الثلاثاء, 20 أغسطس 2019 02:06 مساءً 0 342 0
التوقيع النهائي على الاتفاق.. تداعيات اقتصادية مرتقبة
التوقيع النهائي على الاتفاق.. تداعيات اقتصادية مرتقبة

الخرطوم: ناهد أوشي: هناء حسين

تم التوقيع النهائي على الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وشهده لفيف من الشخصيات المهمة من دول الجوار والدول الصديقة وكافة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي من الشعب السوداني الذي خرج مساء أمس احتفاء بالاتفاق إيذاناً بتشكيل حكومة انتقالية بمواصفات ترضي طموح الشعب وتنهض بالبلاد من وهدتها الاقتصادية وأزماتها السياسية، (أخبار اليوم) أجرت استطلاعاً واسعاً حول تداعيات الاتفاق على المشهد الاقتصادي.

شار الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي إلى أن التوقيع على الوثيقة الدستورية له أثر على الاستقرار الاقتصادي حال نتج عن التوقيع استقرار في الوضع السياسي ولابد أن  يتبعه استقرار اقتصادي، ومن الإيجابيات أنه يفضي إلى تشكيل حكومة يمكن أن تبدأ العمل لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاختناقات التي ظل يعاني منها المواطن في صفوف الخبز والمحروقات  والمواصلات والبنوك والصراف الآلي.
وقال إن كل هذه الاختناقات ضيقت على المواطن وجعلت معيشته ضنكا؛ لذا يساعد الاتفاق في أن يتفرغ مجلس الوزراء لمباشره أعبائه في تخفيف أعباء المعيشة، وتسعى الحكومة لتوفير الدعم اللازم (في المراحل الأولى) للاقتصاد حتى تدور عجلة الاقتصاد ويستطيع أن يوفر احتياجاته من إمكاناته المتوافرة والتي تكفي قارة كاملة وليس (40) مليون نسمة.
وأضاف: كل هذه الأجواء الإيجابية يمكن أن تتحقق إذا لم ينتج عن هذا الاتفاق قلاقل ناتجة عن عدم رضاء قطاعات وفئات كبيرة من الشعب.
وأرجو أن يتم التوافق على وضع مرضٍ حتى يخلق مناخاً سياسياً فيه استقرار يفضي إلى استقرار اقتصادي.
عنق الزجاجة
وأوضح أن وجود عدد من الكفاءات في الحكومة خاصة في المجال الاقتصادي يطمئن بعض الشيء بأن هنالك أملاً في الخروج بالاقتصاد السوداني من عنق الزجاجة إذا استبعدنا تخوفات البعض من  ناحيتين الأولى الهيمنة على المرشحين تأتي من لون سياسي معين وهو اليسار، وهذا يعني أن الوجهة ستكون وجهة معينة والسياسات ستكون ملونة بلون معين. وإذا كان الوطن نصب الأعين بالنسبة للجميع والهدف للخروج به من هذه الضائقة بالتأكيد يمكن تجاوز هذه المحنة الاقتصادية التي يعاني منها السودان. وقال: إذا صدقت تخوفات البعض بأن يتسلل اليسار ويهيمن حيث يقال إن هناك ما لا يقل عن 12 من المرشحين للوزراء ومجلس السيادة من اليسار وهذا يجعل لهم الهيمنة وبالتالي يقود البلاد إلى صراعات أخرى لأن الفئات السياسية الأخرى وهي الأغلبية لن تسكت على وضع كهذا؛ لذا أرجو أن يتعقل الجميع ويضعوا مصلحة الوطن نصب الأعين وأن تكون هي المحك والمعيار للخروج بالبلاد من هذه الضائقة وأن لا يساهموا فيما ترمي إليه الجهات الخارجية من تفتيت السودان إلى دويلات.
الحرية الاقتصادية
وأضاف الخبير الاقتصادي دكتور عزالدين إبراهيم أن الوثيقة بشكل عام تتحدث عن الحريات، ولفت إلى أن المفهوم العام أن الحريات تشمل السياسية، وقال: في رأيي أن الحريات تشمل الحرية الاقتصادية ولا يجوز أن تكون هنالك حرية سياسية ودكتاتورية اقتصادية، بمعنى أن تتدخل الدولة في  معاش الناس وتتحكم فيه، وقال إن الحرية الاقتصادية معروفة في كل العالم وتشمل حرية التنقل والتملك والإقامة وهي حريات مكفولة بالاتفاقات الدولية، وأضاف أن الوثيقة التي تم التوقيع عليها وضعت لخدمة الناس وتطور وتنمية المجتمع لذلك من أهم مهام الدولة والحكومة الجديدة كفالة حق المواطن بتوفير الصحة والتعليم، وقال: ليس بالضرورة أن تقوم الدولة وحدها بذلك، لابد من إشراك القطاع الخاص في إنشاء مدارس وجامعات ومستشفيات خاصة، وشدد على ضرورة توفير الأمن لاستقرار الاقتصاد وقال: (لا يمكن وجود اقتصاد بدون أمن) واستدل على ذلك بمناطق النزاعات التي قال إنها تكاد تكون خرجت من دائرة الإنتاج؛ لذلك لابد من استتباب الأمن وهذا ما نصت عليه الوثيقة الموقعة، وأضاف أن الوثيقة أشارت إلى دور القطاع الخاص في الإنتاج والتنمية، وقال من المبادئ الثابتة أن تترك الحكومة الإنتاج للقطاع الخاص إلا في مواقع يخشى القطاع الخاص الدخول فيها إما لصغر رأس مالها أو لوجود مخاطر كبيرة فيها، ودعا الحكومة القادمة إلى تجنب الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة السابقة بعدم الدخول في منافسات مع القطاع الخاص في مجال الشركات بإنشاء شركات أمنية وامتيازات حكومية وغيرها، وأن تفسح المجال للقطاع الخاص الذي هو أكثر كفاءة وقدرة من الحكومة، وطالب بضرورة  توفير فرص عمل للشباب عبر استثمارات بحوافز للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي بأن يدخلوا في الإنتاج وفتح فرص عمل للشباب المؤهل لمحاربة البطالة في ظل وجود ترهل في القطاع الحكومي، ونادى بأهمية تنويع الاقتصاد السوداني الذي ظل يركز على الزراعة بما يقارب المائة عام، وقال إن الزراعة مقدرتها محدودة على امتصاص العمالة النوعية (بكالريوس ودبلوم) واقترح إنشاء أنشطة اقتصادية تستوعب الكفاءات الموجودة مثل التوسع في مجال التصنيع عبر التفكير في إنشاء جياد (2) للصناعات الكيماوية والأدوية والأسمدة وغيرها، ونبه إلى  قطاع الخدمات الذي اعتبره كنز السودان المهمل، وطالب بضرورة عودة الطيران والنقل البحري إلى سبرته الأولى، وقال: نحن نصرف على النقل البحري مثل صرفنا على استيراد القمح (أكثر من 700 مليون دولار)  ويظل الحديث عن القمح كمشكلة ولا يتم الحديث عن النقل البحري كمشكلة، وقال: لابد من التوسع في عمليات النقل الجوي والبحري والاستفادة من موقع السودان الإستراتيجي كمنطقة عبور للمناطق التي لا يوجد لديها منفذ بحري، بجانب الاستفادة من رسوم الطيران العابر بالأجواء السودانية، إضافة إلى توفير عملات صعبة من رسوم العلاج والتعليم للأجانب خاصة أن الجامعات السودانية أبوابها مفتوحة للطلبة من العالم العربي الذي يعاني من الحروب والمشكلات باعتبار أن السودان منطقة آمنة رغم المشكلات التي تمر بها البلاد، ومن الخدمات التي يجب الاهتمام بها السياحة الأثرية والبرية وجذب تحويلات المغتربين والاستفادة منها.
ترتيب البيت
وأكد الخبير الزراعي فيصل محمد علي أن السودان عانى كثيراً من عدم الاستقرار السياسي منذ الاستقلال والآن كاد أن يستتب، ومن المتوقع أن تبدأ البلاد في مرحلة التعافي الاقتصادي.
وأشار إلى أن التعافي يبدأ بترتيب  البيت الداخلي من خلال إعادة النظر في بعض القوانين المتعلقة بالاقتصاد والإجراءات الاقتصادية غير الراشدة وفتح أبواب التعاون والمشاركة الاقتصادية مع الدول الصديقة والشقيقة وعودة النظام المصرفي للعمل وفق المنظومة المالية الدولية بإزالة الحظر الاقتصادي الأميركي ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفوق هذا إعادة هيكلة النظام المالي والمصرفي بالسودان في جسمه، على أن تتولى الدولة دعم البنية التحتية فهذا أول الأمر بداهة لانطلاق نهضة زراعية حقيقية بالزراعة والتعدين باعتبارهما منفذين سريعين للتعافي الاقتصادي مع قطع دابر الفساد والمفسدين.
انخفاض الدولار
وقال الخبير الاقتصادي دكتور عبدالعظيم المهل لـ(أخبار اليوم) التوقيع النهائي يؤثر على الاقتصاد، وقد بدأ التأثير فعلياً بانخفاض الدولار مقابل الجنيه بجانب الأثر النفسي على الوضع الاقتصادي، ورغم الأزمات المتتالية من وقود وقمح وغيرها نجد هناك تحملاً من المواطنين لأنهم مقبلون على مرحلة قادمة من التغيير ولكن التغيير الحقيقي من المفترض أن يحدث بعد تسلم الطاقم الجديد للعمل حيث يظهر الاختراق في الجوانب المختلفة، وهذا التغيير لا يحدث بين يوم وليلة بل يحتاج إلى عمل ومتابعة وقرارات وسياسات مختلفة.
وقال المهل: المطلوب من الحكومة الجديدة في الفترة المقبلة الابتعاد عن الاختلافات بين قوى التغيير والمهنيين بصفة عامة والاختلافات مع المجلس العسكري، عليهم التركيز على  الهم القومي بأن تكون البداية بحل الأزمات الأساسية (وقود نقود, خبز، دواء) وأن يكون ذلك من أولويات المرحلة الانتقالية وهذه الأزمات يمكن تخطيها بمجهود بسيط.  
ونادى المهل بضرورة العمل على إنقاذ الموسم الزراعي بجانب التركيز على المشروعات المختلفة زراعية وخدمية وغيرها إضافة إلى مكافحة الفساد وإرجاع الأموال المنهوبة، وقال إن الحكومة الجديدة أمامها مجهود كبير ولابد من استغلال الجانب الإيجابي في المواطنين لإنفاذ المشروعات بسهولة  ويسر.
استقرار سياسي
ونوه الخبير في قطاع الثروة الحيوانية د. ياسر يوسف عليان إلى أن الاستقرار الاقتصادي يتطلب استقراراً سياسياً، واعتبر  التوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية خطوة كبيرة وقفزة في الاتجاه الصحيح، ولابد من الإسراع في إكمال تكوين المجلس السيادي، ومن ثم مجلس الوزراء الذي عليه مهام ومسؤوليات كبيرة وشاقة لأن المسؤولية التنفيذية يعول عليها كثيراً، وهي تحت عيون الجماهير.
وطالب بأن تكون هنالك برامج وخطط للإصلاح الاقتصادي والذي لا يتم إلا بزيادة الإنتاج والإنتاجية وبالمراقبة والمتابعة والمحاسبة يمكن تحقيق ذلك.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق