عندما تخوض (الجميلة ) .. غمار السياسة
الخرطوم : أمين محمد الأمين
تزعم كل المكونات السياسية السودانية حاكمة ومعارضة ومنظمات مجتمع مدني على حد سواء على أن الأوضاع المحتقنة في البلاد تقتضي البحث عن مخارج وطنية عبر وسائل سياسية ينتجها حوار وطني شامل تساهم فيه جهة ذات مصداقية وموضوعية ومقبولة لدى معظم القوى السياسية بدلاً من الصراعات التي لا نهاية لها ، غير أن بعض القوى السياسية تؤكد أن الحل الأمثل هو إسقاط النظام لخروج البلاد من أزماتها الإقتصادية والسياسية وغيرها.
خطاب الوثبة
وقد أعلن البشير في وقت سابق في خطابه المشهور ( الوثبة ) عن حوار وطني يشمل كل القوى السياسية ودعوتهم للجلوس للتحاور والتوافق وبالفعل لبت معظم القوى السياسية الموجودة في الداخل وبعض القوى في الخارج غير أن بعض القوي السياسية رفضت الحوار نسبة لعدم توفر بعض الشروط التي ترى أنها من أحقية الحوار ، وإستمرار الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية إلى أن وصل مرحلة المخرجات بتوافق جميع القوى السياسية والتي أفضت إلى تكوين حكومة وفاق وطني لتنفيذ توصيات الحوار الوطني ، لكن يبدو أن حكومة الوفاق فشلت في أحداث تغيرات ملموسة تساعد في عجلة الإقتصاد وتوفر مخرج لأزمات البلاد السياسية.
خلفية الإحتجاج
وفي 19 ديسمبر خرجت مظاهرات كثيفة تعد الأولي من نوعها منذ تولي الإنقاذ زمام الحكم في العام 1989م ونددت المظاهرات بإسقاط النظام على خلفية إستمرار الضائقة الإقتصادية التي يعيشها المواطن وتزداد يوماً بعد آخر ، وإستمرت المظاهرات والإحتجاجات التي يقودها تجمع المهنيين في السودان ما يقارب الشهرين مما جعل رئيس الجمهور في خطابه منذ نحو ثلاثة أسابيع بحل حكومة الوفاق الوطني وإعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام ، إلا أن البرلمان السوداني في جلسته قبل أيام أجاز الطوارئ لكن لمدة ستة أشهر على أن تزيد حال عدم إستمرار الأوضاع .
مبادرة الجامعة
وفي وقت سابق أعلنت طائفة من أساتذة جامعة الخرطوم مبادرة في يناير المنصرم الشهر الماضي لمعالجة الأزمة السياسية الراهنة في السودان، وتجاوز عدد الموقعين عليها الخمسمائة من الجامعة ومن خارجها وقد شملت مقترحات لإنتقال سلمي للسلطة. وكان ما إقترحته المذكرة بناء هيكل إنتقالي يقود البلاد نحو التحول الديمقراطي و تم تحديد بعض ملامحه (مجلس رئاسي يعين حكومة) ومدته ( أربع سنوات )، وبعض سياساته (إجراءات العدالة الإنتقالية ومحاربة الفساد، وتوقيت بعض المراحل الإنتخابية).
منبر السياسات
وتعتبر جامعة الخرطوم من المؤسسات العلمية الرائدة وهي من الجامعات العريقة في إفريقيا والعالم العربي ،كما أنها لعبت وما زالت تلعب دوراً مهماً في مجال العلم والمعرفة والخبرة المتنوعة والمتراكمة وزودت بعض البلاد الشقيقة والصديقة بالخبرات والكفاءات التي ساهمت بقدر كبير في دفع عجلة التقدم و الإزدهار في تلك البلاد.وأنشأت جامعة الخرطوم منبراً أسمته بـ( منبر الحوار الوطني والسياسات ) وكان آنذاك برئاسة مدير الجامعة البروفيسورالصديق أحمد المصطفى الشيخ حياتي حيث إختارت عضويته من خبرات الجامعة في المجالات التخصصية المختلفة ومن ألوان الطيف المختلفة ( مديرو جامعات سابقون، خبراء في الإقتصاد وعلم الإجتماع والأجناس والإحصاء والإدارة والتخطيط والعلوم السياسية وفنون الحوار وفض النزاعات والإعلام والقانون ووضع الدساتير والمواثيق) ويتناول أعضاء المنبر المواضيع التي تهم الوطن والمواطن بموضوعية وعلمية.
الترحيب بالمبادرة
وبحسب إفادات وأردة من الرئاسة السودانية عن ترحيب الرئيس البشير بالمبادرة التي دفعت بها جامعة الخرطوم عبر منبر الحوار والسياسات والخاصة بالوضع الراهن الذي تعيشه البلاد وأشاد رئيس الجمهورية لدي لقائه بمكتبه بالقصر الجمهوري وفداً من أساتذة جامعة الخرطوم بالدور الأصيل الذي تضطلع به الجامعة حيال القضايا والمستجدات .وقال رئيس منبر الحوار والسياسات بجامعة الخرطوم البروفيسور عبد الملك محمد عبد الرحمن إن المنبر يتطلع بدراسة المستجدات التي تجابه البلاد ووضع الحلول لها ، وأعلن عن إستعداد جامعة الخرطوم وضمن مسؤوليتها الوطنية التفاعل مع كل القضايا ووضع رؤيتها لإستقرار البلاد سياسياً واقتصاديا
وأشار بروفيسير الطيب زين العابدين الأستاذ المحاضر بجامعة الخرطوم في إفاده لـ (أخبار اليوم ) ، ما تقوم به جامعة الخرطوم شئ طبيعي حيث أن من مسؤوليات المؤسسات الأكاديمية الوقوف علي تطورات كل ما يحيط بالدولة سياسياً واقتصادياً وإجتماعيا ، ومترتبات التغييرات التي قد تحدث.
ويضيف زين العابدين مبادرة جامعة الخرطوم بأنها إستشعار بالمسؤولية نحو ما يمر به السودان من أزمات ومحاولة تجميع مجموعة الرؤى والأبحاث والدراسات للخروج بنتائج من شأنها تسهم في توفير حلول عملية تعمل علي إقامة دولة فاعلة ومنتجة وفقاً للنهج العملي بإعتبار من يقود تلك المبادرة عدد من أساتذة الجامعة في مختلف مشارب المعرفة الأكاديمية ولهم باع كبير بالوقوف علي تجارب الآخرين ما يعني تشريح الأزمة وتوفير العلاج.