الخميس, 24 يناير 2019 04:31 مساءً 0 249 0
قراءة تحليلية
قراءة تحليلية

المُأزِمون والأزمة وأجندة التأزيم والمخارج

يقال أن كل شيء ينشأ صغيرا ثم يكبر عدا المصيبة تقع كبيرة ثم تصغر تدريجيا اذا استخدمت تدابير أو اتبعت مهارات محددة كالصبر والمصابرة والصبر الجميل فالمصيبة التي تقع في العادة كبيرة يمكن أن يتضاعف حجمها اذا تركت هكذا مصيبة أو نفخ عليها وعلى جمرها الوقاد او حتى ملّتها ام جمرا حي نحن اليوم في السودان نعيش تفاصيل انشطارية لمصيبة سقطت على رؤوسنا سقوطا ارتداديا وارتجاجيا ، ومن المصائب مصيبة مرتبطة بمسائل حياتية بحتة مثل الحقوق الشخصية ؛ النقود والحقوق العامة كالقوت والوقود والرؤية الخاصة والعامة لإدارة حق الحريات، ومن المصائب التداخل الخطير بين حق التعبير السلمي واختراقات الممارسات السالبة بحق التظاهر والمتظاهرين ثم مصيبة الصراع السياسي والأيدلوجي والحقوقي المتجدد حول السلطة والثروة وفلسفة ادارة الحكم والدولة جملة هذه المصائب ومصائب اخرى اصبحت سببا ولازالت تمثل المكون الأساسي للأزمة الرئيسية والأزمات المتفرعة ، طبعا لا توجد أزمة او أزمات وإلا وراءها مُأزِمون بالأخطاء العفوية وغير العفوية وأيضا يوجد من لهم أجندة تعتمد بصورة أساسية على موضوع التأزيم لخدمة بُعدين بعد تعكير المياه بغرض الاصطياد والأجواء لتغبيش الرؤية الجزئية والكلية وحتى يتم تجاوز مسألة الأزمة وأدواتها وأجنداتها ينبغي ان يعترف الجميع بان الأزمة قد بلغت مداها اذا كان المقصود منها الرئيس والحكومة والنظام الحاكم فرسالة التأزيم قد وصلت الى جميع الاطراف ولمن يهمه الأمر وبالتالي يجب ان تتجه الخطى نحو البحث عن خيارات الحلول الموضوعية والمنطقية ، فأي تأزيم أكثر من ذلك فالمتضرر الأول والأخير سيكون الوطن والمواطن فلذلك تسقط جميع الشعارات التي تتغني باسمه وتصبح غير ذات قيمة اذا تمكن ولحق الضرر بالوطن والمواطن جراء استمراء التأزيم والتأزيم المضاد فمن الذي يجادل بالحق والحقيقة ان الوطن والمواطن ومصالحه قد تضررت بصورة اكبر جراء سياسة ممارسة الاتجار  في الأزمة والتأزيم وتعطيل دولاب الحياة بإشاعة روح القلق والتوتر والتوجس ونزع الطمأنينة والسلامة ، وهذا يؤثر بشكل اساسي على مصالح الوطن ومصالح الأفراد والأسر والمجتمع بأسره وهذا التأثير سيضاعف المشكلات الحياتية والمعيشية التي كانت ولازالت سببا في تغذية حراك الاحتجاجات ولكن مع الدعوة المستمرة مع سبق الإصرار الدعوة للتظاهر ، أصبح المواطن يتساءل الى متى هذه الحكاية وما هي نتائجها العملية ومن الذي يقف وراءها حقيقة فالمظاهرات كما أشرنا سابقا أربعة انواع ثلاثة منها لا تقر مبدأ التوقف حتى بلوغ أهدافها التي ليست من أهداف المواطن الأخلاقية والسياسية العليا ؛ ومن المظاهرات مظاهرات سلمية قولا وغير سلمية فعلا ومظاهرات تمثل غطاء جيدا للتخريب وللفوضى الخلاقة والمختلقة ومظاهرات استنزافية استفزازية أقرب الى مظاهرات سهر الجداد هذا النوع من المظاهرات يضر بالوطن والمواطن وبالقضية اما المظاهرات الشريفة والنزيهة الجادة هي تلك المظاهرات التي تحمل اهدافا موضوعية هادفة قوامها سعة العقول ورحابة الصدور فإذا هتفت بتسقط بس لا تُسقط من أجل الاسقاط وبدافع التشفي وروح الانتقام ضد من ظلمك وإنما تهتف بتسقط بس ولها من الرؤى والبدائل المقنعة للوطن والمواطن وليست تلك القوى التظاهرية التي لا رابط سياسي وكفاحي بينها إلا سقوط الحكومة والنظام والسلام ثم يقبل بعضهم على بعض يتكايدون وهذه حقيقة عاشها المواطن والأجيال في الانتفاضات والانقلابات والانتخابات باسم السياسيين والعسكريين والحزبية الخفية لشرائح المهنيين والأكاديميين والخبراء الذين ثبت بأن بعضهم يتخذ من المواطن وقضاياه مطية مثلما توظفها الحكومات الفاشلة عطية للكسب السياسي فنتيجة لهذه الاجواء يصبح الحذر واجب والفطنة والكياسة اكثر وجوبا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد أما خيارات الحلول فأصبحت واضحة وضوح الشمس وأولى خطواتها اعتراف الحكومة والنظام الحاكم بالقضية وبالأزمة وكل الحلول السابقة والتي يدور الحديث حولها كوعود لم ترقَ للمستوى الذي يقابل تحديات الأزمة وعلى المعارضة ان تتقبل هذا الاعتراف بروح التقدير والتفاهم الايجابي بعيدا عن روح الشماتة والتشفي.
ثانيا : يجب الاعتراف المتبادل بان الرسالة وصلت لجميع الاطراف بواسطة روافع المظاهرات الجادة وبالتالي ينبغي ان تعقد هدنة سياسية بوقف عمليات التظاهرات حتى يلتقط الوطن والمواطن أنفاسه وحتى ينتقل فرقاء الوطن الى مرحلة التفاهمات المدنية السياسية والدستورية وهذا يتطلب من قوى المعارضة ان تظهر للرأي العام ببعدها السياسي والتنظيمي وعلى المواطن ان يتحول الى وظيفة اخرى من غير وظيفة التظاهر ؛ وظيفة الضغط على الفرقاء للجلوس على التسوية السياسية الشاملة دون الإقصاء لأحد وعلى الأصدقاء والأشقاء اسناد هذه الجهود الوطنية الداخلية لصالح الاستقرار الذي يتشرف الجميع بأنهم صُناعه على قدم المساواة والشرف السوداني الباذخ.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة