الأحد, 16 فبراير 2020 05:30 مساءً 0 354 0
همس الخواطر
همس الخواطر

 د. فاطمة عبد الله

الزواج والنكتة السالبة

ضحكت على كاركاتير مضمونه أن رجلا يسأل صديقه : ماذا ستهتدي زوجتك على (الفالنتاين) ؟ فيرد عليه : رحلة إلى الصين . فسألني إبني لماذا تصور النكتة الزواج /الأزواج / الزوجات بصورة سالبة ، وهل هذا صحيح ؟.
لا يكاد يمر يوم دون أن يصل معظمنا نكتة يوميا على وسائل التواصل الإجتماعي ، خاصة الواتساب من هذا النوع من الطرائف المشوهة لجمال صورة الحياة الزوجية .. ولا أعتقد أن هناك نكتة واحدة صورت الزواج والأزواج بغير هذه الصورة السالبة ، ونسبة لما نعانيه من مشاكل كثيرة في مجتمعنا السوداني فقد صنعنا نكتة سالبة عن الزواج بكل أزمة نمر بها ، أزمة المواصلات ، الغاز ، الخبز ، البنزين ، حتى آلية توزيع البترول الأخيرة ، وغيره .
معظم ما يمر علينا من النكت الخاصة بالزواج أو الأزواج تحمل نظرة سلبية تجاه العلاقة بين الأزواج أو الزواج ، ومن المعلوم أن لهذه الرسائل آثارا سالبة خطيرة عندما تتقبلها العقول أو تتشربها القلوب على مستقبل الحياة الزوجية لدى الشباب والفتيات ، سواء كانوا على أبوابها ، أو بداياتها ، فكثيرا ما نسمع من الشباب أو الفتيات عبارات تزهيد عن الزواج ، تظهر في تأخير سن الزواج لأعذار لا ترتبط بالقدرة المادية ، أو النضج ، أو الأستعداد ، لكنها في الغالب نفور من قيد حتمي ، كلما تأخر كلما خف الحمل عن كاهل من يحمله . وعبارة ( أنا كدا مرتاح مالي معذب روحي). وهذا ما تصوره النكتة بأن الزواج شقاء وعذاب .
تستثير هذه النكات بمجرد قراءتها في أذهاننا شيئا من المقارنة بين ما نعايش ، وبين المبالغة التي تصورها هذه النكات ، فالزوج يريد التخلص من زوجته أو يفرح لموتها ، والزوجة كذلك ، بصورة مغايرة للواقع . فكم من زوجة أظلمت الدنيا في وجهها بعد فقد زوجها ، وكم من إمرأة تأثرت مشاعرها بطلاقها ، وكم من رجل شعر بالحزن والضياع بعد وفاة زوجته ، يقول رجل عندما أخبروه بموت زوجته : لم أعرف حينها ماذا أفعل ، كنت سأذهب إلى المنزل لأخبرها بما حصل ، لكي تقول لي هي ماذا أفعل ؟
أحيانا نقع فريسة لهذه النكات دون أن نشعر ، فتستقر الصورة السلبية في أذهاننا . وترسخ في العقول وكأنها حقيقة مطلقة ، وبالتالي تمارس دورها في تفكيك المجتمعات ، والنيل من الروابط الإجتماعية بين الأفراد .
النكتة هي أسرع الوسائل وأنجحها في غسيل المخ ، والتأثير على الفكر ، وتنتشر بصورة سريعة ، ولهذا نجدها تغزونا في أكثر المواضيع حساسية وتأثيرا على المجتمعات .
قد ينظر البعض لهذه الطرائف المشوهة لمؤسسة الزواج بأن الأمر لا يعدو مجرد أنها نكتة تضحكنا ، وننسى أن للطرفة دور كبير في طرح المشاكل ومعالجتها ، فالكوميديا لها دور كبير في تصحيح كثير من الأوضاع الخاطئة بقالب فكاهي يطرح فكرا إيجابيا لا سلبيا .
هذه الفكاهة السالبة عن الزواج تصل إلى الشاب المقبل على الزواج ، تصل إلى الولد والبنت ، تصل إلى الزوج والزوجة ، وتمارس التأثير الفكري الذي وجدت لأجله ، فتصبح بعدها نظرتنا للحياة الزوجية سلبية قاتمة ، فإذا بنا نجد أنفسنا قد طمسنا معظم الإيجابيات عن الزواج والأزواج ، وحولنا الصورة الجميلة إلى صورة مشوهة .
الكلمة بشكل عام تؤثر على الجميع ، سلبا أو إيجابا . والنكتة فن راق نريده أن يعكس ثقافة إيجابية واقعية ، لا فكرة مشوهة لا تمت للواقع بصلة ، نريدها أن تكون سبيلا للإصلاح لا مسخا مشوها لحقيقة الزواج .

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق