الاربعاء, 18 ديسمبر 2019 01:21 مساءً 0 455 0
المحاليل الوردية... جارٍ البحث
 المحاليل الوردية... جارٍ البحث

المرضى: نقوم بشرائها سوق أسود بأكثر من 100 جنيه

صيادلة: هناك تلاعب ويجب تقديم هؤلاء لمحاكمة وفتح العطاءات لشركات أجنبية

 الإمدادات الطبية: نعمل لتغذية أقسام الطوارئ وتغطيتها بنسبة 100% ولا توجد مشكلة بالولايات

تحقيق: حنان الطيب
يواجه المرضى في أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية معاناة  كبيرة لعدم توافر المحاليل الوردية (الدربات) لأكثر من أربعة أشهر بالكمية المطلوبة، والكمية التي يتم توفيرها داخل صيدليات الطوارئ ما بين (300-400) درب وهي غير كافية لمواجهة أعداد المرضى والحالات، خاصة أنها تعتبر من الأدوية المنقذة للحياة وخط الدفاع الأول في الحالات الطارئة والحرجة لتفادي دخول المرضى في صدمات، بجانب دخولها السوق الأسود من قبل ضعاف النفوس حيث يباع الدرب الواحد بمبلغ (100- 150) جنيهًا وأحيانًا بأكثر من ذلك.
(أخبار اليوم) وقفت على حجم المشكلة من خلال جولة استطلاعية واسعة مع المرضى والمرافقين وعدد من الأطباء والصيادلة والإمدادات الطبية وخرجت بهذه الحصيلة.
لأكثر من 4 أشهر
بداية اشتكى عدد من أسر المرضى من معاناتهم الكبيرة في سبيل الحصول على (الدربات) ويضطرون لشرائها سوق أسود بمبلغ 80 ـ 100 جنيه بدلًا من 17 جنيهاً، وذكروا أن بعض الحالات تحتاج لعدد من الدربات، وتساءلوا عن الدور الرقابي من قبل الجهات المسؤولة للحد من هذا الفساد والفوضى التي تنعكس سلبًا على المواطن المسكين المغلوب على أمره، وحملوا عدم توافرها للإمدادات الطبية، وأكدوا عدم توافرها حتى داخل الإمدادات الطبية.
ويؤكد المواطن عمر عثمان المعاناة الكبيرة في سبيل الحصول على دربات لمريض مصاب بالفشل الكلوى ومريض  آخر يحتاح إليها لغسل الجروح، وقال: من المفترض أن تكون هناك ضوابط وعقوبات رادعة لمن يتلاعب بالدواء.
تقديمهم لمحاكمة
من داخل عدد من الصيدليات أكد صيادلة عدم توافر المحاليل الوريدية، وقالوا إن الإمدادات الطبية هي المسؤول الأول ومن المفترض أن يكون هناك قانون رادع بتقديم المسؤولين عن المشتريات لمحاكمة، وإن كانت هناك مشكلة مادية فأين تذهب موارد المال، وأشاروا لوجود مصنعين للمحاليل بالإمدادات إضافة لمصنع الزهراء الذي لم نر إنتاجه.
عقوبات رادعة
وأكدوا انقطاع المحاليل من الصيدليات لأكثر من شهرين، وحملوا الإمدادات مسؤولية ذلك، وتابعوا: من المفترض أن يكون هناك تسجيل للشركات لتثبيت المنتج في السوق بجانب فتح العطاءات لشركات أجنبية لتوفير المحاليل الوريدية.
ونادوا بضرورة تغيير النظرة تجاه الكثير من الأشياء بالحلول الجذرية من أجل التغيير الذي ينشده الكل، وأشاروا لوجود إشكالية كبيرة داخل الإمدادات، وحملوا المجلس القومي للصيدلة والسموم المسؤولية كجهة رقابية لعدم إنزال العقوبات على المتلاعبين بالأدوية، وقالوا: يجب أن تكون هناك عقوبة جنائية، وأكدوا على عدم توافر المحاليل الوريدية بكل أنواعها الأساسية المتمثلة في ثمانية أنواع الملح السكر ومتشابهاتها بمختلف التراكيز، فعندما تختفي من الإمدادات تكون سوقًا أسود.
المتهم الأول
وقال صيدلي فضل ـ حجب اسمه ـ إن الأدوية داخل الإمدادات (كسبرت) رغم حاجة المواطن لها، كما أن هناك مشكلات داخل الإمدادات، وهي المتهم الأول بسوء الإدارة في مرحلة معينة، والمشكلة ليست في أن تخرج بسعر 17 جنيهًا وتباع بمبلغ 100، المشكلة كيف خرجت وبأي طريقة ومن الذي أخذها؟
هناك تلاعب وإشكالية حقيقية ولا يمكن تمرير المسألة دون محاسبة حتى لو أدى الأمر لإقالة أكبر عدد من  العاملين بالإمدادات،  يجب أن يكون هناك انضباط ولوائح في أداء الواجب وهذه من أولويات الطوارئ.
غير كافية
فيما أكد عدد من الأطباء بعدد من أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية بولاية الخرطوم أن مشكلة عدم توافر (الدربات) بدأت منذ أكثر من أربعة أشهور بجانب انقطاع دربات الملح في كل مستشفيات ولاية الخرطوم أقسام الطوارئ.
وأكدوا لـ(أخبار اليوم) أهميتها باعتبارها من الأدوية المنقذة للحياة وخط الدفاع الأول لتفادي دخول المريض في صدمة حيث يتم تعويض ذلك بدربات الملح التي لا يوجد لها بديل ومن ثم الانتقال لخط الدفاع الأول في الحالات الطارئة والحرجة، وتساءلوا ماذا يكون الحل، فهناك من يحتاج (لدربات) كل ستّ أو ثماني ساعات ولا توجد طريقة لذلك، وأشاروا لتوافرها بصيدليات مستشفيات الطوارئ ولكن ليس بالكمية المطلوبة وذلك بتوفير ما بين (300- 400) في اليوم ولكنها غير كافية، وعللوا ذلك بأن المريض على الأقل يحتاج إلى دربين أو ثلاثة، فضلًا عن الحاجة الكبيرة لها في العمليات الصغيرة كإزالة الزائدة والمرارة والغدة، فالمريض  على الأقل يحتاج لدربين (ملح وسكر)، أما العمليات فتحتاج لأربعة دربات ملح وثلاثة سكر، وهي غير متوافرة بصيدليات الطوارئ وحتى بالخارج، ويتعذر على أهل المريض الحصول عليها في جميع صيدليات الولاية، ومن ثم يتوجهون للإمدادات الطبية، فأي عملية مجدولة في الإمدادات ولكن لا يعطى العدد الكافي بل نصفه.
سوق أسود
وأكدوا على بيعها بالسوق الأسود، وأوضحوا أن سعر درب الملح  17جنيهًا بينما في السوق الأسود ما بين (100- 150) وتوقفت الشركات بسبب ارتفاع الدولار لشراء المادة الخام وتكلفة التشغيل وغيرها، فالمسألة (بالخسارة) بالنسبة لهم، فهم لا يستطيعون استيراد المواد الخام وبالتالي لن يكون هناك تصنيع، وحتى المستوردين لا يستوردون لارتفاع الدولار.
وأوضحوا أن المشكلة أصبحت مشكلة وفرة وليست سعر، ومن المفترض توافرها بكل المستشفيات خاصة أن استعمالها يكون بصورة كبيرة.
ولكي تكتمل الصورة جلست إلى د. مهند إبراهيم رئيس قسم تصديقات الأدوية بالإمدادات، وعزا انقطاع المحاليل الوردية في الفترة السابقة لعدم توافر النقد الأجنبي من بنك السودان المركزي، وأقر بوجود مشكلة حقيقية في تلك الفترة، وقد لعب المجلس العسكري بعد شهر أبريل من العام الحالي دورًا في معالجة المشكلة حيث قام رئيس اللجنة الاقتصادية المهندس إبراهيم جابر بزيارة للإمدادات الطبية ووقف على حجم المديونيات على الشركات وتم تقديم الدعم وسداد مديونية شركة المحاليل السعودية بجدة الفائزة بالعطاء، وعادت الشركة للتوريد مرة أخرى، وتم تقليل الكمية والطلبات في الفترات السابقة.
القطاع العام
وأوضح أن الإمدادات ركزت في عملية التوزيع على القطاع العام فقط ممثلًا في العلاج المجاني بأقسام الطوارئ ومن ثم بدأ الانفراج في المحاليل الوريدية وعادت الإمدادات لمد كل المستشفيات الخاصة وكل السوق المحلي.
وذكر أن المحاليل تأتي لتغذية الطوارئ بالمستشفيات ويمكن تغطية حاجتها بنسبة كبيرة.
وحول توقف المصانع المحلية، أشار لتوقف مصنعين لأعمال الصيانة ومعاودة الإمداد مرة أخرى، أما مصنع الزهراء للمحاليل فلم يتم الإفراج عنه لأنه يحتاج لشهادة إفراج من المجلس القومي للأدوية والسموم، ولم يمنح هذه الشهادة حتى الآن.  
وبالنسبة لأسعارها قال: سعر الدرب من الشركة 14 جنيهًا ويباع بمبلغ 41 جنيهًا، وأي درب من الشركة للإمدادات له سعر محدد ويجب أن تكون هناك رقابة على الأسعار.
بنسبة 100%
وأوضح أن المحاليل التي تأتي لتغذية الطوارئ بالمستشفيات يمكن تغطية حاجتها بنسبة كبيرة، بجانب الشروع في إعطاء القطاع الخاص، حيث كانت تعطى في السابق بكميات كبيرة  تم تقليلها بنسبة (20%-30%) بأقسام الطوارئ بالمستشفيات الخاصة، والآن بالمستشفيات الحكومية بنسبة 100%.
 ونفى وجود أي إشكالية في الولايات بعدم توافرها أو نقصها، وحاليًا تم توفير طلبيات العلاج المجاني.
هناك غش وتلاعب
ويؤكد د. مهند على الانفراج الكبير بجانب توفيرها حتى للقطاع الخاص، وأشار لاستغلال المواطنين خلال الفترات السابقة، وأكد عدم انقطاعها من صيدليات الإمدادات الطبية، وقال: يجب عدم صرفها إلا بوصفة طبية، فالمحاليل التي تأتي من جدة عبر الإمدادات وفقًا لأسعار محددة، فأي زيادة في الأسعار تعتبر فسادًا، وهي متوافرة في المؤسسات العامة والخاصة، وأقر بوجود حالات غش، وأشار لعدم توزيع المحاليل منذ الأزمة للصيدليات الخاصة، كما أقر بوجود غش وتلاعب من قبل بعض ضعاف النفوس.
من جانبه قال د. مجاهد عبدالسلام محمد مدير إدارة الصيدلة بالإمدادات الطبية: نهدف لتوفير الأدوية للمواطنين بالقرب من مواقع سكنهم لتخفيف معاناتهم، وقد درج الصندوق القومي للإمدادات على ذلك بافتتاح صيدليات جديدة بولاية الخرطوم بجانب التوسع في صيدلية أم درمان والشهداء لتخفيف العبء على المواطن وعدم الازدحام في صيدلية واحدة، فالصندوق يوفر الأدوية بأسعار تقل عن أسعار القطاع الخاص بنسبة (47%)، وأرجع ذلك لشرائها عن طريق العطاءات والدعم الحكومي مع التزام صيدليات الصندوق بكل الموجهات الصادرة من المجلس القومي للصيدلة والسموم، حيث تقوم إدارة الصيدلة بصرف الأدوية بروشتات مروسة، أيضًا لدينا خدمة لتوفير الخدمة غير المتوافرة في السوق خلال خمسة أيام لمساعدة المرضى بالحصول على الدواء (أولاين) عبر الخط الساخن.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق