الخميس, 12 سبتمبر 2019 03:16 مساءً 0 517 0
الصحافة السودانية ما بين الإنقاذ والعهد الجديد.. هل من جديد؟ هل الصحافة الورقية إلى زوال في ظل سيطرة صحافة مواقع التواصل الاجتماعي؟
الصحافة السودانية ما بين الإنقاذ والعهد الجديد.. هل من جديد؟  هل الصحافة الورقية إلى زوال في ظل سيطرة صحافة مواقع التواصل الاجتماعي؟

ياسر محجوب محمد بابكر

القارئ والمتتبع بحيادية، لشكل صحافة عهد الإنقاذ وصحافة العهد الجديد، لا أظنه يلاحظ تغييرًا جوهريًا سوى أشياء بسيطة غير مؤثرة، نعم نفس الصحف في عهد حكومة الإنقاذ، هي الصحف ذاتها في عهد الانتفاضة الثالثة،  ونفس كتّاب فترة الإنقاذ، هم كتّاب العهد الجديد، عدا بعض التضييق على بعض الصحفيين وعلى بعض الكتابات وتدخل مقص الرقيب، في عهد الإنقاذ باعتبارها حكومة عسكر، وجاءت بانقلاب عسكري، ولابد أن يكون كامنًا فيها شيء من التعسف والدكتاتورية، ولكن من الإنصاف القول إننا لم نحس أن هناك فرقًا كبيرًا شاسعًا، نعم كتبوا في عهد الإنقاذ، وسلقوها بألسنة حداد، واستطاعوا توصيل رسالتهم رغم مقص الرقيب.
حتى نثبت ذلك بالدليل القاطع، دعنا نحاول قراءة حال الحريات الصحفية في مايو/نميري... وفي عهد انتفاضة أبريل، هنا البون شاسعًا ولا مجال للمقارنة البتة، وليس أدل على ذلك من أن عدد الصحف في عهد مايو لم تتعد أصابع اليد الواحدة...... وكلها كانت صحافة تابعة لسلطة مايو ونظام جعفر نميري، وأشهرها صحيفتي الأيام والصحافة، كان هناك الصوت الواحد، والرأي الواحد، ولا مجال البتة لممارسة أي نوع من النقد السلبي تجاه حكومة المرحوم جعفر النميري، وذلك ما حجب عن المواطن الواعي الكثير مما كان يحلم أن يتعرف عليه... أحزابه وتاريخها، ونضالاتها، ومشاكساتها مع بعضها بعضًا، نعم كان المواطن الواعي محبوسًا في هذه الدائرة الضيقة، مجلجلًا في سمعه فقط الصوت الواحد والرأي الواحد.
ولكن مع سقوط نظام نميري، وذهاب دولته، انفجرت الحريات بصورة لا عهد للمواطن الواعي المستنير بها البتة، فصار يلتهم الصحف الواحدة تلو الأخرى، قضايا ومشكلات وأحزاب وتاريخ، وحكومة السيدين، والانتخابات والتحالفات، نعم ظل المواطن بعد سقوط حكومة المرحوم نميري ومجيء حقبة الحرية والديمقراطية في انتفاضة رجب / أبريل يعيش أخصب أيام إلمامه بمجربات السياسة في بلده.
نعود لصحافة الإنقاذ وصحافة العهد الديمقراطي الجديد الآن في السودان وكما ذكرت لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، وذلك ما أدى لكل هذا البرود عند المثقف والمواطن السوداني العادي في وجود نهم شراء الصحف وقراءتها، وفي ظني وملاحظاتي أن هناك كسادًا ملحوظًا في سوق الصحف.. من حيث البيع والشراء، وليست هنالك لهفة للحصول على ما هو مدهش وجديد يشوقك لتلقي الأخبار؟
ولكن دعني أختم مقالي هذا بعامل آخر مهم جدًا، ولا بد من استصحابه معنا في هذه القراءة وهذا التحليل... مواقع التواصل الاجتماعي... نعم ظهور صحافة مواقع التواصل الاجتماعي، لكتّاب على قدر عال جدًا من التمكن في كتابة المقالات الخاصة فقط بصحافة مواقع التواصل الاجتماعي... نعم ظل الكثيرون يبتعدون يومًا وراء الآخر من تضييع أموالهم في شراء الصحف، باعتبار أن أي خبر أو معلومة، أو تحليل ذكي لقضايا مهمة، عليه فقط الدخول لمواقع التواصل الاجتماعي، سيجد فيها ما لذب وطاب من كل ذلك.
وأخيرًا ترى هل صحافة مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت خطرًا ومهددًا حقيقيًا لوجود وانتشار الصحافة الورقية، أم أن الصحافة الورقية لها سحرها الخاص الذي لا يهزم..... ولكن... ظني أن هزيمة الصحافة الورقية واضمحلالها وتلاشيها، تسير على قدم وساق.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق