السبت, 21 سبتمبر 2019 04:13 مساءً 0 355 0
قراءة في البرنامج الاسعافي الاقتصادي الذي أعلنه وزير المالية د.ابراهيم البدوي : سليمان حامد : المطلوب اعادة هيكلة الموازنة ووضع التدابير العاجلة لتثبيت أسعار السلع الأساسية
قراءة في البرنامج الاسعافي الاقتصادي الذي أعلنه وزير المالية د.ابراهيم البدوي : سليمان حامد : المطلوب اعادة هيكلة الموازنة ووضع التدابير العاجلة لتثبيت أسعار السلع الأساسية

الخرطوم :اخبار اليوم
أعلن السيد وزير المالية الجديد إبراهيم البدوي، فور اختياره، عن البرنامج الاسعافي الاقتصادي الذي سينفذ خلال 200 يوماً أي حوالي أقل من 7 أشهر، والذي يهدف إلى مطلوبات عاجلة واساسية، تثبيت أسعار السلع الاساسية، إعادة هيكلة الموازنة، معالجة البطالة، برنامج بعيد المدى لاعادة هيكلة الاقتصاد، وفي هذا الاطار استطلعت الزميلة نهلة خليفة من وكالة السودان للانباء عددا من الخبراء والمختصين والمهتمين بشأن الاقتصاد وحاورت المهتم بالشأن الاقتصادي الأستاذ سليمان حامد حول ابرنامج الاسعافي الاقتصادي فإلى مضابط الحوار:
البرنامج الإسعافي الذي طرحه السيد الوزير هل يعتبر بداية حلول للأزمة؟
البرنامج جيد وإيجابي في عمومياته ولكن ينقصه الوضوح في الكيفية التي ستعالج بها هذه القضايا ونتوقع أن يلحق الوزير هذا التصريح بتفاصيل توضح سياسة وزارة المالية، وعلي سبيل المثال تحدث السيد الوزير عن إعادة هيكلة الموازنة، هذا مطلوب تماماً، ولكن إذا كان الحديث عن موازنة عام 2019م تحديداً، فالمطلوب هو إلغاء العمل بها كلية لأنها تستند علي أرقام غير حقيقية وبعيدة كلياً عن الواقع المعاش، فالموازنة اعتمدت في مواردها على تقديرات ضرائب وأتاوات والاستلاف من النظام المصرفي وطباعة النقود وتحميل كل نتائج ذلك للمواطن الذي لا يتعدى الحد الأدني لأجره 750 جنيهاً سودانياً تكفي بالكاد لشراء "2 كيلو لحم عجالي" فيما يتوجه نقل الصرف على جهاز الأمن والدفاع وشاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية والتشريعية أكثر من 80% من جملة الميزانية البالغة 67.8 مليار جنيه، في الوقت الذي خصص للتنمية 15% فقط الشئ الذي يرسخ انعدام التنمية بكل جوانبها والاعتماد التام على الاستيراد بدلاً من أن يكون السودان دولة منتجة، وهذا يعني ضمور الاقتصاد السوداني وانعدام فرص التخديم واستشراء البطالة خاصة بين الشباب، مع عجز في الموازنة والذي بلغ 20% أما إذا كان السيد الوزير يعني أن إعادة هيكلة الموازنة هدفها التقسيم العادل للموازنة فإنني أضع أمام سيادته هيكل موازنة  العام 1989 قبل حكم الإنقاذ وكان علي النحو التالي:
بلغ الحجم الكلي للموازنة 800 ألف دولار بما فيها القروض ، وزعت 50% للخدمات العامة والأجور و10% للدفاع، 10% للحكم المحلي، 30 % للتنمية، في هيكلة الموازنة ليس جديداً بل هو إرث تمسكت  به معظم الحكومات غير العسكرية التي توالت على الحكم بعد الاستقلال وكانت نتائج هذه الهيكلة عندما تولى شأن المال العام السيدان مأمون بحيري والسيد الفيل، عادل الجنيه السوداني ما يزيد عن 3 دولارات أمريكية و8 ماركات ألمانية و10 ريالات سعودية وتركوا لبنك السودان المركزي في عام 1969م احتياطيا من النقد الأجنبي في حدود 100 مليون جنيه استرليني وبلغ احتياطيهم لمقابلة الكوارث والسنين العجاف 34 مليون جنيهاً سودانياً.
وإعادة الهيكلة هل تعتبر أحد الحلول للازمة؟
نؤكد علي أهمية إعادة هيكلة الموازنة لتستعيد الموازنة توازنها الداخلي والخارجي، لأن موازنة 2019م شأنها شأن جميع الموازانات في كل حكم، وشريحة الرأسمالية الطفيلية لعب بها الانفاق الحكومي الجاري دوراً أساسياً في تدهور الاقتصاد وفي مقدمة هذا الانفاق الأمني، كما ذكرنا من قبل الانفاق الأمني والانفاق علي شاغلي المناصب الدستورية والتشريعية.
يستوجب هذه الهيكلة أيضاً ما يتعلق بإيرادات الموازنة، بخلق مصادر للإيرادات غير الضرائب غير المباشرة التي فاقمت من الضائقة المعيشية، بزيادة الوزن النسبي للضرائب المباشرة في الأنشطة الإنتاجية، خاصة الزراعية والصناعية وإلغاء الإعفاءات الضريبية في المجالات الإنتاجية خاصة تلك التي يغلب عليها الطابع الطفيلي، وكذلك المنظمات المختلفة التي تحصل على الإعفاءات تحت غطاء العمل الإنساني وغيره والاسراع باسترداد الأموال المنهوبة من النظام الطفيلي والمنتسبين إليه، والتي تبلغ ترليونات الجنيهات ومصادرة أصول المؤتمر الوطني وكافة ممتلكاته وإعادة النظر في المفوضيات بالدمج والإلغاء، وإعادة النظر في معاشات الدستوريين خلال فترات الحكومات الديكتاتورية العسكرية المختلفة ومراجعة القوانين التي تحكمها ومازالت سائرة.
 ما هي التدابير الأخرى التي يمكنها أن تعمل على تثبيت الأسعار؟
فيما يتعلق بحديث السيد وزير المالية عن تثبيت أسعار السلع الأساسية، هذا الأمر يتطلب ضمن التدابير الأخرى ما يلي:-
إلغاء كافة الضرائب الاتحادية والولائية على الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية وإلغاء الازدواج الضريبي الذي يؤدي إلى زياة العبء على المنتجين ويلتهم أرباحهم ويقعدهم عن الإنتاج ويؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع الأسعار النهائية للسلع وبالتالي زيادة كلفة المعيشة.
كذلك يجب إلغاء كافة الضرائب والدمغات المستحدثة، وإلغاء الرسوم التي يتحملها المواطن في قطاعي الصحة والتعليم العام والتعليم العالي ورسوم المستشفيات والاستعاضة عن هذه الرسوم بزيادة الموارد المخصصة من الخزينة العامة لقطاعي الصحة والتعليم، وتوحيد سعر الكهرباء وتخفيضها بشكل خاص علي القطاع الصناعي من أجل خفض تكلفة الإنتاج.
ماذا عن البرنامج بعيد المدى لإعادة الهيكلة؟
أما حديث السيد الوزير عن البرنامج بعيد المدى لإعادة هيكلة الاقتصاد، فإننا نقدر ما قاله من أن المجتمع الدولي وعد بتقديم دعم تنموي كبير للحكومة لا يرتبط بالعقوبات المفروضة علي السودان، ونثمن في هذا الصدد ما صرحت به السيدة وزيرة الخارجية بأن السودان (يرحب باي دعم غير مشروط) فقد جربنا الدعم المشروط من البنك الدولي الذي يقيد دفعه بشروط تمس حرية قرار السودان. فعلى سبيل المثال لا الحصر قدم البنك الدولي قرضاً مقداره 14 مليون دولار في العام 2016 اشترط فيه أن يقتصر صرفه علي تحسين البيئة.
وما يساعد في تنفيذ البرنامج الاقتصادي بعيد المدى الاعتماد الذاتي علي إمكانات البلاد للنهوض بالتنمية الصناعية المعتمدة علي الإنتاج الزراعي والحيواني، وهي مصادر وافرة في بلادنا، هذا البرنامج يوجب التعميم الحازم على تحويل السودان من بلد مستورد لمأكله ومشربه وملبسه وخدماته من الخارج إلى بلد منتج – علي الأقل – لمعظم احتياجته الضرورية، هذا أمر ممكن وكل مقوماته متوفرة، بل يحتاج إلى الحزم والحسم لما يلي:
1 – استعادة الأموال المنهوبة والمجنبة وما هو مخبأ منها داخل البلاد وما هرب إلى خارجها بتشكيل لجنة نزيهة للتفرغ لهذا الغرض .
2 – إعادة النظر في مرافق القطاع العام التي تم التصرف فيها عبر الخصخصة بمختلف الطرق وإصلاح ما خرب فيها واستعادتها إلى القطاع العام.
3 – الرقابة اللصيقة للدولة على تعدين الذهب والحيلولة دون تهريبه وإعادة ما نهب منه.
4 – الضغط على الواردات القابلة للضغط وتشمل السلع الكمالية، والتركيز على استيراد القمح والأدوية ومدخلات الإنتاج والجازولين وتشجيع الصادرات خاصة الزراعية وخفض تكاليف إنتاجها مع زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.
5 – العمل  للحصول على الإعفاء من الديون كليا أو جزئيا ورفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
6 – إعادة الثقة في النظام المصرفي كما أشرنا إليه في لقاء سابق مع (سونا).
7 – أن تمنح الأسبقية في البرنامج الإسعافي بعيد المدى لإعادة هيكلة الاقتصاد.
8- تعمير مشروع الجزيرة والمناقل باستعادة كافة الأموال التي تم التصرف فيها بالبيع أو غيره وكذلك مؤسسة حلفا الجديدة ومشروع الرهد الزراعي، فإصلاح هذه المؤسسات في مقدمة البرنامج الاسعافي  في مجال الزراعة، سيجعلها تسهم إلى حد كبير في الاكتفاء الذاتي المعيشي وفي إدرار ما يصدّر منها للعملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد. وهذا يضع الأساس لتصنيع منتجات هذه المشاريع الغذائية وغيرها مثل الخيش والورق والملابس وغيرها، وأن يشمل هذا البرنامج أيضاً إصلاح المؤسسات الزراعية والحيوانية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لتساهم في عودة الاستقرار للنازحين وتوفير معاشهم، ايضاً لوضع حد للمهمشين والحروب والصراعات القبلية،يتم اصلاح واعادة مؤسسات الشرق مثل دلتا طوكر الزراعية، ومؤسسة القاش الزراعية وغيرها من المشاريع التي حولت الى ولاية البحر الاحمر و غيرها.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق