الأحد, 28 أكتوبر 2018 05:15 مساءً 0 313 0
إلى وزير التعليم العالي صيحة مدوية من وادي صمت اساتذتنا الجامعيين المهاجرين
إلى وزير التعليم العالي صيحة مدوية من وادي صمت اساتذتنا الجامعيين المهاجرين

في غمرة الأحداث الاقتصادية الساخنة، لا بد أن ننطلق من قاعدة أهمية التعليم العالي في التطور المستقبلي، لذا فإن وزير التعليم العالي الجديد الدكتور الصادق الهادي المهدي أخصائي القلب، في غرفته الطبية قلب أنهكه الاهمال، رغم أنه المسؤول عن حياة باقي الجسد، إنه قلب الأستاذ الجامعي، وقلب الجامعات السودانية التي تعاني السهر والحمى.

 إن ممارسة الحكومة في الفترة الماضية في تقديرنا صبت في خانة التقليل من شأن التعليم العالي والقائمين عليه بقصد أو دون قصد، مثل ضياع حقوق العاملين وعدم صرف المتأخرات والاستحقاقات التي تمنحها لهم القوانين والمنشورات سارية المفعول.

 من يصدق أن راتب مدير الجامعة في السودان يساوي راتب موظف في الدرجة الخامسة في كثير من مؤسسات الدولة خاصة تلكم التي تتمتع بالإيرادات، حيث إن المدهش في الخدمة المدنية في بلادنا أن الدرجات الوظيفية (خشم بيوت) فالدستوري الذي يعينه رئيس الجمهورية أو الوالي يجد الامتيازات التي لا نقول إنه لا يستحقها، ولكن ما جدوى أن يكون تعيين مدير الجامعة ونائبه بقرار جمهوري طالما أنه لا يتمتع بأي امتيازات مثل التي تمنح للدستوريين.

 إن حواجب الدهشة لن تجد فضاءاً لتتمدد فيه لو نشر مديرو الجامعات كشوفات تبين رواتبهم واستحقاقاتهم ومكافآت ما بعد الخدمة، فما بالكم بالأساتذة المغلوبين على أمرهم الباحثين عن رواتبهم أمام الصرافات.

 إن صدور قانون التعديلات المتنوعة واخراج التعليم العالي من قانون الخدمة المدنية لعام 2007م لم يشعر به أساتذة التعليم العالي فلا الرواتب زادت ولا المتأخرات حُصلت ولا الهجرة وقفت، حيث انعدمت الرؤية لاستيعاب هذا الخروج في صالح العاملين وأصبحت قضية دعم الأستاذ الجامعي اجتهاد ذاتي من بعض الجامعات حيث ظهر التفاوت في رواتب الأساتذة بين الجامعات وبرزت على السطح ظاهرة الانتقال الداخلي بين المؤسسات التعليمية.

 إن بداية خروج الجامعات من هذا النفق يبدأ بتحسين شروط تعيين أعضاء هيئة التدريس من الناحية المالية وأيضاً الناحية الأكاديمية بحيث يوكل التدريس فقط للأستاذ الحاصل على درجة الدكتوراة في التخصص المعني بشروط التعيين المعروفة، وهذا من شأنه رفع مستوى التدريس الذي ينعكس على مستوى الطلاب.

 نقول ذلك وندعو لاطلاق برنامج وطني تشارك فيه كل أجهزة الدولة من أجل اكمال البنيات الأساسية للجامعات وخاصة الجامعات الواقعة في الولايات بحيث تصبح البيئة الجامعية مواكبة ومتطورة حتى ولو دعا ذلك إلى إعادة خارطة الجامعات في السودان ودمج بعضها لتتخلص من بعض المباني البائسة التي قامت على بقايا مدارس الأساس والثانوي في بعض الجامعات.

 إن معظم الذين هاجروا خارج السودان من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السودانية هم في الأساس خبرات قامت الدولة بتدريبهم وابتعاثهم في أعرق الجامعات، وقد ساهموا من خلال هجرتهم في دعم الكثير من المشاريع الاقتصادية التي تبنتها الدولة، بالإضافة إلى مساهماتهم الاجتماعية، وكان جزاء البعض منهم الفصل من الخدمة بعد انتهاء الخمس السنوات الممنوحة لهم إجازة بدون راتب.

إن وجود هؤلاء في بعض البلدان الخارجية لهو سفارة تعليمية ونقل لتراث وحضارة الانسان السوداني، وهم منتوجات تعليمية واجتماعية وثقافية يقدمهم السودان للبلدان الأخرى بكل فخر، فكيف يكون نصيبهم الفصل من الخدمة!!!!

نوجه النداء لمعالي وزير التعليم العالي الجديد الدكتور الصادق الهادي المهدي أن يضع بصمته في الوزارة في مد فترة العمل الخارجي لمنسوبي الجامعات السودانية إلى عشرة سنوات أسوة برصفائهم في مصر وتونس والجزائر وغيرها من البلدان العربية التي تنظر إلى الموضوع بزاوية أكثر عمقاً، حيث يساهم هؤلاء في دعم جامعاتهم مادياً نظير منحهم اجازات دون راتب.

من خلال تواجدي وسط بيئة الأساتذة الجامعيين المغتربين لاحظت جديتهم في دعم مؤسساتهم من خلال دخلهم السنوي، وهم يقومون بذلك طوعياً من خلال الدعم بالكتب وغير ذلك، وهي دعوة لكم في التفكير في الاستفادة من هذه الجهود قانونياً نظير مد اجازاتهم إلى عشرة سنوات.

 إن أساتذة التعليم العالي في السودان يجب أن يشاركوا بفاعلية في إدارة الحكم بالبلاد وذلك عن طريق اشراكهم في مشاريع بناء الوعي الثقافي في السودان وتوطيد الصلات مع البلاد الأخرى ونقول لأعضاء لجنة التخطيط والمبادرات بوزارة الخارجية إن أساتذة الجامعات ومناشطها هي اللغة الحديثة في الدبلوماسية فالسفارات والملحقيات وحدها لن تظهر الوجه الحقيقي المشرق للسودان ولكن داخل الجامعات وقاعاتها عناصر يمكن أن تكون البديل الحقيقي للدبلوماسية الرسمية فهم الأجدر لحركة الحوار وتصدير الواقع.

 إن الحرب المستمرة لوصف أستاذ الجامعة (بالأكاديمي الجامد) الذي لا يفهم إلا في التدريس ومخاطبة الطلاب داخل القاعات وبأنه غير (شاطر) في الإدارة .. وأن هذا (كلام أكاديمي) !!! بمعنى أنه (سراب). هذه كلها تأتي في إطار نظرية غير موفقة تهدف إلى فصل الجامعات عن المجتمع وعن الحكم وعن إدارة السودان، وفي تقديري أن هضم حقوق الأستاذ الجامعي تأتي في إطار انفاذ هذه النظرية لتصبح مهنة التدريس بالجامعة طاردة ومنفرة.

 أختم هذا المقال بمناشدة السادة وزير الداخلية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الخارجية لإصدار قرار فوري بإعادة الجواز الدبلوماسي لمديري الجامعات هذا الحق الذي سُلب بدون وجه حق، وأدعو كذلك السيد وزير المالية بإصدار قرار بصرف متأخرات الأستاذ الجامعي فوراً، فمن غير اللائق أن تدخل هذه الشرائح في دائرة البحث والمطالبة بحقوقهم القانونية أمام طلابهم لنفقد الكثير من القيم التربوية والوطنية وأقول كذلك للسيد وزير المالية راجع بشخصك مرتبات مديري الجامعات ناهيك عن الأساتذة .. أنا متأكد أنني لن أحتاج للكتابة إليك مرة أخرى!!

ونختم بمناشدة خاصة لوزير التعليم العالي ونقول له بانه بحاجة لمراجعة واقع الأساتذة المهاجرين من الجامعات السودانية، والذين يحملون الوطن في حدقات عيونهم ويأملون العودة إلى جامعاتهم ليواصلوا العطاء، ونأمل منه تكوين لجنة عاجلة للنظر في هذه القضية

ولنا عودة

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة