبيد الرئيس أكثر من حلول موضوعية تجنب البلاد كثير من المخاطر والمآلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدستورية.
أما عن الحلول السحرية التي يطرحها البعض ممثلة في الرحيل الفوري للرئيس وحل الحكومة بل حتى سقوط النظام هذه حلول  تحمل معها تعقيدات منظورة وقديما قالوا الفشة غبينتو خرب مدينتو ولكم في منظومة دولة الربيع العربي أسوة سيئة فلا يجرب المجرب إلا المجرد عن الحصافة والكياسة  السياسية والوطنية.
علي أية حال الرئيس قدم خطابه في اخطر واصدق مناسبة وطنية الاستقلال المجيد ووعد وعد الحق بان يضع كل شئ في نصابه الصحيح إذن فلننتظر  ونتأنى قليلا  ولا نتعنت كثيرا ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة وعسي تحبون شيئا وهو شرا لكم وتكرهون شيئا وهو خيرا لكم .
نختم القراءة بالنصيحة الحارة للسيد رئيس وأعضاء اللجنة العليا للاحتفالات بذكري الاستقلال المجيد وبالحقيقة الأحر منها فمن النصائح التي نوجهها للجنة بأن المادة المركزية التي ظلت تقدم طوال سنين الاحتفال المركزي بالاستقلال فهي مادة محتكرة ولا تعبر تعبير صادقا وشاملا عن الجميع بقدر مساهمتهم في انجاز الاستقلال فأصبحت مادة تركز فقط في إخراج وإبراز مادة الاستقلال في محاور الترتيبات السياسية لمؤتمر الخريجين وما أدراك ما مؤتمر الخريجين وأبعاده السياسية والاجتماعية والتعليمية والإستراتيجية والترتيبات التشريعية ممثلة في المجلس الاستشاري لشمال السودان في العام 1948 بقيادة السيد محمد صالح الشنقيطي ثم الترتيبات الانتقالية الدستورية 53-54-1955 وهي الفترة التي استكملت فيها حلقات البنية التحتية للدولة السودانية العميقة بإشراف الاستعمار بصورة مباشرة فعند  خروجه غير مأسوفا عليه تاركا البلاد تتهددها قنبلتان موقوتتان قنبلة حملة السلام وقنبلة حملة المصالح  فالشريحة الاولي اتخذت من الغابات والأحراش والجبال والصحاري والوديان منطلقا لها والشريحة الثانية الأطر السياسية والدستورية والإدارية مسرحا لعملياتها ومتحركاتها ضد الحقوق الدستورية والطبيعية للمواطنين الشرفاء  فالحقيقة التي ينبغي ان تضطلع عليها او تأخذ بها اللجان العليا لأعياد الاستقلال في كل عام وان الاستقلال الذي نتفئ  ظلاله هو انجاز تم من خلال عدة محاور ممرحلة لكل مرحلة جهود كبيرة أغفلها عن عمد بكل أسف مؤرخو تاريخ السودان الحديث والمراحل هي مرحلة تنبذ التعايش مع الاستعمار ثم مرحلة قتاله المباشر ثم مرحلة الترتيبات السياسية ثم التشريعية ثم الانتقالية الدستورية ثم أخيرا رفع العلم علي السرايا وردد السودانيون عاش السودان حرا مستقلا واليوم نرفع راية استقلالنا ولسع الكلام ما كمل.  

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق