الثلاثاء, 08 يناير 2019 03:55 مساءً 0 221 0
نحو أفق اقتصادي
نحو أفق اقتصادي

السوق الأسود

 

السوق الأسود أو السوق الموازي سوق طفيلي نشأ في الظلام يقتات على دم المواطن لأنه يوفر السلع بأسعار مضاعفة.
في أواخر عهد الرئيس جعفر نميري ظهرت السوق السوداء وكان المزارعون يشترون الجاز بأسعار خرافية لتلافي فشل الموسم الزراعي، وكانت هنالك ندرة في سلعتي السكر والدقيق الأمر الذي أدى لبيعهما تحت التربيزة بأسعار مبلغ فيها.
قادت هذه المشكلات إلى أن تكشر الدولة ممثلة في جهاز الأمن القومي المايوي الذي كان يقوده الفريق عمر محمد الطيب عن أنيابها وتلقي القبض على تجار السوق السوداء وتودعهم السجون، الأمر الذي قاد لانفراج كبيرة في السلع الإستراتيجية كالسكر والدقيق وغيرها من السلع التي يحتاج لها المواطن في قوته.
عاد السوق الأسود من جديد بعد أن ضعفت الدولة واندلعت حرب الجنوب بقيادة العقيد د. جون قرنق دي مبيور عام 1983م لتسهم المشكلات الاقتصادية في نهاية نظام الرئيس جعفر نميري عام 1985م في عهد حكومة الصادق المهدي عام 1986 – 1989م، ظهرت تجارة الدولار برموزها التي كانت تتاجر في العملات الحرة بقدرات مالية أكبر من الحكومة، وجاء تعيين الدكتور التيجاني الطيب وزيراً بالدولة للمالية ليلجم تجارة العملة عبر سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنها وزير المالية المتخصص في الاقتصاد والحائز على الدكتوراه من أرقى الجامعات الأمريكية.
وجاءت استقالة الدكتور التجاني الطيب من منصبه وزيراً للدولة للمالية لتكشف أن هنالك شخصية كبيرة في حكومة الديمقراطية كتبت مذكرة لوزير الدولة بالمالية تطالبه بالإفراج عن تاجر كبير للدولارات باعتباره من الداعمين الكبار لحملة الحزب الانتخابية وأحد رموزه الاقتصادية.
وتراكمت المشكلات الاقتصادية لتقود في النهاية لسقوط نظام حكومة الصادق المهدي بموجب انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في الثلاثين من يونيو 1989.
الحكومة الجديدة وضعت إستراتيجية لتأمين القمح والبترول تبدأ بالزراعة عبر البرنامج الذي رعاه البروفيسور أحمد علي قنيف وزير الزراعة الاتحادي مروراً باستخراج النفط عبر شراكات مع الصين والهند وماليزيا.. وبانفصال الجنوب فقدت الدولة إيراداتها المالية ما قاد لتداعيات الأزمة الاقتصادية التي أوصلت الاقتصاد السوداني لنفق مظلم.. وبعد فشل سياسات إحلال البدائل وتهريب الذهب وبروز أزمة المواد البترولية التي قادت لعودة الصفوف أمام محطات الوقود، أدى التدهور الاقتصادي لأزمة الخبز وانعدام السيولة في البنوك وانهيار الجنيه أمام الدولار الذي وصل في السوق الأسود 90 جنيهاً.
كل ذلك قاد للأزمة السياسية والاقتصادية التي نعيشها الآن والتي يمكن أن تقود لكارثة إذا لم تكن هنالك معالجات جراحية شاملة لاستئصال الورم السرطاني الاقتصادي الذي يهدد جسد الوطن والمواطن بالموت الإكلينيكي.
حان الوقت لضرب السوق الأسود برموزه وقياداته وتماسيحه هذا أو الطوفان.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق