السبت, 09 مارس 2019 03:11 مساءً 0 266 0
قصة قصيرة
قصة قصيرة

الطريق إلى جنوب الوادي ...

الهادي عزالدين

شعرت القطرة ذات البشرة السمراء بغربة في المحيط الكبير، بين الموجات المتلاطمة بعد عبور معبر العبور، الذي فشل فيه أصحابه من العبور ذات يوم ؟ ، بحثت القطرة عن صديقتها الموجة التي صحبتها من جنوب الوادي ، للحنين إليه .. ، لأن أيادي خفية صارت تنازعه بخفاء ، وخوفاً من دولة عاشرة تخنق التسع دول الباقية من حلقوم النيل ، ظهرت الموجة فجأة من حطام السفن المتلاطمة والمتناثرة ، وقد بدأ عليها الإرهاق والتعب الشديد ، وما أن رأت القطرة الصغيرة الموجة ، قفزت فرحة إلى صدرها وهي تبكي ، سألتها الموجة : ما بك يا صغيرتي ؟ ثم ربتت على كتفها وأضافت : هدئي من روعك حبيبتي ، ثم نظرت إليها وقبلتها بين يديها ، وقالت : أنظري للونك لقد صار شاحباً ، وجسدك أيضاً لم يسلم من النحول ، بسبب هذيانك طيلة الليل أثناء هدوء البحر ، أعرف شوقك الزائد لمياه النيل ، وفقدانك للأصدقاء والأحبة ،أنا مثلك أفتقدهم ،أنزلت الموجة القطرة من صفحتها ، بعد ما تسلل النُعاس إلى عينيها ، ووضعتها بهدوء على حجرها ، ثم مسحت بأطراف أصابعها الدموع من خدي القطرة ،وهي تهدهدها ، ثم قالت لها : بعد غروب شمس هذا اليوم ... سنشد الرحال إلى جنوب الوادي ، ما أن سمعت القطرة هذا الكلام ، لا بل قبل أن تكمل الموجة جملتها ، إنكمشت فرحة ، ثم قفزت بسعادة وقبلت الموجة ، ومن ثم أفلتت من بين يدي الموجة لداخل المياه ، تضحك وتصفق وتصفق .
ضحكت الموجة وهي تمشط شعرها ، وتدهنه بدهن بحري ، مستلقة على جانبها الأيسر ، أخذت من شنطة يدها ، صباع الروج الوردي ، وبمرآة صغيرة لونت شفتيها المُتعبتين ،  ذلك عندما رأت السرور على وجه القطرة الصغيرة  ، وراحت تحزم حقائبها التي قبلتها كهدية من صديقات عابرات لضفاف وأماكن مجهولة .
وقفت بجوار الموجة ، موجة ضخمة في غاية الضخامة ، بعينين خضراوين وبشرة بيضاء ، تفوح منها رائحة خنزيرية قذرة ، قالت الموجة الضخمة للموجة : حكت لي جدتي أن في القرن الحادي عشر ، عندما هاجم الموج الأتي من المحيطات البعيدة ، أمواج الخليج العربي ، وفي وآدي نهر الرآين بالتحديد ، زعموا بانه يجب أن يطهروا بلادهم ، من أي أمواج غريبة ، تبشرهم ببشارة قد تكون مشكلة لهم ، مع أن في القرن العاشر ، هاجمت موجات ضخام أمواج البحار الشرقية ؟! أنهت القطرة الصغيرة اللعب مع قطرات صغار في مثل سنها ، ثم ودعتهم بدموع حارة ، وأعطتهم رقم هاتفها البحري ، وأشارت لهم بيدها الصغيرة مودعة ، وهي تصعد على ظهر الموجة ، قبل أن تطلع الشمس في كبد السماء ، وصلت الموجة بالرغم من العناء الشديد ، الذي قابلته أثناء تعلقها في لسان النيل المتدفق بسخاء على المالح ، ثم وضعت القطرة النائمة فوق ربوة صغيرة ، علها تجد قسطاً من الراحة والأستجمام ، قبل غروب الشمس ، أبحرت الموجة وعلى ظهرها تشبثت القطرة ، إلى أن جلست فوق كتفي الموجة ، وأشارت بسبابتها إلى البنايات العالية ، بعد ما أستمعت الموجة لتعليق القطرة ، قالت لها : هنا يبدأ نهر رشيد ، أما الأخر فهو فرع دمياط ، تشبثت الموجة حول عنق الموجة ، وأخذت ترفس برجليها الصغيرتين إلى داخل جوف المياه ، ، بينما ظلت الموجة تقاوم التيار القوي الآتي من جنوب الوادي ، أخرجت الموجة رأسها ، ونفضت شعرها الأسود الفاحم المفلت على ظهرها ، وقالت للقطرة : هذه بحيرة النوبة ، أنظري لهذه المئذنة الغارقة ، هي لمسجد أغرقه بناء السد العالي ، غاصت الموجة في أعماق البحر ، وطافت بالقطرة حول المكان داخل المسجد الغارق . وعند وصول الموجة وعلى ظهرها القطرة ، لملتقى النيلين ، قفزت القطرة من ظهرها ، وأخذت تحف بيديها الصغيرتين الماء وترشه في وجه الموجة ، كان الصباح قد ملأ صفحة البحر وزادها ألقاً وبهاءً ، وطارت العصافير من أشجار غابة السُنط ، وواصلت الموجة طريقها إلى بحيرة فكتوريا ، وجلست القطرة على حافة جزيرة ((دكين )) ، تضرب بقدميها الصغيرتين أمواج النهر العذب ، وقالت للموجة وهي تغطي فخذيها : لن أبارح هذا المكان الجميل ، ولا أهل هذه البلدة .

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق