الأحد, 28 ابرايل 2019 01:47 مساءً 0 319 0
لسكك الحديدية...استعادة العافية
لسكك الحديدية...استعادة العافية

بقلم د.رمضان عبد الجليل أحمد خليل

شهد القرن التاسع عشر مد بعض الخطوط الحديدية في السودان، وقد تم مدها في مرحلتين، كانت الأولى في الفترة 1899- 1930 وتضمنت امتداد الخطوط الحديدية (حلفا - بورتسودان) كي توغل في مساحات من السودان الأوسط بصفة خاصة؛ وتخدم أهداف التنمية الزراعية في الجزيرة والقاش والبطانة، وتم مد الخط الحديد (هيا – كسلا) عام  1924بغرض دعم التنمية الزراعية في دلتا القاش، وتم تمديده عبر البطانة عام 1929 حيث يمر بمدينة القضارف، وقد أتاح هذا الخط ارتباطاً جديداً بين وسط السودان وميناء بورتسودان، كما أدى إلى نمو مجموعة من المدن والقرى على طول امتداده وأهمها مدن الحواتة وقلع النحل والقضارف والشواك، كما تم مد الخط الحديدي إلى كل من الأبيض وكريمة، وكانت المرحلة الثانية بعد الخمسينيات حيث تم مد الخط الحديدي إلى الرصيرص ونيالا وواو وغيرها.
السكك الحديدية تديرها هيئة السكة حديد السودانية، ومركزها مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل، ويمثل الخط الحديدي الذي يخترق الولاية شرياناً لنقل الصادرات والواردات السودانية، وتبدو مساهمته الفعالة في خدمة نقل البضائع والركاب وحركة التجارة أثناء الموسم الرطب خاصة وأن معظم خطوط النقل البري في الولاية كانت معطلة تماماً قبل تنفيذ طريق مدني/ القضارف/ كسلا / بورتسودان والذي تم افتتاحه رسمياً في أبريل 1980، كما أن مد الخطوط الحديدية إلى مناطق الإنتاج الزراعية قد أضافت مساحات جديدة تنتج القطن وبالتالي كانت الزيادة المطردة في حجم التجارة والحمولة التي تسهم السكة الحديدية في نقلها مما أدى إلى الضغط المتزايد ربما كانت أكثر مما تتحمل فبرزت مشكلات تكدس البضائع وتأخير الشحن والتفريغ وغيرها، هذا إضافة إلى أن هناك بعض المشكلات التي لازمت مد الخطوط الحديدية منها أن نظام الحكم الثنائي قد انتخب المقياس 3 قدم و6 بوصات كي تمتد على أساسه كل الخطوط، كما اتبع الأسلوب العسكري في إنشائها وبأدنى النفقات مما لا يتيح فرصةً لتثبيت القضبان تثبيتاً قوياً، وقد تسبب هذا الأسلوب في تعرضها للانجراف بالسيول ومياه الأمطار وبالتالي تعطيل حركة النقل والتجارة، كما أن مد هذه الخطوط منفردة لتعمل في اتجاه واحد يؤدي إلى محدودية تشغيلها حيث إن القطارات أثناء ذهابها وإيابها تتقابل وتتبادل في نفس الخط بين المحطات المنتشرة على طول امتداده ، وتعمل القطارات على هذا الخط بالديزل أو البخار، وتحتوي على عدد من عربات الركاب وعدد آخر من عربات البضائع تخصص لنقل البترول والحيوانات والسيارات وغيرها، وقد استخدمت قطارات الديزل والبخار على ما هي عليه بعد عام 1975 حتى عام 1980 مما أدى إلى توقف معظمها بسبب الأعطاب ونقص الموارد المالية المخصصة لإصلاحها وصيانتها.
ورغم الاهتمام المتزايد بتطوير وسائط النقل إلا أن السكة الحديدية لم تجد هذا الاهتمام حيث جل الاهتمام بوسائط النقل البري (الشاحنات وخلافها)، ورغم إيجابيات وسائط النقل البري المتمثلة في أنه يستغرق وقت أقل نسبياً، كما يسهل النقل من و إلى المستودعات أو من مواقع الإنتاج فيما لا يبدو ذلك ممكناً في نقل بعض السلع بالسكة الحديدية.
محطات السكة الحديدية وملحقاتها متعطلة تماماً عن أداء عملها، ومرافقها السكنية ومستودعاتها تستغلها الشركات التجارية وغيرها، كما أن الفلنكات التي تعتبر قاعدة لتثبيتها قد أزيلت من أماكنها في مواقع عديدة مما يؤكد القصور والإهمال وتداخل السلطات المختلفة.
من جانب آخر فإن التخطيط المستقبلي والسعي لإعادة السكة الحديدية إلى مجدها وتطويرها يتطلب الدراسة المتأنية لمدى إمكانية استبدال الفلنكات بالأسمنت، كما يجب مراعاة مجاري المياه الموسمية.
وقد أدى تعطيل الخطوط الحديدية إلى مشكلات بيئية اجتماعية واقتصادية وغيرها. حيث هنالك موارد اقتصادية عديدة تتطلب ترحيلها بالسكة الحديدية تحقيقاً لعدة أهداف منها:
 1 - تقليل نفقات الترحيل حيث إن القطار يجر عدداً من عربات نقل البضائع تتراوح ما بين (20 - 22)، ومتوسط حمولة العربة حسب النوع يتراوح بين (30 – 33 طناً، 35-45 طناً)، مما يعني أن الرحلة الواحدة بالسكة الحديدية تنقل أضعاف ما تنقله الشاحنة في الرحلة الواحدة.
2 - توفير وقود أعداد كبيرة من الشاحنات التي تنقل الحمولة نفسها في عدة رحلات.
 3 - تقليل الضغط الناتج عن كثرة عدد الشاحنات على الطرق الرئيسة.
4 - تقليل حوادث المرور الناتجة عن ازدحام الطرق.
5 - تقليل التلوث الناتج عن استخدام أعداد كبيرة من الشاحنات.
6 - تقليل تلف الطرق المعبدة التي تتأثر بكثرة سيارات النقل العابرة عليها وحمولتها المتزايدة.
7 - تقليل نفقات تعبيد الطرق.
8 - تخفيض أسعار بعض المواد الغذائية التي يتم ترحيلها بوسائط النقل البري (الشاحنات وخلافها) من مناطق الإنتاج إلى الخرطوم ثم إعادة ترحيل حصة مناطق الإنتاج من ذات المواد الغذائية (مثل توفير تكاليف نقل السكر ذهاباً وإياباً).
نسأل الله أن تستعيد السكك الحديد عافيتها.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة