الثلاثاء, 03 سبتمبر 2019 03:42 مساءً 0 335 0
(أخبار اليوم) ترصد إفادات خبير روسي حول الأوضاع الاقتصادية بالسودان ومطلوبات الفترة الانتقالية:
(أخبار اليوم) ترصد إفادات خبير روسي حول الأوضاع الاقتصادية بالسودان ومطلوبات الفترة الانتقالية:

الخرطوم: (أخبار اليوم)
تجذب الفترة الانتقالية في السودان انتباه الخبراء والاقتصاديين العالميين، ومن بينهم رئيس فريق الخبراء الاقتصاديين من مؤسسة حماية القيم القومية الخيرية السيد ماكسيم موسكالوف الذي شارك خلال حوار صحفي رؤيته حول الوضع الاقتصادي في البلاد وأهم الأهداف للفترة الانتقالية، وفيما يلي تنشر (أخبار اليوم) الإفادات المهمة التي أدلى بها:

هل يمكنكم إخبارنا بالمدة التي قضتها المجموعة في السودان ومنذ متى تزاولون أعمالكم، وما هي أهم التوجهات لعمل المجموعة الاقتصادية في السودان؟
بدأ فريق الخبراء الروس أعماله في جمهورية السودان في عام 2018 برصد الوضع الاقتصادي في البلاد ودراسة هيكلها الاقتصادي، وفي سبتمبر من العام نفسه زارت السودان مجموعة الخبراء الذين قاموا بأعمالهم في خمسة اتجاهات رئيسة هي: النظام المصرفي، الموازنة والضرائب، نظام الإدارة العامة (الحكم والإدارة)،  التنمية الاجتماعية، الاقتصاد الحقيقي (المشاريع الصغيرة والصغرى والمتوسطة). عقد الخبراء الروس خلال أعمالهم اجتماعات متعدد مع موظفين حكوميين ورجال المال والأعمال الممثلين لكافة قطاعات الاقتصاد السوداني. وفي أعقاب تلك الاجتماعات تم جمع وتحليل حجم كبير من المعلومات التي تضم إحصاءات رسمية وتقارير المؤسسات والهيئات الحكومية والمنظمات الدولية وغيرها من المواد والوثائق.
كيف تقومون الوضع الاقتصادي الراهن في السودان؟
من الواضح أن السلطات السابقة على مدى السنوات القليلة الماضية قامت بإخفاء الحجم الحقيقي للمشكلات الاقتصادية في البلاد.  وبدلاً من اتخاذ قرارات منظمة تتطلب الكثير من الجهد، استخدمت السلطات في معظم الأحيان أسهل طريقة، طبعوا أموالاً ليس لها مقابل من الاحتياطي بالبنك المركزي مع الحفاظ على مستوى عال من الإنفاق الحكومي ومعدلات الفساد العالية وسوء إدارة الدولة.  التجربة الدولية تبين أن هذا النهج قد أدى بالفعل إلى الانهيار الاقتصادي لدول كزيمبابوي وفنزويلا وتراجع الاقتصاديات المزدهرة سابقاً.  
حسب تقديركم ما الذي أدى إلى الوصول للوضع الراهن؟
الأسباب متعددة ومتنوعة لكن بإمكاني أن أشير إلى أهمها، أولاً الكفاءة المنخفضة على مستوى إدارة الدولة وممتلكاتها وغيرها من الموارد العامة وسوء التخطيط الاقتصادي إلى آخره. الجدير بالذكر عدم الكفاءة والإنفاق المبالغ به في بعض المصروفات الحكومية وانخفاض الإيرادات الحكومية وانتشار ممارسة التهرب الضريبي.
وجدنا عدم اكتفاء السوق المحلي من القروض الحكومية وتعذر الوصول لسوق القروض الأجنبية. وكل ذلك لا يسمح بتغطية عجز الموازنة بالمبالغ المطلوبة بطرق غير تضخمية. المديونية الكبيرة للدولة مع استمرار وجودها في قائمة الدول الراعية للإرهاب لا يترك مجالاً سوى الاعتماد على الموارد المحلية والمساعدة المحدودة من الدول الشريكة.
فمن أهم أسباب عجز العملة الأجنبية في اقتصاد الدولة هو عجز الميزان التجاري مع الحفاظ على مستوى التنمية المنخفض في قطاع الصناعة التحويلية وانخفاض القيمة المضافة لسلع الصادر وارتفاع مستوى التهريب بما في ذلك تهريب الذهب.
أما النظام المصرفي فهو يعيش أزمة السيولة حيث بلغ معدل التضخم 72,9% في عام 2018 وهو أحد أعلى المعدلات عالمياً. وفي محاولة الحكومة السودانية السيطرة على معدل التضخم، قامت بمنع عملاء البنوك من سحب السيولة. أدت هذه الخطوة إلى إضعاف ثقة المواطنين في النظام المصرفي وظهر السوق الموازي. هذا يعني أن المبالغ التي تم سحبها من الحسابات المصرفية لا تتم إعادة تحويلها إلى النظام المصرفي بل يتم استعمالها في مضاربات السوق الموازي، هذا أدى إلى أن السلع والخدمات التي لا يتم محاسبتها نقداً أصبحت أغلى بـ 10 ـ 20% من سعرها نقداً، مما أدى إلى نشوء طبقة جديدة من الوسطاء المقدمين لخدمات سحب السيولة من الحسابات البنكية.
ويستحيل تجاهل قضايا الفساد والمحسوبية إضافة إلى الظروف الصعبة والحواجز الإدارية العالية التي تواجه الأعمال الصغيرة والصغرى والمتوسطة. حالياً تحتل جمهورية السودان المرتبة 162 من أصل 190 في التصنيف العالمي للبنك الدولي بأداء الأعمال (WB Doing Business)، فيُقوّم هذا التصنيف سهولة ممارسة الأعمال التجارية في الدولة استناداً على عشرة مؤشرات: بدء النشاط التجاري واستخراج تراخيص البناء والحصول على الائتمان والحصول على الكهرباء وسهولة دفع الضرائب وغيرها.
حسب رأيكم ما هي الصعوبات التي ستواجه التنفيذ الفعلي للإصلاحات؟
يحتاج السودان إلى برنامج إصلاحات شاملة للنظام الإداري ويمكن ألا تحظى بعض هذه الخطوات بالشعبية. لكن أعتقد أنه في غاية الأهمية أن تحصل هذه الخطوات على دعم واسع من قبل المجتمع السوداني. ولهذا السبب من الضروري مناقشة هذه الإصلاحات والاستماع إلى رؤية الخبراء مهما كانت آراءهم السياسية، مثلاً على هامش مؤتمر اقتصادي واسع النطاق. على الإصلاحات أن تحظى بالتغطية الإعلامية الواسعة. من مصلحة الدولة أن توحد كل معارف الدولة وخبراتها والتجارب العالمية لإصلاح الاقتصاد الكلي.
تطبيق الإصلاحات يجب أن يتم بمجمله تحت برنامج قومي موحد. تطبيق جزء منفرد سيؤثر سلباً على المردود الإيجابي المتوقع من تطبيقه، ولكن في الوقت نفسه يمثل تطبيق إصلاحات الموازنة والضرائب أولوية.
كما ستحتاج الحكومة إلى تمويل إضافي من أجل ضمان تنفيذ الإصلاحات بشكل كامل ومنع خروج الوضع الاقتصادي من تحت السيطرة.
هل من آلية سلسة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة؟
دولة السودان بوضعها الجغرافي ومواردها لديها القدرة على أن تصبح إحدى أغنى الدول الإفريقية.
 دعم الشعب للحكومة الجديدة يمّكن من تحقيق الإصلاحات. يجب على الشعب وقطاع الأعمال المشاركة الفعالة في بناء الوطن الجديد ويمكن أن تكون تلك المشاركة مبرزة في دفع الضرائب والرسوم الأخرى في وقتها كاملة لمصلحة الدولة ودعم المنتجين المحليين، أيضًا لابد من عدم البقاء بلا فعل تجاه حالات الفساد وعدم اللجوء إلى خدمات السوق الموازي.
من  وجهة نظري أمام جمهورية السودان فرصة فريدة ولابد من الدعم والموافقة المطلوبين لتحقيق الإصلاحات الضرورية لبناء وطن قوي وعادل.
 كل شيء بيد الشعب السودان هو الوحيد القادر على تحديد مستقبله القادم.
ونحن جاهزون لتقديم العون للشعب السوداني لإصلاح الاقتصاد بغض النظر عن الوضع السياسي أو من بالسلطة، فمساعدتنا مساعدة للسودان وللشعب السوداني.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة