الاربعاء, 06 مارس 2019 04:19 مساءً 0 251 0
قراءة تحليلية
قراءة تحليلية

ثم ماذا يريد هؤلاء من القضية؟

إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها، ومن آياته أن أنكر الأصوات لصوت الحمير، ومن در ودرر ثقافة الوسط الشعبي أن كلمة (أرج) ما عادت في هذا الزمن تسوق الحمير، وكلمة (وش حاو) توقفها، وأن (غنماية الخرطوم لا تعبر الظلط) بهكذا عشوائية وتواكل إلا بعد إعمال التحري الحسي ومهارات تطبيقات الحذر الفطري وتقديراته الحساسة، ولله في خلقه شؤون، نعم من موروثات حكم الموروث الشعبي الذي يعيش كثيراً يرى كثيراً من مناظر وأفلام وحقائق ومحطات ومماحقات من بيئة الإنسان المخلوق الأكثر جدلاً، وهو ذات المخلوق الخطير الذي تحفظت عند خلقه ملائكة الرحمن قبل أن يحسم أمرها الحق تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون، فخلقه وخلق في مقابله سبع جنان ومثلها في الدار الآخرة نيران وقودها الناس والحجارة، وفي الحياة الدنيا تقابلها سبع نيران: الفقر نار، الجوع نار، الظلم نار، القهر والاستبداد والعلو والاستكبار نار، والتضليل والمكر والخدعة والحيل الملونة نار، فكل ما يحرق العقول والأحاسيس والمشاعر والألباب والقلوب نار.
نعم، قضية المنطقتين جنوب كردفان جبال النوبة والنيل الأزرق باتت واضحة وضوح الشمس، وقراءة مضامينها العادلة لا تحتاج لتحديق ولا نظارة، فقط المطلوب إعمال مفتاح الحق والحقيقة والشفافية لفتح أقفال المعايير المزدوجة والمحاولات المتكررة لسوق أهل المنطقتين (وردة) بمفهوم المرض، و ورداً حالة أهل الشقاء يوم الفصل، سوقهم هكذا استغلال لكل من هب وتدب ودب ودأب لأمر كان يقصده، وما أكثر الهجرات والمهاجرين في هذا الزمان العجيب الغريب، السودانيون عموماً وأهل المنطقتين على وجه الخصوص وجنوب كردفان جبال النوبة على وجه أخص لم يقصروا في إعمال الفكر والمبادرات الفردية والجماعية لعشرات السنين ولكنها جميعها تتكسر وتتساقط وتتجمد عند محطة الحكومة والحزب الحاكم والمنظومة الحاكمة ووكلائها الوحيدين بتلك المناطق، آخر تلك المحاولات وربما لا تكون الأخيرة هي المبادرة التمهيدية لأهل الشأن بالمنطقتين، فقد سعت سعياً حثيثاً وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات وبعد مراجعة كل المرجعيات السياسية والرسمية ومداخل الحزب الحاكم الذكية والمؤسسات التشريعية وفي قمتها الهيئة التشريعية القومية بشهادة رئيسيها، سعت لمجرد مقابلة السيد رئيس الجمهورية في أي مكان يحدده ضمن وفد يضم قرابة الثلاثمائة عضو من فعاليات المنطقتين بمرجعياتهم ومكوناتهم الجغرافية على الأرض بالمنطقتين وبالعاصمة القومية والولايات وبدول المهجر وحيث يوجد الأصدقاء ومن يهمه الأمر من السودانيين، ولكن بكل أسف تم حجب تلك الجهود، وتلاحظ أن الجهات الحاجبة والمحتكرة تتبضع في تلك القضايا بالاشتراك السياسي مع جهات في المركز، ومن أشكالها وأنماطها المؤسفة والمثيرة للأسف جرأة الدعوة واللقاء الذي نظم عشية أمس الأول بدار ومقر رئيس الجمهورية الرئيس الذي أعلن على رؤوس الأشهاد أنه قد طوى الحقبة الماضية بمرها ومراراتها، طواها طي السجل للكتب ونسيان الذاكرة الخربة للحقب، معلناً عن حقبة جديدة وعهد جديد تسوده الشفافية فلا مجال للكواليس الحزبية الماكرة في حضرة الوطن ووصايا أوصيائه القدامى والجدد والمتجددة، ولكن بكل أسف ما جرى مسبقاً وفي الأثناء ولاحقاً في تلك الدعوة التي لم تنظم حقيقة في الله كريم ولا البحرية ولا مُرتا ولا تلودي ولا أم بدة ولا حي كوبر، وإنما داخل دار السيد رئيس الجمهورية، وهو بيت السودان محل ثقة الجميع قيمة وقيماً وقوامة، نعم من الذي فكر وقدر ودبر وعمل على ترتيب وإخراج دعوة فعاليات جنوب كردفان جبال النوبة على تلك الشاكلة، الذين كانوا وراء تلك الدعوة هم طرائق قدداً ومهاجرين ولكل وجهته، ولكن صحيح كل الطرق تمر بمعبر الرئاسة، وهؤلاء يحملون سمة ائتلاف حراك الشارع وفرق السمات بينهما أن ائتلاف الشارع يضم خمس فئات جادة واستفزازية، وائتلاف الدعوة الغامضة يضم كذلك خمس فئات مضللة وعفوية ووصولية انتهازية بامتياز.
فإذا أخذنا بمنطق الدعوة وموضوعها والتي غلبنا عدم الاستمرار فيها ومتابعة تفاصيلها وقررنا المغادرة الفورية بعد استئذان ناعم وخروج بلا عودة بهدوء تام، ما الذي يمنع النظام الأهلي بالخرطوم أن يكامل مبادرته تلك مع أصول الإدارة الأهلية بالولاية بدون إقصاء ثم ييمم شطره بيت الضيافة لمقابلة الرئيس دون أن يمر أو يعبر الفعاليات.
إذا كانت القصة والرواية قصد بها رد الجميل للسيد الرئيس لقاء زيارته الأخيرة الناجحة للولاية فما المانع أن يتحرك وفد الفعاليات من الولاية بقيادة الوالي أو من ينوب عنه ويمر بتكامل مع فعاليات الولاية بالمركز أو دون أن يتكامل معها، لن يفرق في ذلك في شيء طالما الهدف شريف، وهو الوفاء والتقدير ورد الجميل، ثم ما هي الموانع التي تجعل أمين عام صندوق دعم السلام يتفرج على عمل وأعمال هي من مهامه البديهية.
أما إذا كانت المسألة متعلقة بمبادرة النظام الأهلي بالخرطوم وفعالياته الذكية فمبادرته مع الحركة الشعبية بشأن ملف السلام الاجتماعي والخطوات المتقدمة التي أشار إليها بموافقة الجهات المختصة والسيد عبد العزيز الحلو فما المانع أن تقابل تلك الإدارة الرئيس مباشرة أو بمفردها، أما إذا رأت أن من الضرورة بمكان إشراك الفعاليات بالمركز فلماذا لم يتم تنويرهم وترتيبات الأوضاع قبل إقحامهم ديكوراً سياسياً، بتجميعهم لساعات طوال بأروقة قاعة الشهيد الزبير للمؤتمر ثم نقلهم إلى حيث اللقاء، ثم ما الجديد والمتجدد الذي يرمي إليه زعماء المنصة وبرنامج اللقاء وقد عرفناهم بأنهم لم يفعلوا ذلك وهم في قمة المسئولية.
 ومثل هذا اللقاء يشكل مؤشراً خطيراً حتى على طبيعة إنفاذ الوعد بشأن الحوار المستقبلي المتجدد.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق