الصادق المقلي
{ الناس في المؤتمر الوطني والحكومة والخبراء وأهل الاختصاص ظلوا طيلة السنوات الخمس الماضية بيعملوا brainstorming لحلحلة هذه التعقيدات واقترحوا مئات الحلول وكلها لم تفلح ﻻن معظم الخيوط في أيد أخرى .
أعلاه كلام محدثي من شيوخ الإسلاميين. وأدناه ردى ..
مساء الخير شيخ احمد...انا أرى أن جذور مشاكل قيادة الإنقاذ ترجع لسنى حكمها الأولى... حتى الرسالة المحمدية طاب بها المقام بعد ٢٣ عاما.. و التدرج.هو سنة الله في خلقه.. فالله سبحانه وتعالي عندما تحدث عن خلق السماوات والأرض قال في ستة أيام ثم استوى على العرش وهو العلى القدير أن قال لشيء كن فسيكون وعندما تحدث عن مولد الإنسان تحدث عن التدرج فى نشأته من نطفة حتى كسا عظامه لحما...حتى الغزوات والفتوحات كان بمقدوره سبحانه وتعالى أن ينتصر في جميعها المسلمون لكن أراد الله ان يبتلى رسوله و صحبه فمنهم من يكتب له الشهادة في النصر والهزيمة ومنهم من ينتصر للرسالة المحمدية... أسوق هذه المقدمة لأخلص إلى أن جذور المشكلة نبتت منذ الشهور الأولى من ميلاد الإنقاذ.. لم يقتدوا بنهج التدرج في الحكم كما فعل الغنوشى و اردوغان.. الجماعة زى ما بقولو بالدارجى.... (قاموا طوالي بنمرة خمسه.) .. وليتهم أطالوا أسلوب التمويه الذي أطلوا به على الشعب السوداني والذى تبدى منذ الوهلة الأولى في تشكيل مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء والتمويه على شاكلة ... ذهبت للسجن حبيسا واذهب إلى القصر رئيسا.... ليتهم أطالوا عمر هذا التمويه.. لكنهم على خلاف ذلك بدلا من ان ينكفئوا على الداخل ويحصروا جهدهم في معالجة الأخطاء التى كما زعموا في بيانهم الأول ورثوها من الأحزاب.. زجوا بالبلاد في علاقات مع تنظيمات عربيه و إسلامية وشخصيات مثيرة الجدل عالميا في بلدان عربية وإسلامية.. بل تعدت هذا الفضاء بمقدم كارلوس السودان... وكان المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي... وكانت الشعارات الاستفزازية على شاكلة.... أمريكا روسيا قد دنا عذابها... وغيرها من الشعارات والمواقف فألبوا على السودان كثير من الدول واستغرقوا عشرات السنين لتطبيع خجول معها... ثم صوروا الحرب في الجنوب وكأنها حرب بين المسلمين والمسيحيين في نظر العالم الخارجي وكانت وقتها نسبة المسلمين تفوق بكثير نسبة المسيحيين.. فالجنوب المسيحية فيه الأقلية من الصفوة وغالب أهله وثنيون... ثم ساهمت مشكلة دارفور وإصرار النظام على حلها أمنيا وعسكريا الى إطالة أمدها من جهة وتسببت في المقاطعة الاقتصادية الأحادية بجانب سياسة الإقصاء وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان.. بل واخطر من ذلك اتهام النظام بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى أوصلته إلى لاهاى وإلى صدور عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن تحت الفصل السابع وإلى منصة حقوق الإنسان في جنيف.. فضلا عن مقاطعة الدول الأوربية والمؤسسات المالية والمانحة الدولية والإقليمية... وانتهى ألمطاف بزج السودان في تحالفات إقليمية متناقضة ومتقاطه فهو فى عاصفة الحزم مدافعا عن السعودية وقاطعا علاقاته مع إيران ومع قطر وتركيا ومناورات عسكرية مشتركة وتسليم تركيا موطئ قدم على البحر الأحمر وعلى مرمى حجر من مياه السعودية الإقليمية .. فهو لا حصد عنب اليمن ولا بترودلار الخليج ... وزاد الإسلاميون الطين بلة ان تنكروا لشعاراتهم الدينية التى كانت تهدف إلى إنزال قيم السماء إلى الأرض كما يقولون ... لكن غرتهم الحياة الدنيا وجعلوا للكثير من قادتهم عرضة لتهمة الفساد والاستبداد والتفوه بعبارات استفزازية وعنتريات على شاكلة لحس الكوع وقطع الرؤوس وترهيب كتائب الظل. ابعد ما تكون عن حصافة السياسة وبعد ثلاثين عاما يظهرون للناس وكأنهم في سنة اولى سياسة.... ولذا ادخلوا البلاد في نفق مظلم يصعب عليهم عبوره... ان لم تكن هناك مراجعات صادقة وإرادة سياسية يقفون فيها على مواطن الخلل ومعالجة متطلبات هذا الحراك السياسي الذي انتظم البلاد لاسيما وان وقوده هؤلاء الشباب العزل والمغلوبين على أمرهم والذين رؤوا النور أبان حقبة الإنقاذ.
{ والله كل هذا صحيح مائة بالمائة .. ما المخرج الآن اخذين في الاعتبار أن الحراك الحالي لن يستطيع أن يقتلع النظام من جذوره ويرمي به في البحر
هكذا واصل محدثي الكلام وأدناه مواصلة لردى.
صباح الخير شيخ احمد.. المشكلة ان النظام أسس وبنى ورسخ دولة عميقة.. أخذت بتلابيب كافة مفاصل الدولة.. سياسيا عن طريق إضعاف الأحزاب التقليدية وشرذمتها...احكم قبضته الأمنية... شل تماما النقابات بمسماها التقليدي..اخترق منظمات المجتمع المدني من ولاء كافة المنظمات الفئوية مثل الشباب والمرأة والطلاب. كسب حوله مئات الآلاف من المصلحجية الذين تواروا تماما إبان الاحتجاجات الحالية .. يتحدثون عن ستة مليون عضو للمؤتمر الوطنى وعندما تم حرق دارهم بعطبرة حيث انطلقت الاحتجاجات لم يدافعوا عن حرق اكثر من ٣٠ دارا في مختلف المدن.. يظهرون فقط في الحشود المصطنعة التصفيق للسيد الرئيس وأيضا عند الانتخابات... انتخابات الثقة فيها مفقودة وهى أشبه بما يسمى بالإجماع السكوتى والفوز بالتزكية لولا عطية المؤتمر الوطني لبعض من أحزاب الفكة وحزب تقليدي في دوائر لا تؤثر على الأغلبية الميكانيكية التى جعلت مهمة البرلمان البصمة فقط على قوانين او قرارات حتى و لو كانت ضد المصلحة العامة او معاش الناس.... دولة عميقة اقتصاديا حيث لا مجال لأى شخص لتولى إدارة اى مؤسسة مصرفية او مالية في القطاع العام... بدعة وجود مئات الشركات شبه الحكومية التى تعمل بمعزل عن ولاية المالية للمال العام وبعيده عن المظلة الجمركية والضرائبية والمحاسبية... شركات تابعة للحزب الحاكم.. وكل القوات النظامية... فشل في محاربة الفساد وابتدع ما يسمى بالتحلل والتسوية لسارقى المال العام ممن أسماهم السيد الرئيس بالقطط السمان .. تسوية المواطن العادي دافع الضرائب لا يعرف خفاياها ولا تفاصيلها...خير مثال تسوية فساد النائب البرلمانى ... الذى من المفترض أن يكون حاميا للمال العام... لكن كان حاميه حراميه ... تسوية بخمس مليون دولار وتنازل عن أسهمه في مصنع اسمنت... فكم يا ترى كانت جملة المبلغ المنهوب... ورجل أعمال اخر كانت تسويته ب 150 مليار جنيه دون أن يكشف احد النقاب عن حجم المبلغ موضوع التسوية ... ؟؟؟ شركات اندثرت بفعلها تماما ما كان يعرف في السابق براس المال الوطني... دولة عميقة تمثلت في إنشاء قوات نظامية موازية للقوات والأجهزة الأمنية التقليدية... يعمل بعضها في العلن كقوات الدعم السريع وكتائب شيخ علي ... فضلا عن حصر التوظيف في كافة القوات النظامية خاصة العسكرية والأمنية محددا فقط في أصحاب الولاء للنظام... سقت هذه الخلفية بالحديث عما أسميته بالدولة العميقة لكي أحاول الإجابة على سؤال عن المخرج... الدولة العميقة خلقت أمرا واقعا جعلت القيادة على مستوى الحكومة والحزب يعزفون على فزاعة ما آلت إليه دول الربيع العربي من مصير بائس... ولسان حالهم يقول .. ( الإنقاذ أو الطوفان) .. لكن والحال هكذا اننى أرى المخرج بسيط ان توفرت الإرادة السياسية.... جنرالات ظل يعنى موالين او متعاطفين مع قيادة الإنقاذ.. يقودون انقلاب قصر.. وليس انقلاب عسكري بمعناه المعروف ... يوفر مخرجا آمنا للقيادة على مستوى الحكومة والحزب... عسكر على غرار جنرالات عبود... يحلون كافة المؤسسات الدستورية التنفيذية والتشريعية على مستوى المركز والولايات... تشكيل حكومة رشيقة من خبراء تكنوقراط ليست لهم اى خلفية سياسية... لفترة انتقالية لا تقل عن ٥ سنوات.. إطلاق الحريات العامة.. حرية التعبير والتنظيمات والتنقل وانتخاب حر للنقابات ومنظمات المجتمع المدني... تهيئه المناخ والموارد المالية للأحزاب لتنظيم نفسها وإجراء حوار جاد وبمصداقية بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى للتمهيد لمؤتم قومي دستوري يتوافق عليه الجميع لوضع دستور دائم وترتيبات إجرائية وقانونيه لإجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة ومراقبة محليا وإقليميا ودوليا.. العمل على تولى إدارة المؤسسات المالية والتجارية الحكومية وشبه الحكومية بأشخاص مهنيين دون أى خلفية سياسية على رأسها... فضلا عن إخضاع كافة هذهِ المؤسسات لولاية المالية على المال العام والمظلات الضريبية والجمركية وإخضاعها المحاسبية والمراجعة العامة... ان تشرع الحكومة الانتقالية في إجراء مفاوضات مع المؤسسات الدولية المانحة والقارضة في سبيل انهاء مقاطعتها للسودان وكذا الولايات المتحدة لوضع حد للمقاطعة وإزالة السودان من قائمة الإرهاب..مراجعة علاقاتنا مع دول الخليج بسياسة خارجية تقف مع الجميع على مسافة واحده. . وضرورة حوار في الداخل مع حاملى السلاح لوضع حد الاحتراب الذى بدد موارد الدولة... وإرساء دولة القانون والمحاسبة من خلال محاكم عادلة ونزيهة لكل من تحوم حوله تهمة الفساد... وضع قوانين مشجعة للاستثمار والمستثمرين وطنيين وأجانب وتوفير المناخ المناسب للإنتاج والإنتاجية والتنمية المتوازنة والتركيز على توفير القيمة المضافة لكافة منتجاتنا الزراعية والصناعية...
هذا ما عن لى.... وهذا هو المخرج كما أراه...
والله المستعان