السبت, 16 فبراير 2019 04:27 مساءً 0 286 0
افق بعيد
افق بعيد

همنغواي : روح الكتابة وخصوصية التجربة

ايهاب عبد العزيز

الروائي الأمريكي إرنست همنغواي عاش حياة تستدعي عندها التوقف والبحث، وهي درس عميق أن الكتابة ليست بمعزل عن العالم وقضاياه، حتى العاطفي منها والمتعلق بالعلاقات والحب والزواج بين الناس.

فعمله كصحفي ومراسل لعدة صحف أبان فترات الحربين العالميتين الأولى والثانية، أتاح له السفر ومشاهدة العالم ، وإن لم يكن في وضع مشوب بالسلام بالطبع، لكنه أتاح له الاقتراب من معارك عدة، ليست تلك التي كانت تدور رحاها بين أمم ودول فحسب، بل حتى معارك الأخلاق في خضم سعي الإنسان لخلق نموذج يحتذى، يكون مهبطا لكل تلك الأحلام المشتاقة والبعيدة.

أنتج عددا من الكتب، وحاز على نوبل للآداب عن روايته (العجوز والبحر) وظاهر الرواية يبدو سهلا، لكن بالحقيقة هي تحمل أسئلة عميقة جدا، تأتي بالطبع على خلفية مشاركة الكاتب في حربين عالميتين وتعرضه للإصابات عدة مرات أثناء أداء عمله، وفي خضم تلك الأوضاع المضطربة وفي بحثه عن الحب والزواج والاستقرار تزوج عدة مرات، وأنجب عددا من الأبناء، لكنه لم يوفق في بحثه الدائم عن الحب، منتجا أعمالا ضمنها تجاربه الإنسانية العميقة، مثل (لمن تقرع الأجراس؟) وكذلك (الشمس تشرق أيضا) أثناء تغطيته لأخبار الحرب الأهلية في إسبانيا.

وهي -أي حياة هذا الروائي الأمريكي الشهير- يمكن القول أنها كتاب قائم بذاته، مليء بعمق التجربة وآلامها وأحلامها كذلك، وفي خضم بحثه عن المثل التي كان يتغياها ويقصدها، باعتبارها أصولا إنسانية عامة يبحث عنها الإنسان في خضم رحلته على هذا الكوكب، وهي بالطبع رحلة عظيمة ومليئة بالمغامرة والتشويق، ومحفز كذلك للروائيين للانخراط في عمق التجربة البشرية، ومحاولة البحث والتنقيب والتصحيح، فالكتابة ليست بمعزل عن الواقع، ولا هي محاولة خلق تابوهات من الفانتازيا الموغلة في بالتجريد، بل هي وظيفة حقيقية ضمن حركة الإصلاح.     

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق