الخميس, 12 ديسمبر 2019 02:02 مساءً 1 406 0
حبر التوت
حبر التوت

تيسير عثمان ابنعوف

 الطلاق الصامت  

الزواج علاقة مقدسة، مساحات للحياة،  ليست مساحة لنفث العقد والسموم، ولا علاقة بين آمر وعبد مأمور.
ما هو إلا سكن النفس إلى نفس وأنفس أخرى ترى بها الحياة وترى بكم الحياة... خلق الله لنا من أنفسنا نفساً نسكن إليها، سكناً يعمر القلب والنفس بالمودة والرحمة.
للأسف ما آلت إليه المجتمعات مؤخراً تعدد الزيجات بلا زواج، كثر التزاوج وقل السكن.
أصعب وأكثر ما نعانيه مؤخراً في تلك العلاقات تفشي ظاهرة «الطلاق الصامت».
في نظري هو عبارة عن طرفي حرب باردة، ونوع من النفور السلوكي والنفسي يعيشه الزوجان تحت سقف واحد وتعدد المسببات، إما بتعددية العلاقات التي تنجم عن الطرفين أو أحدهما، والتي عندما تألفها النفس تتحول مع مرور الزمن لسلوك ملازم وأقرب لطبيعة الشخص في صعوبة التخلي تماماً كمن ألف المعصية  فيفقد الوازع.
يعيش زوجان تحت سقف واحد ويهيم كل منهما بواد لا مخضر ولا يانع بزرع شريكه... نهاية غير رسمية لجوف العلاقة في النفس التي ألفت تبلد المشاعر، والإساءة، والجمود من الآخر، عدم التقدير، عدم الاكتراث، اعتادت  اللا مألوف وقبلته روتيناً حياتياً حتى ألفته نفس الطرفين.
جهلك بواجباتك وحقوق الآخر عليك يقودك لمسار الطلاق الصامت، والحياة الخاوية، المساحات المستباحة أولى خطوات دمار العلاقات، وانتصارك لذاتك في معادلة الشريكين انتصار لهزيمتك وهزائمك القادمة بلا شك.
غياب حيز الوئام، والتراخي عن المواجهة، والمصارحة، والتوجيه، وغسل سوالب النفس، يولَّد ردات فعل عكسية تدعو إلى التمرُّد والخروج عن المعتاد، ناجمة عن تراكمات مشكلات لم يلق لها بالاً ولم يسع لحلها.
تجمع الحصى يؤذي من مر حافياً، فالقلوب الحافية يؤذيها عبور الحصى ولو كان مثقالاً.
أرى البيوت يقطنها أزواج لا شركاء حياة، البيت ليس جداراً بل جسد وروح، إن غابت الروح ما ألفنا الجسد، وخير شاهد ما جاء في محكم التنزيل: «وخلق لكم من أنفسكم أزواجاً  وجعل بينكم مودةً ورحمة «
ولا أحسن من الله في حسن التدبير، حتى إذا غاب الحب اكتست الحياة مودة ورحمة.
  توت
 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة