الخميس, 07 نوفمبر 2019 01:25 مساءً 0 310 0
(أخبار اليوم) تحاور قيادي بحزب البعث العربي بالأبيض :
(أخبار اليوم) تحاور قيادي بحزب البعث العربي بالأبيض :

حميدة بشير : تفكيك الدولة العميقة أولوية والاحتقان السياسي غير مرغوب فيه

(أخبار اليوم) تستهل حواراتها وسلسلة استطلاعاتها مع النخب الكردفانية حول الراهن السياسي وهموم تنمية الولاية مع الأستاذ حميدة بشير عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي والناشط السياسي والرياضي المطبوع والاجتماعي المتواصل.
وفي الحوار قدم الاستاذ حميدة رؤيته للوضع السياسي الراهن علي المستوي القومي ومقترحاته لمعالجة القضايا الاقتصادية ، ومسالة السلام والمفاوضات كما تناول الحوار مشروع نفير نهضة ولاية شمال كردفان وموقف الحزب منه
حاوره: الرشيد يوسف بشير

{ أستاذ حميدة الراهن السياسي كيف تراه الآن؟
إفرازات السياسة السلبية للمشهد السياسي عتمة في الرؤية الفكرية وملامح الوعي السياسي وارتفاع نسبة الأمية السياسية، واعوجاج نمط التنشئة الاجتماعية قادنا إلى التخلف الاقتصادي وانفصام بين الحاكم والمحكوم، حيث غاية المرتكز التوجيهي ومرتكز وعي العصر والمرتكز الإعلامي ثم مرتكز كادر المرحلة. فالأزمة السياسية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية كانت نتيجة احتقان سياسي في الساحة السودانية، وهذا يقودنا إلى تحليل الراهن السياسي والذي يمكن تشبيهه بسياسة تائهة في واقع محزن بكل المقاييس، وقد ساد أجواء العمل السياسي خاصة في المرحلة الأخيرة عدم وضوح لتفعيل فكرة التغيير السياسي أو التحول الديمقراطي سواء كان ذلك مرحليًا أو جذريًا للخروج من دوامة اليأس والإحباط في عقلية النخب السياسية وهي تضم القيادات السياسية ومدى مسؤوليتها إزاء فتح باب الخبرة السياسية لتساهم بنصيبها في إضاءة الطريق أمام التعامل مع مشكلة البلاد بالفهم الموضوعي والعلمي بمنهجية جديدة تتبنى استقراء الواقع بالتفاعل معه دون أن يفقد أي تنظيم سياسي حقه في التعبير عن رؤيته وفق محور الحوار حتى لا يصبح السودان حقل تجارب تلتقي فيه المصالح الدولية.
{ رؤيتك للمشهد المستقبلي؟
التوافق من المصطلحات التي تستعملها العلوم الاجتماعية الحديثة بكثرة، ويمكن القول إن هذا المفهوم بات في الآونة اﻻخيرة مفهومًا قاعديًا عند هذه العلوم، ومفهوم التوافق مفهوم منهجي بشكل عام.
فالرؤية للمشهد المستقبلي ينبغي أن ترتكز على التخطيط، وأن تكون هناك خطة، وبين الخطة والهدف ﻻبد أن تكون هناك إستراتيجية تكون بمثابة خارطة طريق للوصول للهدف، وأي عمل يريد الإنسان الوصول إليه بدون خطة سيكون عملًا فاشلًا، فالتحديات التي تواجه بلادنا كبيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ﻻبد أن يكون للقوى السياسية دورها الفاعل والمؤثر في تهيئة المناخ السياسي ونحن على أعتاب تداعيات مرحلة جديدة والأزمة الاقتصادية تحيط بنا من كل جانب، والسودان ﻻحول له ولا قوة، أين تكمن أزمتنا؟ هي أزمة تفكير وأزمة منهاج وضبابية رؤية وانعدام مشروع وطني وتعثر ولادة الكاريزما الوطنية التي تفكر في الوطن بأنه يسع الجميع، فالأزمة كامنة في سر اضطراب دوريات الحكم.. فشلنا في استغلال مواردنا الطبيعية.. فالثروة التي يزخر بها السودان من مياه وأراضٍ خصبة ونفط ومعادن كل ذلك يؤكد وجود مشكلة مرتبطة بطبيعة تكويننا النفسي والثقافي والذهني، والرجوع إلى التفكير الجمعي هو بارقة الأمل التي نرى خلالها وميض الأمل.
{ محادثات السلام كيف تراها وأسرار نجاحها؟
السلام وما أدراك ما السلام، هذا المحور يقودنا إلى البعد التاريخي للحروب في السودان منذ العام 1955م وتلك الفاتورة التي يدفعها المواطن وتلك المحادثات والمفاوضات التي ارتكزت على المحاصصات السياسية، فجميع المفاوضات باءت بالفشل لأن هناك أجندة خارجية لها مصلحة في عدم استقرار السودان، ولكن هذه المرة خاصة مفاوضات جوبا إذا تناولنا مسألة القرن الإفريقي واستقرار الوضع في السودان أيضًا سوف تكون هناك أجندة خارجية لها مصلحة في استقرار السودان، سوف تكون هناك ضغوط على الحركات المسلحة لتوقيع اتفاق السلام، هناك تفاؤل كبير بنجاح المفاوضات بعدها سوف يتم تمزيق فاتورة الحرب إلى الأبد.
{ رؤيتك لحل الضائقة المعيشية؟
كلما زاد التضخم قل النمو الاقتصادي، وكلما قل النمو الاقتصادي قلت فرص العمل مما يعني مزيدًا من معدﻻت الفقر وارتفاع تكلفة الإنتاج وارتفاع الأسعار، وهذا يؤدي إلى تدهور سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العملة الأجنبية مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ويظل ميزان المدفوعات في حالة ضعف وهذا ينعكس سلبًا على معاش الناس، فالضائقة المعيشية يكمن حلها في قلب معادلة الصادر والوارد حيث يكون الصادر تسعة والوارد ثلاثة، وبقلب المعادلة يتم الجانب الإيجابي في الوضع الاقتصادي وأيضًا سوف يؤثر في سعر الصرف وبعد الإنتاج والإنتاجية ﻻبد أن تكون هناك رقابة على الأسعار.
{ نفير نهضة شمال كردفان البداية والنجاحات والإخفاقات؟
بدأت نهضة شمال كردفان في عهد أحمد هارون بتلك الجوﻻت المكوكية على رؤساء الأحزاب السياسية بولاية شمال كردفان من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من الأحزاب المعارضة إبان مرحلته... حزب الأمة القومي.. الحزب الشيوعي.. حزب البعث العربي اﻻشتراكي القومي.. المؤتمر الشعبى.. حزب العدالة.. حزب المؤتمر السوداني.. هذه هي أحزاب المعارضة بالولاية إضافة إلى الأحزاب الموالية حيث حققت ثمانية عشر اجتماعًا وفي نهاية المطاف كل الأحزاب بدون استثناء دعمت مشروع نهضة الولاية دعمًا سياسيًا حيث خرج المشروع من التفكير الحزبي إلى التفكير الجمعي تحت شعار (موية طريق مستشفى.. والنهضة خيار الشعب) تفاعلت الجماهير مع هذا الشعار ودفعت بسخاء لإنجاز نهضة شمال كردفان. فالنجاحات تكمن في مشروع مياه الأبيض، المستشفى التعليمي، طريق الصادرات، مشروع المدينة الطبية، تحويل مدارس القش إلى مبانٍ ثابتة، استاد الأبيض (قلعة شيكان) الدولي، مدينة الشباب الرياضية، الملعب الأولمبي، استادات الرهد وأم روابة وبارا، الجامع العتيق، بعض الطرق الداخلية ومشروع خور أبوحبل،  أمانة الحكومة الجديدة، المجلس التشريعي الجديد ومشاريع أخرى.
أما الإخفاقات فتكمن في عدم الشفافية في الجانب المالي، فلما كانت نهضة ولاية شمال كردفان مرحلة تاريخية كان ينبغي تنزيل ثقافتها على أرض الواقع، ويمكننا أن نقرر باطمئنان أن الطرح النهضوي يشمل من حيث الهدف المعلن فيما يتعلق بمصير الأمة على الحظوظ الوفيرة للارتقاء بها نحو طرح واعد بذاته وبخير مستقبلي إذ تتوفر فيه من حيث المنظومة الفكرية الصلة بين المضمون والهدف، فاﻻزدهار الحضاري والتنمية الشاملة غاية ﻻ تتحقق إلا بشروط تقوم مقام المعدات التي يتذرع بها والتي يؤدي اختلالها أو فقدانها إلى قصور في إدراكها أو إدراك يظهر مشوهًا يظن أنه ازدهار وهو في الحقيقة ليس كذلك، وأهم هذه المعدات أن يخرج المشروع التنموي الحضاري من قلوب الجماهير حضاريًا وعقديًا وفكريًا تتفاعل معه وتتبناه وتدافع عنه وتصنعه.
{ شمال كردفان كانت سباقة في ميثاق الأحزاب؟
بعد اجتماعات القوى السياسية تكونت لجنة من الأحزاب المعارضة والأحزاب الموالية لوضع ميثاق شرف لممارسة العمل السياسي بالولاية.
 أحزاب المعارضة (حزب الأمة، حزب البعث، المؤتمر السوداني، حزب العدالة) بعد وضع ميثاق الشرف طلبت النقاش مع الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي، وبعد النقاش معهم أبدوا بعض الملحوظات، وعند القراءة النهائية أصرت أحزاب المعارضة على إدراج ملحوظتي الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي في الميثاق برضاء جميع الأحزاب بالولاية.
{ هل كان النفير نتاج تكاتف أبناء الولاية وأحزاب الولاية؟
نحن في ولاية شمال كردفان تواثقنا على مشروع نهضة الولاية عبر تفكير جمعي ووحدة صف مكونات المجتمع، ترجم هذا التوافق بوثيقة نهضة الولاية من الداخل وفي المهجر للولوج إلى مرحلة الإنتاج والإنتاجية والتنمية المستدامة.
{ كيف ترى إيقاف النفير وليس النفرة؟
ليس هناك معلومات دقيقة يمكن الاعتماد عليها في كشف حقيقة التوزيع الإقليمي للإنفاق الحكومي، فالإحصائيات الحكومية لا تهتم بهذه القضية، لكن نمط التنمية الذي تسير عليه البلاد يفيدنا في هذا المجال في النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي بين الأقاليم، وفي إطار الخصوصية يمكن التمييز بين قطاع اقتصادي حديث ضيق ومحدود يرتكز بشكل أساسي في مثلث (الخرطوم، الجزيرة، الإقليم الشمالي) وبين اقتصاد تقليدي وشبه تقليدي يشمل معظم الأقاليم الأخرى خاصة إقليم كردفان ودارفور.
 ففي القطاع الأول تتركز معظم الاستثمارات والخدمات الحكومية بينما ﻻ يجد الثاني إلا القليل. وعلى الولايات أن تتخذ النفير كقيمة حضارية لتطوير نفسها ويكون ذلك بأسلوب شفاف.
{ كل أو معظم الولايات لديها صناديق دعم وتطالب بالمزيد، شمال كردفان بعد توقف النفير ما هو الحل؟
إيقاف النفير خطأ إستراتيجي لأن المركز أب لكل الولايات، فدعم المركز للتنمية في الولايات سوف يكون في شكل فتات من وجهة نظري، لابد من استمرار النفير لخدمة التنمية في الولاية وخدمة العباد.
{ في رأيك هل المشروع يوحد وجدان أهل الولاية؟
بالتأكيد مشروع النفير وحد وجدان أهل  الولاية والدليل كان إبان الدورة المدرسية، أعتقد أنه ليس هناك حزب أو فرد ضد مشروع النهضة.
{ كلمة أخيرة؟
التعامل مع الواقع السياسي الجديد بكل معطياته يقودنا إلى النظر في الخارطة السياسية بكل مكوناتها في المشهد السياسي منذ استقلال السودان مرورًا بكل التجارب السياسية بعد الحراك السياسي إلى حراك 6 أبريل 2019م والاستفادة من الجوانب الإيجابية عندما أقرت قوى التغيير مبدأ المحاسبة، ينبغي أن تكون المحاسبة بالرجوع إلى البعد التاريخي منذ العام 1956م لأن جميع الأخطاء والمفاسد التي ارتكبت في الواقع السياسي تحملها المواطن.
ثانيًا الثورة ثورة كل الشعب السوداني وأسلوب الإقصاء يخلق احتقانًا سياسيًا وهذا غير مرغوب فيه.
أخيرًا تفكيك الدولة العميقة ينبغي أن يكون من أولويات المرحلة الانتقالية ومعاش الناس والإصلاح الإداري والاقتصادي والسياسي وإدارة الأزمة بموضوعية.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق