الأثنين, 04 نوفمبر 2019 01:05 مساءً 0 238 0
الكونجرس الأمريكي على خط الثورة السودانية
الكونجرس الأمريكي على خط الثورة السودانية

المشهد السياسي إعداد : الفوال

بين المشهد والمسرح
هناك اختلاف كمي بين المشهد السياسي والمسرح السياسي.. فالمشهد السياسي موقف ثابت مرتبط بالأصول والقواعد وحركة الدولة بكل أطرافها.. بينما المسرح السياسي متحرك تجري فيه كل يوم مسرحية جديدة.. من صنع النخبة واللعيبة في الساحة.. وكما نعلم ظهرت على المسرح شخصيات جديدة وأخرى قديمة ولكل فئة من هؤلاء مسرحيات محبوكة داخل أحزابهم أو تجمعاتهم الجسم الجديد الذي دخل الساحة مؤخرًا.. فالمسرح السياسي حلبة يستعرض كل جانب مهاراته وممارساته من أجل الكسب السياسي بشتى الصور والظهور وهو بوابة الدخول إلى التأثير في المشهد السياسي العام.. وتلاحظ في الفترة الأخيرة أن اللعيبة على المسرح السياسي لجئوا إلى تكتيكات جديدة في اللعب على المسرح وهي تكوين (التجمعات والتحالفات) من أجل إثبات الذات فقد ثبت لهم عمليًا بعد نجاح الثورة الأخيرة (أن اليد الواحدة لا تصفق) فكان الخيار المتاح الجديد أن يتكتلوا مع المجموعات التي تقاسمهم الرأي والفكرة.. (يد على يد تجدع بعيد) وفي هذا اعتراف ضمني بأن المسرحيات على خشبة مسرح السياسة في هذه المرحلة.. (لا تقبل العزف الانفرادي) وذلك حدث بعد اكتشافهم أن القوة الأساسية تنبع في الوحدة وهذا أحد دروس الثورة السودانية التي استوعبوها (أخيرًا) وعلى جانب آخر فيها اكتشاف مهم وهو أن مكونات المسرح السياسي ضعيفة جدًا في تقديم عمل سياسي مقنع للجماهير!
الاعتراف المبكر
إن خلصنا إلى هذه النتائج وصحت فرضيتها نكون بذلك أمام أول مشهد للاعتراف المبكر بعدم فعالية اللعيبة على المسرح في تقديم (عزف منفرد) للجماهير مع فرقة واحدة.. لذا طرحوا التحالفات كترياق للعجز الحزبي المنفرد.. وفي ذلك الاكتشاف المتأخر اعتراف ضمني صريح بفشل اللعيبة على المسرح السياسي وبالتالي فشل الفرق التي تدفع بهم إلى المسرح وهي الأحزاب تحديدًا.
هل فشلت الأحزاب
سؤال مباشر تواجهه الأحزاب السودانية هل فشلت في قيادة البلاد وهل هي المسؤولة بممارساتها اللا ديمقراطية عن إفشال التجربة السياسية في مراحل ما بعد الاستقلال... وهل الأحزاب مؤهلة لقيادة التغيير في المرحلة القادمة.. كل تلك الأسئلة على الأحزاب أن تجيب عنها ليس بمنظور الدفاع عن كيانتها إنما من منطلق تأهيلها لقيادة المرحلة الديمقراطية القادمة.. والاعتراف بالفشل في المراحل الماضية هو البوابة التي تقود إلى قراءة الواقع اليوم ومتطلبات المستقبل فبالرغم من وجود معطيات واقعية وظروف معلومة أدت إلى ضعف الأحزاب في تفاعلها مع الأحداث إلا أن الجانب الأساسي في هذا الفشل الذي أبعدها عن المواكبة نابع من الممارسات اللاديمقراطية داخل تنظيماتها.. الشيء الثاني إغفالها دور القطاعات الشبابية وتدريب القيادات الشبابية من خلال الممارسة الديمقراطية وعدم تنظيم شؤون الأحزاب من النواحي التمويلية أقعدت بها عن مواكبة العصر والزمن الذي تعيش فيه فالخلل في الأساس داخل البنية الحزبية وفي قمة الهرم في الأحزاب التي تأخذ بنظرية (خلود القيادة) ولا تؤمن بتداول القيادة.
الكونجرس الأمريكي
من ثوابت المشهد السياسي منذ ثلاثة عقود العقوبات الأمريكية على السودان ووجوده داخل إطار الدول الراعية للإرهاب جاءت الأخبار خلال هذا الأسبوع بأن أعضاء من الكونجرس الأمريكي طالبوا الرئيس ترامب بتعيين سفير للولايات المتحدة في الخرطوم وهذه الخطوة بشارة سياسية داوية أن تتطرق الهيئة المؤثرة في الحياة السياسية الأمريكية والجهة المشرعة للقوانين إلى هذا الموضوع وتطالب ترامب بتعيين سفير لبلادها في دولة ظلوا لأكثر من عقدين يضعونها في قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم.
{ إنها الخطوة الكبرى والأولى التي تنبئ عما ستكون عليه الأحداث في قادم الأيام.. وهي المؤشر الحقيقي لرفع اسم السودان من القائمة السوداء ويمكن أن نقول بتفاؤل (أخيرًا) بدأت الخطوات الأمريكية للاتجاه إلى التطبيع الحقيقي مع الولايات المتحدة هذا ما رصدناه في المشهد السياسي السوداني الأمريكي بتفاؤل حميد.
المشهد الشعبي
على صعيد المشهد الشعبي يمكن أن نطلق كلمة الانتظار فهي السائدة وسط المشهد الشعبي وذلك من خلال الهدوء الذي يخيم على الساحة الشعبية رغم الكثير من المشكلات الحياتية والمصاعب المعيشية التي تعاني منها الجماهير وبسببها قامت الثورة إلا أن الانتظار والصبر هو المسيطر على الساحة الشعبية.. انتظار وصبر على قرارات تعد ودراسات ومعالجات تحتاج إلى وقت حتى تأتي أكلها في الوقت المحدد لإكمالها.. هذا الصبر والانتظار يعطي الحكومة دافعًا للاستمرار في نهج التغيير للأحسن وهذا فعلًا ما تحتاجه الحكومة في هذه المرحلة لتسير بخطوات واثقة نحو التغيير والإصلاح والتقويم ما يعني أن هناك تناغمًا بين الحاكم والمحكوم من أجل السودان الجديد.. هذا التفاهم هو درجة من الوعي السياسي المتقدم من الجماهير لمتطلبات المرحلة الجديدة.. وهو عين الرؤية السليمة الواعية من أمة أصبحت رمزًا للثورات السلمية وينبغي أن تكون معلمًا كما هي في عملية البناء الديمقراطي العدلي الذي يحتاج إلى جهد وتخطيط وزمن كافٍ لبناء الدولة الحديثة.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق