الثلاثاء, 23 ابرايل 2019 02:30 مساءً 0 340 0
نقـطـــة نـظـام
نقـطـــة نـظـام

السودان الجديد الذي نريد  

{ بنقطة النظام التي كتبناها بعدد الأربعاء الماضي، من خارج السودان حيث حتمت ظروف خاصة ملحة وجودنا هنا لبضع أيام أخرى، وكنا نتمنى أن نكون داخل الوطن العزيز لمتابعة ما يجرى من تحول حقيقي وتغيير جذري في كافة مناحي الحياة.
{ أشرنا إلى أننا ظللنا طوال السنوات الماضية ، عبر هذه المساحة ندعو وبصورة راتبة ومستمرة، إلى توحيد أبناء السودان  بمختلف توجهاتهم السياسية، والجهوية، على كلمة سواء،
{ وعندما أحسسنا بأننا نصرف  كلاما كثيرا، بلا فائدة وآذان صاغية ، من الحاكمين والمعارضين، توقفنا عن الكتابة اليومية لهذا العمود الصحفي  الذي يفوق عمره الثلاثة وثلاثين عاما، حيث بدأنا كتابته بصحيفة الأسبوع أبان عهد الديمقراطية الثالثة، منذ ١٩٨٦.
{ وأخذنا نكتبه من حين لآخر، كلما لاح أفق، أو حتى ضوء خافت في نهاية نفق مظلم، يمكن أن يجمع أهل السودان على كلمة سواء، وعندما اندلعت الثورة الشبابية العارمة يوم ١٩ ديسمبر كنت يومها بمكة المكرمة، لحضور مؤتمر بدعوة من رابطة العالم الإسلامي، وعدت يوم ٢٢ وكانت الاحتجاجات الشعبية في أوجها، وتمت دعوتنا يومها لاجتماع كرؤساء تحرير صحف مع رئيس الوزراء الأسبق السيد معتز موسى، وعندما أتيحت لي الفرصة تحدثت حديثا صريحا جدا، قلت فيه أن ما يجرى بالشارع حراك شعبي مبرر جدا، فلقد ضاقت الحياة بالناس، واقتصاد البلد انهار تماما، وعملته الوطنية تلاشت قيمتها ، وأننا يجب أن لا نستهين أبدا بما يجرى، وان هذه التظاهرات لن تتوقف أبدا حتى تحقق أهدافها، ويجب على الحكومة أن لا تخدع نفسها بأن هذه مؤامرة شيوعية أو بعثية، بل عليها أن تحاور مباشرة هذا الشباب المتجرد والثائر مباشرة.
{ أردت بهذه المقدمة أن أقول، بأن هذه الثورة، هي ثورة شبابية بكل المقاييس، والشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، ولقد اكتووا بنار المعاناة مرتين، مرة في أنفسهم، وفرص العمل تضيق عليهم لدرجة العدم، والمرة الثانية وهم يعايشون المعاناة المعيشية، والغلاء الطاحن، والانفلات غير المسبوق للأسعار على رأس كل ساعة، وبدون أية مبالغة مع أسرهم، وهم يتابعون بأسى وحرقة وبدون قدرة على المساعدة معاناة أبائهم وأمهاتهم ، ومكابدتهم لظروف الحياة المعيشية  الضاغطة، والمعادلة المستحيلة بين الدخول والمنصرفات.
{ نقطة النظام الأولى: لا يمكن أن يختلف اثنان حول نجاح هذه الثورة الشبابية، بمساندة غالب أهل السودان وإرادتهم، وهى ثورة فى مفهومنا  تهدف لإعادة ترتيب الأوضاع بالسودان، ورد كافة الحقوق فى مختلف المجالات لجميع أهل السودان، وبسط الحريات العامة لجميع أهل السودان وفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون.
{ وهذا لا يمكن ان يتحقق أبدا إذا اخذ كل واحد منا القانون بيده، او حاولت أية مجموعة او حزب او حركة، أن يصنف الناس ويحاكمهم بعيدا عن القانون والقضاء.
{ ونعم، نعم ونعم ، نكررها ثلاث مرات للمسائلات  والمحاسبات والمحاكمات لكل من ارتكب جرما او امتدت يده لمال عام، حتى لو كان قرشا واحدا، ولكن ينبغي أن يتم ذلك عبر القانون والأجهزة العدلية بعد إعادة ترتيبها وتنظيمها بواسطة الحكومة المدنية الانتقالية، التي ينبغي وكما قلنا بنقطة النظام السابقة ان تكون حكومة كفاءات حقيقية بعيدا عن الانتماءات  والمحاصصات الحزبية ، التي أوصلت البلاد للمهالك، على مدى الأنظمة السابقة وأخرها نظام الإنقاذ السابق والذي أطاحت به الثورة الشبابية بعد انحياز القوات المسلحة والنظامية والدعم السريع لها.
{ نقطة النظام الثانية: لقد سبق أن قلت مرارا عبر هذه المساحة، وعبر قنوات فضائية ، إبان عهد النظام السابق، ان المواطن كلما أصبح يوم جديد، يجد أمواله وهى داخل جيبه ، فى تناقص  على مدار اليوم حتى وصلت قيمه الدولار الواحد لمائة ألف جنيه بالقديم، وها هي الصورة تنقلب تماما بعد الثورة الشبابية، وقد بدأت ترتد العافية للجنيه السوداني، وهذا في حد ذاته انجاز كبير،يجب أن نحافظ عليه.
{ وهذا أول الغيث وبداية تخفيف المعاناة على الناس.
{ نقطة النظام الثالثة: لا يمكن  أن يختلف اثنان أبدا، في أن المرحلة التي تمر بها بلادنا مرحلة دقيقة، تحيط بها الكثير من المخاطر، وان المطلوب منا ان نساند قواتنا المسلحة والنظامية والدعم السريع، لكي تحافظ على أمن الوطن والمواطنين، وان لا نعمل على هز هيبتها  أو ننتقص من قدرها، وفى ذات الوقت فإن المطلوب من قواتنا هو الالتزام الصارم والمنحاز  لرغبات المواطنين، بتشكيل حكومة مدنية تسلم لها خلال الفترة الانتقالية كامل السلطة التنفيذية وان يتم اختيار هذه الحكومة بواسطة القوى السياسية ، وان يتم تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي بواسطة معايير تتفق عليها القوى السياسية، من اجل إعداد البلاد لانتخابات حقيقية بعد نهاية الفترة الانتقالية.
ونواصل

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق