الأحد, 29 ديسمبر 2019 01:30 مساءً 0 373 0
اللفة الاخيرة
اللفة الاخيرة

مقال يسرية محمد الحسن

الزمن الجميل...

.يا سلام منك انا.  ااه..يا سلام.   يا سلام...العيون.  فيها سهام.  والكلام فيهو كلام...وفي حديثك في ابتسامك زينه يا احلي غرام......تنبعث رائعه وردي هذه  من الراديو الصغير  الذي اضعه امامي في مكتب المنوعات  باذاعتنا الحبيبه ام درمان ....امنا...كما كان يحلو  لمدير المنوعات وقتها  الاستاذ القامه ذو النون بشري ان يسميها.في ذياك الزمان الجميل ...كنت استمع بكل حواسي  لحلقه برنامج ما يطلبه المستمعون  التي اعددتها وقدمتها وقام بتسجيلها زميلي الفني محمود الامين.  الله يطراهو بالخير كانت حلقه ذاك اليوم من نصيبي   حسب الجدول ...فقد كان فيما مضي  من ازمان  يقدم هذا البرنامج الجماهيري الاول  مره واحده يوم الجمعه من كل اسبوع  وكانت كل دوره برامجيه  يوكل فيها تقديمه  الي احدي المذيعات يتناوبن في تقديمها مع بدايه كل دوره برامجيه جديده ....وفي زماننا وحين اصبح  الاستاذ محمود ابو العزايم مديرا للاذاعه  ولانه رجل فنان معطون بالفن والابداع  احدث تغييرا ...او سمه انقلابا  في كثير  من التقليديه التي كانت سائده  في خارطه البرامج الاذاعيه ...فعلي صعيد برنامجنا ما يطلبه المستمعون  وبدلا من ان ينتظره جمهوره العريض  صباح كل جمعه اصبح يوميا  ونتناوب نحن  المذيعات  في اعداده وتقديمه ....ابو العزايم اجتمع بنا في مكتبه  ذات صباح  وفي اطار ما ينشده من تجديد  وضع لنا بعض الموجهات  التي اكد علينا الالتزام بها .............كنا شابات صغيرات السن  نجوميتنا الحديثه وقتها تملؤنا  غبطه وسرورا ....فرحات  بما جلبه لنا البرنامج  من شهره كبيره  وسط جمهوره العريض  واذكر ان من بعض ما حذر منه ابو العزايم  تكرار عبارات الوداد المبالغ فيها  وبوكيهات الزهور والورود  التي نتبرع بها من عندنا  للمهدي اليهم من اغنيات !!.....خرجنا من مكتبه نتضاحك  متشابكات  الايدي   وزهو الشباب  والقه.    وبريق المهنه وجمالها  يكادان ان يطيرا بنا  من الارض فرحا  الي السماء الدنيا ...!!......قطع علي استمتاعي  باغنيه وردي التي تدغدغ وجداني  وتنسرب من مسام جلدي  الي مجري الدم  في شراييني  وانا اعيشها  بكل حواسي  ....صوت عم محي الدين الحلفاوي .....قوم. امش  ابو الازاايم قال. ااوزك !!.. وكطائر كان يحلق بجناحيه في الفضاء.  وفجاه هوي مرتطما بالارض  كان حالي في تلك اللحظه ....اغلقت الراديو بسرعه ووضعته داخل حقيبتي  وبالسرعه ذاتها توجهت الي مكتب المدير ......كان صوتي يلعلع  من المذياع  الذي بجواره علي المكتب  وعبارات  الوداد  وبوكيهات الورود والازاهير  تتوزع مجانا  وبكرم حاتمي  علي كل المهدي اليهم من اغنيه الجابري.  سيد الاسم  ثاني اغنيات البرنامج ...رمقني بنظره حاده من تحت نظارتيه السميكتين ....وانتهرني  !!اقعدي ...وكان يقلب في اوراق وضعت امامه .....مضت دقائق معدودات  كانها  دهر بحاله ......خفت  كما لم اخف في حياتي  وبخاصه وان نظراته التي كان يسترقها الي بين الفينه والاخري...تتابط شرا !!..وقد كان ........!!انتي فاكره نفسك ايه    قالها وهو  يضرب قبضه كفه اليمني. علي راحه كفه اليسري بقوه.  منتهرني  .......انا اول امس كنت بقول ايه...؟  برطن فرنساوي ؟ولا بتكلم عربي ؟.........في شنو يا استاذ !!...قلتها وانا  اعلم تماما ماذا فعلت.  ولماذا انا الان هنا. في المعتقل !!اقصد في مكتب ابو العزايم ... في شنو ؟....رده علي.....ما شايفه ماشاء الله تبارك الله النعم المتنزلا علي المكتب الان وفي الروادي في البلد ....وبسخريه شديده. يكمل وهو واقفا طوله ومادا ذراعيه ...في شنو ؟...كررها مرتين....مش شايفه الورود والزهور والازاهير  اللي بتطاير دلوقتي  في المكتب كله؟ والله العليم المستمعون يكونو قفلوا الروادي  من العبث ديه...!!   استجمعت قليلا من شجاعه كانت قد هربت مني وقلت له  لكين يا استاذ برنامج امبارح كان علي ليلي عوض  وقالت الكلام ده كله  وانا حاكيتا...!!طبعا ظننت وان بعض الظن اثم.  انني القمت ابو العزايم حجرا......بتقولي ايه ؟   قالها واقفا طوله  واعاد مجددا ضرب قبضه كفه اليمني براحه يده اليسري  وهي حركه اشتهر بها ذاك العملاق بديع زمانه !!..ليلي عوض ؟ قالها باستغراب .....لوللا؟......هكذا كان يناديها ويدلعها  حيث كانت وقتها طفله يانعه  في اولي ثانوي  وقد شاهدها ابو العزايم  وهي تقدم البرنامج في احدي الدورات المدرسيه  واعجب بادائها ايما اعجاب  فقد كانت فلته من فلتات الزمان  صوتا واداءا  يدغدغ المشاعر ويمتلك الاحاسيس  هذه الطفله المعجزه    ناداها بعد نهايه فقرتها  وطلب منها ان تاتيه في الاذاعه برفقه ولي امرها    وقد كان.   جاءت ليلي مع والدها وقابلا  ابو العزايم  ولانه  يكتشف المواهب  وذو حس  اعلامي رفيع واذن  اذاعيه  حساسه  اقنع والد ها بان تبدا تتعاون مع الاذاعه وانها ممن سيكون لهن شان عظيم     وبحق فقد كانت لوللا.  او ليلي تفوقنا موهبه  واداءا جميلا وقدره كبيره في النطق الصحيح للغه العربيه ............اعود بكم للحوار الذي بيني وبين ابونا.   ابو العزايم وهو يكاد يتميز غيظا  مني حين تطاولت  وجعلت مقامي  من مقام لوللا...!!الطفله المعجزه بحق..بتقولي ليلي ؟.....شوفي اسمعي  وكلمي الباقيين  وضرب كفه ثانيا وثالثا ورابعا ......لوللا دي فوق القانون  ...!!لوللا دي تعمل الدايراهو في اذاعتي دي  ...تلخبت....تشخبت......دي لوللا ...سمعتي ؟...انتي زي لوللا ؟...!! امسكت بالمنديل امسح دمعاتي الهطاله  كالمطر  بعد هذا الزجر المتواصل ...........وكدي اسمعك تاني  تجيبي سيره لوللا دي في خشمك ولا تكسري تعليماتي ... ....ولم يكمل كلامه حتي جاءنا صوت  ليلي في الممر الذي يوجد به مكتب ابو العزايم  بالطابق العلوي  وهي تضحك بصوتها الطفولي العذب  وتضرب باقدامها الصغيره في مشيتها دون قصد  فتحدث جلبه كان قد حزرنا ومنعنا منها حين نمر من جانب مكتبه    اظنه لم يتبين صوت لوللا الصغيره  لانه انتفض صارخا.  ايه الفوضي دي.   مين دي اللي عامله دوشه جنب مكتبي .....ساعتها  اتنفشت وقلت حان موعد الثار لنفسي.............دي ليلي عوض يا استاذ .....وكاللبن الفاير ملامسا سطح الاناء  يوشك ان يتدفق  وفجاه تطفأ من تحته النار    برد وهمد  صوت الاستاذ الذي كان مجلجلا من الغضب   وابتسامه كبيره تعلو وجهه  وهو يعود للجلوس مجددا  ويرمقني بنظرات  ودوده  لاب محب  لطفلته الدلوعه. قائلا .....لا لا  ده مش ازعاج  دي موسيقي  ...دي الحان رائعه  ........طبعا  لست انا المقصوده بكل هذا الحنان الابوي الصادق  ...بل المقصوده لوللا.......

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق