الاربعاء, 05 فبراير 2020 01:36 مساءً 0 442 0
واقعنا
واقعنا

نجاة الحاج

اجتماع البرهان ونتنياهو

فوجئ العالم بمقابلة البرهان ونتنياهو في كمبالا دون مقدمات؛ لذا كانت ردود الفعل قوية ومتنوعة محليًا وعالمياً، وأحدثت ربكة في المشهد السياسي كله، وما زاد الربكة بيان وزير الإعلام الذي أكد أن الحكومة لا علم لها بالمقابلة.
وذهب المحللون إلى أن رئيس مجلس السيادة لا يمكن أن يكون قد اتخذ هذا القرار الخطير منفردًا، وانشغلت الساحة السياسية عن الحدث نفسه بالبحث عمن ورائه عالميًا ومحليًا والغرض الأساسي منه، وعن الجهة التي رتبت له، والمسؤولون الذين كانوا يعرفون بالأمر.
فالحدث عجيب في فكرته وغريب في توقيته أن يتم بعد اجتماع نتنياهو مع ترامب لإعلان صفقة القرن وإعلان القدس العاصمة الموحدة  لإسرائيل وضم الجولان والهجمة على المسجد الأقصى، وبعد يوم من الاجتماع العربي الذي رفض صفقة القرن، وكذلك الموقف الفلسطيني الموحد منه، وبعيدًا عن كل ذلك وبعيدًا عن الموقف العربي والفلسطيني، الشعب السوداني تربى على رفض النظم العنصرية سواء في دولة الأبارتايد في جنوب إفريقيا أو فلسطين أو غيرها، بل في كل تاريخه لم يربط مواقفه المبدئية بمصالحه الخاصة والضيقة، وكان ذلك خطًا أحمر وضعه الشعب السوداني، ولم تستطع كل النظم الدكتاتورية والديمقراطية التي مرت عليه تجاوزه.
وما أزعجني هو السلوك نفسه، فهل كان يعتقد من دبروه أن الأمر سيتم في سرية دون أن تعلن عنها إسرائيل، إذن فهم لا يعرفون أن إسرائيل مكسبها الأساسي وخطتها في التطبيع أن تنشر كل لقاءاتها بأي حكومة بل بأي فرد مهم.
هذا المنهج  الذي اتبع للاجتماع مع نتنياهو كان من صفات الرؤساء العسكريين في مايو والإنقاذ، ولكنه غير مقبول بعد ثورة شعب جاء بحكومة مدنية لا تسمح لفرد أن يتخذ قرارات منفردة في قضايا إستراتيجية تتعلق بمصير البلد، فوفقًا لبيان الناطق الرسمي الحكومة ليس لها علم بما حدث وهذا إن صح فالأمر يحتاج لمعالجات معقدة.
ثورة مثل ثورتنا وواقع مثل واقعنا يحتاج إلى كثير من الحرص في تناول مشكلاتها ومشكلات الفترة الانتقالية بتوازن غير مخل وبعيدًا عن استقطابات الساحة الإقليمية والدولية، وفي هذا لا يجب أن تجبرنا الظروف التي نمر بها من استمرار الحصار أو وجودنا في الدول الراعية للإرهاب ورغبتنا الأكيدة للتحرر منها أن نتخبط في سلك طرق غير شفافة وغير مراعية لما يجري حولنا من التحالفات والتحالفات المضادة ونرتكب أخطاء قاتلة قد تودي بثورتنا ومسيرتها من أجل التنمية وتماسك الوطن ووحدته.
الحدث كبير وآثاره ستكون كبيرة ولا يمكن أن يغطى دون أن تظهر كل جوانبه ونسمع رأي الحكومة فيه؛ لذا سأكتفي إلى أن تتضح الصورة بهذا القدر.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة