الأحد, 19 يناير 2020 00:47 مساءً 0 338 0
بذرة الحياة
بذرة الحياة

وفاء جميل

 

 السلام .... ثقافة

السلام كمفهوم ضدّ الحرب و الإضطرابات و العنف ، و قد تكون الحروب ناتجة لإعتبارات سياسية ، أو إقتصادية ، أو عِرقية ، و السلام هو ليس في معناه القريب أن يسلم الإنسان بيده و بقلبه و بلسانه فقط ، إنّما هنالك معاني سامية يسعي من خِلالها السلام لتكون متعايشة بين الناس و سارية في أمور حياتهم الظاهرة و الباطنة ، لذلك عندما نطلق هذا اللفظ و ما يتبعهُ مِن ألفاظ ، فإننا نجد أن هنالك نقاط تلاقي للأحداث التفاعلية في السودان بالأحداث الأكثر فاعلية المتعلقة بالحياة العامة ، عندها يتعرّض الجميع لإختبارٍ حقيقي في مبادئ الإنسانية ثم الوطنية ، حينها تقع المسؤولية على جميع مؤسسات المجتمع المدني بكل توجهاتهم الفكرية و السياسية و الثقافية و المجتمعية بأن يعملوا على نشر ثقافة السلام بينهم و بين كافة القواعد . إذ تخاطِب ثقافة السلام جميع المواطنين بإعتبار أنهم يتبادلون كل الأنماط السلوكية و الحياتية التي تدفعهم إلى إحترام إخوانهم مِن بني البشر ، و رفض الإساءة و الإعتداء عليهم و ممارسة العنف ضدهم ، مع الأخذ في الإعتبار قبول الإختلاف بينهم ، لأن الوعي بثقافة السلام يكسب الكل توحيد الصفوف في مواجهة صنوف التطرّف الفكري المتعدّد مثل إقصاء الآخر ، و عدم تقبُّل الرأي ، و تقييد التعبير ، و كبّت الحريات ..مِن جهة أخرى فإنّ على قادة الرأي و العلماء مِن ذوي الإختصاص دعوة الناس إلى التقارب ، و زيادة التلاحم الاجتماعيّ ، كما أنّ لنشر العلم و الثقافة و المعرفة دور كبير في نشر السّلام كثقافة ، فسيطرة مثل هذه الأمور على عقول الناس تجعلهم أكثر جُنوحاً نحو السّلام و اللاعنف ، إذ يجب أن نعمل على تربية النشء الجديد و توعيته بكيفية إستخدام وسائل الإعلام المختلفة بما فيها مواقع التواصل الإجتماعي التي تغلغلت في سائر نواحي الحياة و اصبحت سلاح ذو حدين و ثالوث فتّاك يقضي على عقول الشباب الذي أصبح مستهدفاً و أكثر قابلية للإنتهاك ، و بالضرورة أن يتم تبصير هؤلاء بأهمية ترسيخ ثقافة السلام التي تمتطي جواد التحرر ، و إنهاء الإستعباد و الظلم و القمع السياسي و الإقتصادي و تنمية حرية التعبير و التنوع الثقافي من خلال الحوار و أدبياته و التفاهم بشأن التعددية و الأثنية و الإختلاف في التوجهات و الرؤى ..يُقال : (إنْ أردتَ السلام فإستعد للحرب)فأين نحن مِن الحرب التحاورية التي تفضي للسلام ..؟؟!!الحرب مِن أجل السلام الحقيقي الذي يأبّى سَفْكَ الدماء و يرفض التدمير ، السلام الحقيقي الذي تعزِّزُه المحبةُ و يعزِّزُ المحبةَ ، السلام الحقيقي الذي هو أصل كلِّ حضارة و كلِّ تقدُّم .. و لقد آن الآوان لنَقْدِ مفاهيمنا و تغييرها عن الحرب إلى السلام ، و عن العنف و العنف المضاد ، و عن دوامات العنف التي لا تنتهي و لا تبغي و لا تذر ..ندرك تماماً بأنه قد دامت الحرب الأهلية في السودان لأعوامٍ طويلة ، فخرج الجميعُ خاسراً ، و لقد حان الوقت لوضعِ أسُسٍ جديدة لغرس بذرة الثقافة السلمية ، و قد يكون تفكيكُ بنّية العنف و مسبباته هي الخطوة الأولى المطلوبة لتفعيل الدور الإيجابي في احتواء ثورات الصُلح و التسامح و مزاولة إعادة النظر في المصلحة العامة ، مع الإحتفاظ بتفعيل مهام نشطاء السلام الذين يبثُّون الفِكر السلمي ، و ينبِّهون إلى مخاطر الحروب اللامحدودة ، و إفساح المجال أمام جمعيات المجتمع المدني لتعمل إلى جانب مؤسَّسات فضّ النزاعات بدروس القوائم و وضع الحلول و المقترحات الممكنة ، و التدخل بشفافيةٍ مِن أجل وضع حدٍّ لهذه الصراعات و التدخل الفاعل و الفعّال مِن أجل صنع ثقافة للسلام تحقق سلام دائم يخدم القضية الوطنية ..

للحديث بقية

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق