جمال عنقرة
محجوب عروة.. ليته لم يكتب
عندما تعرض أخي جمال الوالي إلي ظلم واضح بوضع الحكومة يدها علي بعض مؤسساته الإعلامية، كتبت مقالا بعنوان (جمال الوالي.. الكريم لا يضام) كان غرضي الأساسي من المقال نصرة اخي جمال، ولم يخطر ببالي قط اخي محجوب عروة، ولو لم اتخذ من البيان الذي أصدره الأخ خالد شرف باسم أسرة آل عروة مدخلا للمقال لما ورد اسم الأستاذ عروة في المقال تماما، عندما كتبت ذاك المقال لم اكن قد قرات مقال الأستاذ محجوب الذي كتبه بعنوان (الآن حصحص الحق) ويعلم اخي عروة أن العلاقة بيني وبينه أطول وأعمق بكثير من علاقتي باخي جمال، فصلتي المباشرة مع الأخ محجوب تجاوزت الأربعين عاما، وفيها كثير من المشتركات العامة والخاصة، والمعلومة والتي نعلمها انا وهو فقط، وقد يعلمها قليلون كانوا طرفا معنا في بعض الجوانب، وما كنت أتمنى أن يكتب اخي محجوب مقاله الذي نشره في عدد الأمس في صحيفة السوداني الدولية بعنوان ( قصتي من العتباني الي الوالي) والذي وصف فيه الصحفيين الذين عقبوا على ما كتبه خالد شرف وبنوا عليه مقالاتهم بالجهلة، ولا أعلم حتى هذه اللحظة أحدا من الزملاء غيري بني مقالا علي ما كتبه الأخ خالد حتى يشاركني صفة الجهل التي وصفنا بها أخي الأستاذ محجوب عروة، ولا أكتب اليوم ردا علي اتهام، ولكن من أجل تثبيت حقائق أعلمها بدقائق تفاصيلها وشهودها ومستنداتها.
والذي أعلمه في واقعة شراء جمال للسوداني من عروة، أن السوداني كانت فعلا متعثرة، وأن الديون التي كانت علي محجوب حقيقية، وأنه أودع الحراسة بموجب هذه الديون، وليس لأي سبب غيرها، أما كيف دخل جمال مشتريا للصحيفة فلا أود الخوض فيها، ولكن أسأل الأخ محجوب هل كان له خيار للسداد غير بيع الصحيفة،ولعله كان يتوقع أو ينتظر حلا مثل الذي فعلته له الحركة الإسلامية وحلت به أزمة السوداني المماثلة التي دخل فيها في خواتيم عهد الديمقراطية الثالثة وبدايات عهد الإنقاذ، وأشير في ذلك إلي التمويل الكبير الذي وجده في عهد الديمقراطية الثالثة من شركة الرواسي التابعة للوكالة الإسلامية للإغاثة، لدعم التوجه الإسلامي الذي كانت تقوده الجبهة الإسلامية القومية، وكان محجوب أحد رواده، وكان بعض التنفيذيين في شركة الرواسي قد فكروا في ذات ما فكر فيه الدائنون لمحجوب في المرة الأخيرة، إلا أن الرجل الاستثنائي الاسلامي الوطني القومي الصادق الجسور الراحل المقيم البروفيسور عبدالله سليمان العوض، حال دون ذلك، وفرض تشغيل المطبعة بواسطة الشركة، وتعهد شخصيا برد المديونية للشركة، وكانت تعادل نحو 95% من أصول السوداني، فصار بروف عبدالله رئيسا لمجلس إدارة السوداني، واختار أكبر خبراء المطابع المهندس عبد الهادي محمد يوسف الكدرو مديرا للمطبعة، ورشحت الرواسي محاسب الشركة الأخ عبود ليكون مسؤولا عن حسابات السوداني، وصارت المطبعة تعمل وتسدد لشركة الراوسي، ولما اكتملت المؤامرة علي بروف عبدالله بداية عهد الإنقاذ، وأبعد من الإدارة التنفيذية للوكالة، اختار العودة إلى الأمم المتحدة التي كان يعمل فيها بعد انقلاب مايو 1969م وحتى المصالحة الوطنية عام 1977م فكلف صديقه ودفعته المرحوم البروفيسور محمد هاشم عوض لتولي منصب رئاسة مجلس إدارة السوداني، فواصل بروف عوض السداد للرواسي، وساعده في عهد الإنقاذ فضلا عن تضاعف أسعار الورق، أن النظام الجديد حصر طباعة الصحف التي تصدر في ذاك الزمان علي مطبعة السوداني فقط، وهي صحف القوات المسلحة، والجزيرة، والصحيفة الإنجليزية، وكانت الإنقاذ قد أطلقت سراح الأستاذ محجوب عروة، وكان وزير الداخلية السيد مبارك الفاضل قد وجه باعتقاله بتهمة التآمر على النظام الديمقراطي، وذلك لقيادته مبادرة التنسيق بين الإسلاميين والمايويين، وكنت قد كتبت عن هذا الموضوع مرتين قبل ذلك، في المرة الأولى رد علي الأخ محجوب في صحيفة الرأي العام بعنوان (نعم فعلتها أخي عنقرة وكنت من الظالمين) واعترف في ذاك المقال بالادوار التي قام، وفي المرة الثانية كتب ردا في صحيفة السوداني، وقال إنه لم يكن انقلابيا، لكنه عندما علم بتدبير المايويين لانقلاب، أبلغ المرحوم الدكتور حسن الترابي الأمين العام للجبهة الإسلامية القومية بذلك، فطلب منه دكتور الترابي أن يبقى معهم، وينقل له أخبارهم أولا بأول، وعلي حسب ما ذكر عروة في المقال أن دكتور الترابي قال له (نتغدي بيهم قبل ما يتعشوا بينا) المهم انهم افرجوا عنه فورا، وكان أول المرشحين في حكومة الإنقاذ الأولي لوزارة التجارة قبل أن ينقلب عليهم وينقلبوا عليه.