الثلاثاء, 16 ابرايل 2019 03:15 مساءً 0 299 0
الشارع السوداني لا حديث يعلو... فوق حديث الثورة والسياسة
الشارع السوداني  لا حديث يعلو... فوق حديث الثورة والسياسة

الخرطوم: الهضيبي يس
نعم، حدث تغيير في السودان بفعل ضغط الشارع الذي ضاق ذرعاً من سياسات الرئيس السابق عمر البشير لنحو ثلاثين عاماً، ليثور المواطنون في وجه الحاكم.
الثورة السودانية التي قلبت الطاولة على نظام الرئيس البشير أفرزت بدورها مجموعة من المتغيرات على مستوى المشهد السياسي والاجتماعي الداخلي والخارجي في مجمل المواقف والقراءات.
ولكن من مفارقات القدر تنفس الشعب لنسمات (الحرية) بل والحديث كل وفقاً لقراءته لتلك المتغيرات السياسية ما بين مصدق لما حدث وآخر مندهش بأن الرئيس غادر السلطة بعد حكم امتد لثلاثة عقود.
وليس هناك حديث شاغل في كافة شوارع وأزقة ومقاهي العاصمة (الخرطوم) وسط المواطنين سوى ما حدث والأسباب  وراء تخلي الرئيس السابق عمر البشير عن السلطة وتسلم قياده الجيش لزمام الأمر ومستقبل الدولة الذي أضحت تتقاذفه الأمواج ما بين القوى السياسية والمجلس العسكري الانتقالي.
كذلك مدى وجود سيناريو خارجي رسم بغرض إحداث هذا التغيير في ظل عدد من التقاطعات الإقليمية والدولية والمصالح المشتركة التي تجمع بعض البلدان فيما بينها، ومساعي الحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة.
حديث العامة هنا في الخرطوم وعدد من المدن السودانية والذي يكاد يصب جله في العوامل السياسية والدوافع التي قام على أثرها ذلك التغيير وتحليل ما يرد بصفة يومية من بيانات ونداءات وقرارات على لسان قادة المجلس العسكري ربما هو من الأسباب التي استدعت هذا القدر الكبير من الشارع السوداني للحديث عن السياسة.
البعض عزا ارتفاع وتيرة الاهتمام السياسي إلى الإحساس بطعم (الحرية)  ففي السابق كان من الصعب التحدث عن قضايا من شبيه «الفساد» وأموال الدولة دون أي قيود وعلى قارعة الطريق كما يفعل الناس الآن.
أيضاً أرجع البعض الآخر الولع والاهتمام البالغ إلى مخاوف المواطن السوداني من مستقبل غير معلوم، بعد نجاح الثورة في اقتلاع نظام الرئيس البشير والإجابة عن سؤال كيفية الحفاظ على ذلك النجاح في ظل خلافات بدأت تظهر على السطح بين القوى السياسية ومكونات التحالفات بالبلاد.
حديث السودانيين عن السياسية ومصير بلادهم هناك من يعزيه إلى حصافة وثقافة الشخصية السودانية والرغبة في معرفه كل شيء وما يدور حوله، فما بالك بمتغيرات أطاحت بنظام امتد لما يقارب الثلاثين عاماً.
العاصمة الخرطوم التي تمثل ثقل المركز السكاني والخدمات ومؤسسات الدولة والدواوين الحكومية ليس لها شغل أو حديث غير مصير الرئيس البشير وقيادات الحزب الحاكم المؤتمر الوطني عقب إلقاء القبض على جلهم والزج بهم في (الزنازين).
هناك من يدعو بنبرة ناقمة إلى محاسبة الجميع دون استثناء، بينما يطالب الآخر بنصب محاكم في العلن يسأل فيها رموز النظام السابق حول أموال الشعب والخزينة العامة.
مطالب الشارع لم تكن بعيدة عن القوى السياسية التي تمثل وسيلة الضغط على السلطة الانتقالية الموجودة بالبلاد، تحالف الحرية والتغيير لطالما طرق على مطلب حل جهاز الأمن والمخابرات الوطني وإعادة الهيكلة وإعفاء كل من النائب العام وعدد من المؤسسات الأخرى، وقطعا ًلن يتسنى تنفيذ ما سبق دون حكومة انتقالية مدنية.
ويعتبر مراقبون للمشهد السياسي السوداني أن ما يحدث هو جزء من عملية رفع الوعي وسط المواطنين ما قد يسهم بشكل مباشر في معرفة الأسس الحقيقية للحقوق والواجبات والقوانين.
 ووفقاً لحديث المراقب السياسي والمحاضر الجامعي عثمان جاد كريم لـ(أخبار اليوم) فإن مكتسبات الشارع السوداني ودوافع الحديث بصفة لازمة حول شؤون وقضايا وأبعاد السياسية ما هو إلا نتيجة مباشرة لحجم الضغط الذي كان يعيش فيه السودانيون طيلة الفترة الماضية.
ما دفع كل شخص للتفكير وفقاً لمستوى تعليمه وقراءة معطيات الحاضر والتنبؤ بواقع أفضل مما كان فيه مستقبلاً، وأردف بالقول «هناك قدر من الهواجس والمخاوف ما تزال تسيطر على نفوس المواطنين بأن بقايا النظام ربما تكون موجودة وهي قادرة على فعل ما يستوجب التحسب له» وهو ما يظهر للعيان الآن في الطرقات والأسواق ومواقف المواصلات ومرافق الدولة بسبب معايشة مجموعة من السلوكيات التي ارتبطت بالنظام السابق؛ لذا على السلطة الموجودة الآن من المجلس العسكري الانتقالي معالجة ما ذكر سابقاً عبر قرارات صارمة على أن تحرس بالتنفيذ والفعل الواعي لطمأنة المواطن.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق