الثلاثاء, 22 أكتوبر 2019 01:43 مساءً 0 239 0
المشهد السياسي
المشهد السياسي

ثورة أكتوبر في المشهد السياسي.. ثم ماذا بعد؟

اعداد/ الفوال

اكتوبر 64
{  مرت ذكرى ثورة اكتوبر 64 وهي الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الفريق عبود.. والذي حكم السودان لفترة 6 أعوام كاملة حكماً عسكرياً.. وهي أول ثورة شعبية بعد استقلال السودان.. ولاكتوبر قيمة سياسية وتاريخية هامة في ذاكرة الوطن.. لأنها أول ثورة شعبية في المنطقة تطيح بحكم عسكري في السودان.. ومن خلالها عرف الشعب كيف يمكن له الاطاحة بالحكم العسكري وحدث للمرة الثانية حينما أطاح بحكم جعفر نميري.. ثم ثورة سبتمبر التي اطاحت بحكم الانقاذ.. وهي الثورة الشعبية الثالثة في تاريخ السودان فيما بعد الاستقلال.. لكل ذلك اخذت ثورة اكتوبر الاهمية والريادة في تاريخ الثورات الشعبية.. ولها مدلولات واشارات في تاريخ السودان السياسي..
{  واليوم حينما ننظر الى ثورة اكتوبر كحدث تاريخي فاصل في الحياة السياسية السودانية نجد ان اكتوبر كان حصاد ما بعدها انقلاب ثاني بعد فترة من الديمقراطية كان انقلاب نميري.. الذي ارجعنا الى نفس نقطة البداية مرة اخرى.. فماذا يعني ذلك؟ بالقراءة الصحيحة لذلك وبكل وضوح هل يعني ان الثورة في اكتوبر لم تؤسس لبنيان ديمقراطي سليم يحقق الديمومة للديمقراطية؟ أم أين الخلل الذي أعاد المشهد لسيرته الأولى؟!
النخب السودانية
{  علينا أن ننظر الى هذا الواقع بكل تجرد ومصداقية وعلينا ان نعترف بكل وضوح ان النخب السودانية التي مارست الفعل الديمقراطي كنتيجة للثورة الشعبية قد فشلت في السير على الطريق الثوري الديمقراطي التي خطته الثورة بممارسات سياسية وبرامج وخطط أدت لفشل التجربة الديمقراطية التي هي وليدة الثورة وثمرتها.. فالنخب السودانية بكل قطاعاتها وألوانها وتوجهاتها هي التي أقعدت بالتجربة الديمقراطية وقادتها الى شاطيء الفشل وكانت السبب الرئيس الذي أتى بحكم النميري عن طريق الانقلاب العسكري أو ما عرف بثورة مايو.. هذا المشهد لم يكن الأول فقد تكرر ثانية وكانت النتيجة قيام دولة الانقاذ بنفس الاسلوب الانقلابي..
يقال عند العامة ان التاريخ لا يكرر نفسه ولكن في الحقيقة تتوفر المعطيات والأسباب لابد أن تتكرر النتائج دون مغالطة للتاريخ..
المرحلة اليوم
نحن اليوم في ذكرى ثورة اكتوبر والمشهد السياسي هو نفس المشهد فنحن نعيش اليوم مخاضات ما بعد الثورة الشعبية.. التي ستؤسس لحكم (الحرية والعدالة) وبالتالي سيكون حكم الامة ديمقراطي الملامح.. وهذه المرحلة التي نعيشها هي التي سترسم ملامح المستقبل السياسي وخارطة الوطن في قادم السنوات.. فهل نحن مع النخب السياسية على وعي كامل بمهام هذه المرحلة التأسيسية (لسودان جديد)؟ وهل سنستلهم من (الثورة الأم) ثورة اكتوبر العبر والدروس؟ أم نحتفي فقط بذكرى اكتوبر في مواكبنا وأغانينا دون وعي ثوري بتجربة اكتوبر العظيم؟
فالقراءة التاريخية لإحداث الثورات الشعبية أوضحت لنا ان ازالة الأنظمة الانقلابية شيئاً ممكناً حينما يتلاحم الشعب ولكن العلة الحقيقية هي مرحلة ما بعد الثورة.. لقد جانب النجاح الشعب في ثوراته الشعبية الثلاث.. ولكن رغم ذلك فشل في عملية البناء الديمقراطي ما بعد نجاح الثورة.. تلك هي العلة التي يجب ان نتخطاها في هذه المرحلة حتى تكتمل البنية الأساسية للتغيير المنشود.. لذا علينا استصحاب كل دروس الثورات الشعبية الثلاثة لنستخلص العبرة ونبحث عن النقطة التي دائماً تكون سبباً في فشل تحقيق مسيرة الثورة ومبادئها في قادم الأيام.. من ديمقراطية وعدالة وتنمية.
البحث عن الديمقراطية
{  قد يسأل احدهم من جيل الشباب عن اسباب قيام ثورة اكتوبر العظيمة.. بعد ان يطلع على سجل انجازات الفريق عبود خلال ستة سنوات قضاها في حكم البلاد.. والسجل يتضمن الآتي: بناء خزان الرصيرص وخزان خشم القربة ومصنع سكر الجنيد ومصنع سكر حلفا ومصنع سكر ملوط وامتداد مشروع المناقل ومشروع الزراعة الآلية في الدالي والمزموم واقدي وعدد من مصانع الفاكهة والألبان والبصل وصناعة التعبئة اروما ومصنع نسيج انزارا ومد خطوط السكة حديد جنوباً حتى واو وغرباً حتى نيالا وادخال قاطرات الديزل بدلاً من البخار وانشاء الخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية السودانية وانشاء بنك السودان وانشاء كهرباء سنار وتلفزيون السودان والمسرح القومي وكبري شمبات وطريق مدني الخرطوم ومصانع الغزل والنسيج.. الخ.. كل هذه الانجازات وغيرها تمت خلال فترة الستة سنوات وهي البنية الاساسية للاقتصاد السوداني.. وفي مرحلة عبود كانت المعيشة على احسن ما يكون.. اذن فما الذي دعا الشعب للخروج في ثورة ضد النظام والذين اجمعوا على ان عبود كان عفيفاً نظيفاً يحمل كل صفات الانسان المتواضع الأمين.. اذن الشعب خرج عليه بحثاً عن الديمقراطية والحرية..!!
اذن قضية الحكم في السودان لا زالت مطروحة رغم كل الاحداث والثورات.. ومالم تحمل هذه الاشكالية فاننا سنظل في صراعات الحكم وتقلباته وتلك هي الحلقة الضعيفة في ممارستنا الديمقراطية..
ثم ماذا بعد؟
تلك هي الثورة الأم التي يحتفي كل قطاع من المجموعات السياسية بها احتفاءاً بطريقته الخاصة متخذين من رمزيتها شعاراً لكل طموحاتهم ليجيء الاحتفاء مختلفاً بقدر اختلافات رؤاهم وعقائدهم السياسية.. بينما كانت اكتوبر هي توحيد للارادة السودانية الواحدة.. ولكن اليوم المشهد السياسي مختلف في خلافاتهم رغم رفع علم اكتوبر في ذكراها الخالدة..

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق