الأثنين, 07 أكتوبر 2019 01:34 مساءً 0 347 0
أجراس فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض

يا سايق التكتك

مشاط السودانية
وقفت أمام قاسم وقبل أن ألقى عليه سلامى وأزيده من مزاحى ودعابتى قليلا،عاجلنى ما أن رآنى يا أستاذ والله شوال الشطة بلغ سعره ست آلاف من الجنيهات وقد كان قريبا بستمائة جنيهٍ فقط، الشطة لم تعد سائلة فى السيد الفلفل الذى ارتفع سعره وشأوه، ثم يسترسل قاسم،السبب يا أستاذ -كما يناديني تأدبا وترفعا- فى الأجانب لزيادتهم لمعدلات الإستهلاك،أولئك أبناء عمومتنا السمر يقضون على يابس وأخضر جزرنا باعداده طبيخا عالى المذاق والفائدة والجودة والصحة ويلتهمونه بكسرة عيشنا طبقا ولا ألذ، قال بذلك أولم يقل قاسم بائع الخضار بأحد الأحياء حيث مؤقتا كإقامتى فى الدنيا أقيم، ثم يزيد والله يا أستاذ حالة عجيبة،لماذا يتركون غيلان الدولة العميقة تعبث وتعيق الزراعة فى البيوت المحمية المكيفة التى أسهمت فى خفض أسعار الخضروات جل العام، قاسم يتحسر على عدم قدرته على جلب الشطة والفلفل لتربيزته لغلاء أسعارها ولضعف القوة الشرائية، إسترساله لم يمنحنى فرصة للتوضيح بلسان خبير بأن البيوت المحمية ليست صالحة بل مضرة ولا تناسب مناخ البلد وستتأذى منها التربة مستقبلا، انتشرت البيوت الزراعية المحمية كبيوت العنكبوت فى بيوت ومغارات مهجورة، حدثنى مقيم بسويسرا أن زائرا من أهله هاله مشهد العنب مزروعا فى مساحات واسعة تعلو وتنخفض تربتها فى مشهد بديع وصفه كمشاط السودانية.
رئات تتنفس
عن لى أن أخاطب صديقى الثائر المهندس الزراعى فيصل محمد على الجعلى مستفسرا عن حال الزراعة وأسباب إرتفاع أسعار الخضروات التى يعزيها من يعزيها لغمر فيضان النهر غير المفاجئ لساحات واسعة ومساحات رحيبة مزروعة بالخضروات، ولكنى عن مهاتفة فيصل كففت ومنشوراته الغاضبة والثائرة تترى فى صفحته بالفيسبوك حتى أشفق عليه صديقنا المشترك على الصقير الثائر ولكن بمخالفة للجعلى،إذ يرى الصبر ضرورة والدولة ليست بيتا خرابة بالإمكان إعماره قبل إرتداد الطرف، لسنا فى زمان آصف بن مرخيا محضر عرش بلقيس من سبأ قبل إرتداد طرف رسول ونبى، وما دريت بماذا عن إسترسال قاسم أتلهى، ولذت تصورا ومخططا لتحقيق أخضر يتقصى فى أسباب تهالك وهلاك زراعتنا وقلة منتوجها وعلو سعرها لإرتفاع تكاليفها، وظننت بل أيقنت أن فيصل خير دليل ومعين ورفاقه ليحدثونا علما ومنهجا وهم يتداعون غير متفرقين متجمعين فى مؤتمر يحسن من صور سوداء كالحة للمؤتمرات والنفرات والهبات،مؤتمر يضع حدا للفشل فى زراعتنا ويعيدها لخضرتها ويعيذها من شياطين الإنس والجن ويمنحها رئات لتتنفس الصعداء، نطمع فى تجمع فيصل ورفاقه الأخضر أن يخلصنا من زراعة السياسة بسياسة الزراعة حتى يتفرغ قاسم لبيع خضروات وقد جابها مسرور بأسعار تزيد بيعه وتوسع ربحه ويعلم أن فشل الوجود الأجنبى وضره ليس بسبب من يتعايشون معنا بل بسبب خطأ من قاموا على الأمر وأقعدوه وطنيا وأجنبيا،الأجنبى يا قاسم كرت رابح، يضيف ولا يخصم من رصيدنا ومكتسباتنا فى كل صعد الحياة ما أحسنت وفادته وتوظيفه لصالح مشترك، لك الله يا قاسم وخوفى كما ذاك التونسى تهرم وقد أدركت لحظة تلك الفارقة.
جوهرة سودانية
ثم ضربت فى وهاد المدينة البائسة تطاردنى استرسالية قاسم المزعجة الموترة، الحقيقة مرة، راحلتى بنصف عمر منهكة تدج فى الأرض وتنهبها كما أولئك الراجلة ممن يستحقون حياة كريمة رافلة نعيما وملكا مقيما، مثاليون والله انتم السودانيون، أريحيون، مروءة وشهامة فيكم متجذرة تجذر التعتق فى الذهب المُجمر والمُعير، سارحا هائما وصغيرى لازال يهتف مختلطا عليه الأمر بين عسكريتها ومدنيتها،يداعب ذاك ويشاغب تلك متنعما فى ملكوت الطفولة، بلغنا حليلتنا مقر الإقامة محملين بما استطعنا عاجزين عن إصطحاب كثير تركناه خلفنا مكتفين ببلع رقينا ومصمصة شفايفنا، توقفنا باستدعاء لدى مدير مدرسة فاجأنى بقوله أنه تجاوز السبعين وفى ما يبدو يصغرنى،بدد تعجبي وقد عاش ثلاثين سنة فى عمان أحسن فيها غذاء النفس والروح والجسد إحسانا مكنه من مغالبة ثلاثنيتنا، دون وعى إذ بالراحلة المتثاقلة غطست فى وحل شوارع الحلة،شوارع طينها أخضر أنسب للزرع والضرع لا للطوب والسيخ، شوارع منذ عمرها موغلة فى إيحالها تمتد لها يد بدعوى إصلاحها فتخربها عمدا وسفها وفسادا موسميا،إستقرت دوارات الراحلة فى الوحل، ولم تطل المحنة الصعبة على من يتعاقد مثلي حاليا مع العقد السادس، ماذا عساى فاعل سؤال لم يطل إنتظار إجابته وسائق تكتك، شاب فى أعمار الثوار من يعودون يوما حتما يعودون، أوقف تكتكه وأقبل مكفكفا بنطاله وغرس أقدامه حتى بلغ الوحل الآسن ركبتيه وماجثا، ودفع بكل قوته الراحلة حتى استدارات عجلاتها من جديد ولم ينتظر لا أجرا ولا شكورا، غادر متسخا ظاهرا مشعا جوهرة سودانية أنستنى والله كل غصاتى.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة