الثلاثاء, 12 نوفمبر 2019 02:55 مساءً 0 521 0
(أخبار اليوم) تحاور الخبير الاقتصادي صدقي كبلو على واقع استفحال الأزمة الاقتصادية
(أخبار اليوم) تحاور الخبير الاقتصادي صدقي كبلو على واقع استفحال الأزمة الاقتصادية

الموافقة على استجلاب خبير أجنبي لإدارة الاقتصاد عدم ثقة في المهنيين السودانيين

بعض الخبراء السودانيين بالمنظمات الخارجية عاجزين عن توفير الحلول للأزمة الحالية

الخرطوم بحري :  الحاج عبد الرحمن الموز
قطع الدكتور صدقي كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني الاقتصادي الشهير بأن رفع الدعم عن الخبز والمحروقات يعني زيادة العبء المعيشي على المواطنين السودانيين. وشكك الدكتور كبلو في مقدرة الحكومة على تأمين الدعم النقدي (الذي تتحدث عنه) للأسر الفقيرة، مبينًا أن هذا سوف يفتح بابًا للفساد. وانتقد الدكتور كبلو خطة الحكومة في توسيع المظلة الضريبية، واقترح إجراء إصلاحات اقتصادية بدلًا من ذلك عدّدها خلال الحوار الذي أجرته معه (أخبار اليوم) عبر إصلاح الاختلال الداخلي والخارجي الذي يواجه الاقتصاد.  كما اقترح وقف استيراد السلع الكمالية وتشجيع الصناعة المحلية لإحلالها محليًا بما يوفر مبلغ ملياري دولار سنويًا، بجانب شراء حصته من شركات الاتصالات لتخفيف الضغط على الجنيه السوداني، فيما يلي الحوار.

 المهنيون السودانيون
{  وافقت حكومة الدكتور عبد الله آدم حمدوك على مقترح دفعت به ألمانيا لإيفاد خبير اقتصادي ألماني لمساعدة البلاد على تجاوز الأزمة الاقتصادية المالية ما هو رأيك؟
هذا يعني عدم الثقة في المهنيين السودانيين وعدم إدراك حقيقة محددة بأن أي ظاهرة اقتصادية لها تاريخ محدد ولفهم هذا التاريخ نجد أن الخبير الوطني هو الأقدر على ذلك بل إن الخبراء السودانيين الذين عملوا في منظمات دولية ولم يرتبطوا بالسودان وقضاياه بشكل عميق ليس لديهم الخبرة لتقديم حلول لمشكلات الاقتصاد السوداني ناهيك عن الخبير الأجنبي.
 مقترحات الخبراء
{  إذًا لن نستفيد من وجود هذا الخبير لمساعدة اقتصاد البلاد؟
بالطبع لن نستفيد منه لأنك عندما تجلب خبراء أجانب لإدارة الاقتصاد فأنت تضع العون الأجنبي والاستثمار الأجنبي في خيار عجيب لأنك يجب أن توافق على مقترحات الخبراء وآرائهم لضمان الحصول على العون والاستثمار الأجنبي، وهذا يعني أننا أضفنا خبيًرا جديدًا بجانب صندوق النقد والبنك الدوليين.
 المسار الصحيح
{  ما رأيك في قيام الحكومة بالبحث عن حلول لمشكلات الاقتصاد بالخارج؟
هذا خطأ كبير لأنه دون تنظيم الاقتصاد السوداني ووضعه على المسار الصحيح يصبح العون الأجنبي مثله مثل الذي تلقيناه من قبل لا نستفيد منه في إصلاح الاقتصاد وإنما يخفف الأزمة.
 الاختلال الخارجي
{  كيف؟
لأننا نرى أن الاقتصاد السوداني يواجه اختلالًا داخليًا وآخر خارجي، وهناك علاقة وثيقة بينهما، ومن المهم في البداية إصلاح الاختلال الخارجي لأن له تأثير في سعر العملة الوطنية واستقرارها وفي عمل المصانع بطاقتها القصوى وحمايتها والانتقال من الصادرات الخام إلى درجة من درجات التصنيع، وهذا ما تحدث عنه رئيس الوزراء من قبل.
 وقف السلع الكمالية
{  كيف يمكن النجاح في تحقيق ذلك؟
الخطوة الأولى أن نبدأ بالنظر للميزان التجاري بوقف استيراد السلع الكمالية أو التي يمكننا زيادة إنتاجها الصناعي، هذا الإجراء يخفف الطلب على العملات الأجنبية في السوق الأسود وعلينا اقتصار الاستيراد على السلع الضرورية ومدخلات الإنتاج ووسائلها والأدوية فقط، وهذا سوف ينعكس إيجابًا على سعر الجنيه السوداني ويمكن أن يوفر في الوقت نفسه حسب دراسات اقتصادية ملياري دولار سنويًا.
 قيمة الجنيه
{  هل يمكن أن تخفض هذه الإجراءات التضخم؟
هذه الإجراءات خطوة مهمة للجم التضخم الذي يسببه ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج والوقود والأدوية لتدهور قيمة الجنيه.
 وزارة الصناعة
{  ماذا بشأن الصناعة المحلية وكيف يمكن تحريكها وإعادة تشغيل الكثير من المصانع؟
المهم في ذلك ـ أي في هذه المعادلة ـ أن تقوم وزارة الصناعة بعقد اجتماعات مع كل غرفة صناعية على حدة ووضع برنامج محدد لها.
 الصناعة الوطنية
{  لماذا؟
لأن مشكلات كل غرفة تختلف عن الأخرى، والبرنامج الذي يتفق عليه الطرفين يجب أن يلبي احتياجات الصناعة الوطنية.
 الطاقة التشغيلية
{  لكن الصناعة تواجه مشكلة تكمن في عدم توافر الطاقة اللازمة لتشغيلها؟
ندعو الحكومة هنا لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل الصناعات المختلفة حتى لو اضطرت لإقامة حقل من الطاقة الشمسية لدعم المناطق الصناعية في الخرطوم وما حولها بحيث نضمن تشغيل المصانع بطاقتها الإنتاجية القصوى، كما يجب أن توفر لهذه المصانع التمويل اللازم لاستيراد مدخلات الإنتاج.
 يسر شديد
نود أن نشير هنا إلى أن هنالك مشكلات تواجه الصناعة يمكن حلها بيسر وفقًا لبحث أجريته قبل اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة مع عدد من الاقتصاديات السودانيات.
 المواد الخام
{  ما هي هذه المشكلات وكيف يمكن حلها؟
هناك مشكلات في المواد الخام المنتجة محليًا، معاصر الزيوت تواجه أحيانًا مشكلات في توفير الفول السوداني وبذرة عباد الشمس، وكذلك المشكلات التي تواجهها الصناعات في المنافسة الأجنبية لها ومشكلات الطاقة، كل هذه المشكلات يمكن أن تحل بقرارات من وزارة الصناعة.
 مربى وبسكويت
انظر مثلاً، نستورد زيوت طعام وبسكويت ومربى وصلصلة وغيرها بمبالغ طائلة فيما تتوفر صناعة هذه السلع بالبلاد ويمكن أن تلبي الصناعات الوطنية احتياجاتنا منها لو اتفقت وزارة الصناعة والغرف الصناعية ونسقت مع البنوك حول التمويل.
 التوازن الداخلي
{  ماذا بشأن حل ولو جزء يسير من مشكلات الزراعة؟
أريد أن أشير هنا إلى قضية مهمة خاصة بالإنتاج الزراعي السلعي خاصة أن القطاعين الزراعي المروي والمطري يعانيان من مشكلات كبيرة دون حلها لا يمكن استعادة التوازن الداخلي.
 محطات إكثار البذور
ما هي هذه المشكلات؟
نحن لا يمكن أن نعتمد في الإنتاج الزراعي على البذور المستوردة، والخطوة الأولى تبدأ بإعادة مراكز تحسين وإنتاج البذور التي كانت موجودة بالبلاد مثل محطة أبحاث (توزي) جنوب سنار وبعضها تدهور مثل أبحاث الجزيرة، بل نجد أن مزارع كلية الزراعة (جامعة الخرطوم) التي كان يتخصص أساتذتها في أبحاث البذور المختلفة تم بيعها وتحولت لمنطقة سكنية ولم تعوض الجامعة.
 حكومات المخلوع
{  ماذا بشأن الميزانية المرتقبة؟
الميزانية بالطبع تمثل الجزء الثاني من التوازن الداخلي ولكن نحن نرى أن الحكومة الحالية تسير على نفس طريق حكومة المخلوع البشير السابقة بكل أسف.
 توسيع المظلة
{  كيف؟
الحكومة تتحدث عن قضيتين الأولى توسيع الوعاء الضريبيي ولكنها تستند على إحصائيات دولية في مقارنة مساهمة الضرائب للدخل القومي في السودان والدول الأخرى، وهذا فيه تجاوز لتاريخ الاقتصاد السوداني.
 مشروع الجزيرة
{  هل لك أن تشرح لنا هذا التجاوز؟
نجد أن الاقتصاد السوداني الذي أنشأه المستعمر ظل يتفادى الضرائب وزياداتها، وكانت مصادر الدخل تعتمد في ذلك الوقت على عائدات مشروع الجزيرة والسكة الحديد والبواخر النيلية ومصلحة البريد وغيرها.
وقامت حكومة عبود بعد انقلابها على الحكم الديمقراطي في العام 1958م بالعمل على توسيع القطاع العام ليس لأجل التنمية فقط وإنما لزيادة العائدات رغم ما حدث من مشكلات في مشاريع القطاع العام.
 صادرات الذهب
{  لكن الآن كيف يمكن توسيع الإيرادات غير الغربية نظراً لما حدث لمشروع الجزيرة والسكة الحديد وغيرها من دمار خلال الـ 30 عاماً الماضية؟
على الحكومة أن تعظم الريع من الذهب وإنتاج البترول والمعادن الأخرى، وتسارع في إصلاح المشاريع الزراعية المروية وإصلاح النظام المصرفي خاصة البنوك التي تشارك الحكومة بحصص فيها وكذلك شركات الاتصالات (سوداتل)، وأن تشتري الحكومة أسهمًا من الشركات الأخرى مثل زين.
{  كيف يساهم ذلك في تحسين الاقتصاد؟
إذا نفذت الحكومة هذه الإجراءات سوف تخفف الضغط على الجنيه السوداني لأن شركة اتصالات مثل زين تقوم بتصدير أرباحها إلى الخارج وتضغط على سوق النقد الموازي.
 تنظيم الضرائب
دعنا نعود إلى توسيع المظلة الضريبية وليس زيادة الضرائب فهو ليس رغبة ذاتية وإنما عملية تحتاج لإعادة تنظيم للجهاز الضريبي كله، وهذه المسألة ليست سهلة لأن معظم القطاع المستهدف خارج المظلة، نجده لا يتلامس مع الدولة وأجهزتها لأنه (القطاع غير المنظم) ولكن إذا نفذت الحكومة نصائحنا التي ذكرناها بإصلاح الميزان ودفع عجلة الإنتاج في القطاعين الزراعي والصناعي وغيرها سوف تزيد عائدات الدولة بشكل آلي.
 خفض القيمة المضافة
{  لكن إذا نفذت الحكومة الإصلاح المطلوب في الميزان التجاري سوف تنخفض عائدات الجمارك؟
ندعو الحكومة ألا تتردد لأن الفوائد على الاقتصاد ستكون أعلى من العائدات الجمركية، بل ندعوها كذلك لخفض ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع وإلغائها كلية على السلع الغذائية.
 شروط العون
{  ذكر وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي أنه سوف يعتمد على أصدقاء السودان في تمويل الميزانية ما هو رأيك؟
نريد أن نعرف هنا أين ذهب المقابل المحلي لما قدمته الدول الصديقة من عون في القمح والمحروقات إلى البلاد، كما أننا لا ندري إلى أي حد سوف يستمر هذا العون خلال السنة المالية الجديدة، وما هو العون الذي سنحصل عليه وبأي شروط.
والغريب هنا أن الدولة التي تواجه مشكلة في الإيرادات تصدر قرارات بتخفيض الرسوم على ترخيص العربات الخاصة بنسبة تتراوح ما بين 40% ـ 50% مع أن أصحابها قادرون.
 العبء المعيشي
{  ماذا بشأن رفع الدعم في الميزانية المرتقبة؟
ما يسمى برفع الدعم في الوضع الحالي للاقتصاد السوداني لا يعني غير زيادة العبء المعيشي على المواطنين، والحكومة الحالية بما ورثته من خدمة مدنية متدهورة وأجهزة حكم محلية وولائية لن تستطيع (تأمين) الدعم النقدي للأسر الفقيرة وسيكون هذا بمثابة باب للفساد، والأسهل للحكومة أن تدعم المزارع المحلي لإنتاج القمح بدلًا من دعم الدقيق أو القمح المستورد، وكذلك نقل الدعم إلى المخابز التي تنتج الخبز.
 أصدقاء السودان
أما حول المحروقات خاصة الجازولين فلا يوجد دعم الآن لأننا نتلقى مساعدات من الدول الشقيقة ومن المهم هنا الاستغلال الأمثل لعائدات القمح والدقيق والبترول المقدم عونًا من أصدقاء السودان وتوظيف هذه العائدات لصالح التعليم والصحة.

 

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala أو
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق