الأثنين, 09 مارس 2020 01:09 مساءً 0 466 0
تاملات
تاملات

جمال عنقرة

البلدوزر وسد النهضة

لم أجد مقالا أكثر توازنا، واقوي حجة، وأسلم منطقا، وأشحن حكمة في شأن العلاقات السودانية المصرية، وتحديدا فيما يتعلق بسد النهضة وتوتراته واحتمالات مالاته المفتوحة، مثل المقال الذي كتبه السفير الفخيم الحبيب الدكتور عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان السابق في جمهورية مصر العربية، وهو مقال اكتسح به البلدوزر كل الذين كتبوا في هذا الشأن، لا سيما بعض أدعياء الخبرة والمعرفة والتخصص في العلاقات السودانية المصرية، من السودانيين والمصريين علي حد سواء، ولم أجد غير أن أنشر مقال البلدوزر كاملا، دون إضافة أو نقصان من أجل أن تعم الفائدة، وهو مقال اصلا لا يحتاج إلي إضافة، ويشوهه النقصان، وجاء في مقال السفير الفخيم:
....كنت إلى امد قريب أحسب أن نهر النيل سيبقى موئلا لارقى حضارات الدنيا ...وأنه بمنأى عن قعقعة سلاح بخلاف ماقد يصله من زئير اسد المتنبئ...
ورد اذا ورد  البحيرة شاربا
ورد الفرات زئيره والنيلا
على ان اسوأ كوابيسنا تعرض الآن..لم يعد الحديث يتم حول إن كانت إرهاصات حروب المياة حقيقة ام خرافة....بل وصل بنا الأمر لمناقشة  سيناريوهات الحرب الجوية والبرية..اعتقد ان الوقت لم يحن بعد لنعى دور الدبلوماسية...حتى بيان الخارجية المصرية الشقيقة ردا على البيان الأثيوبي أراد ان يلم شعث الأطراف المتناثرة بالتذكير لضرورة بعث فرص الحل الدبلوماسي من بين الركام....
ليس فى منطقتنا العربية فحسب التى توجد فيها أقل معدلات الأمن المائى من مصر مرورا بالكويت والأردن وموريتانيا وانما تقف مناطق انهار مشتركة أخرى على شفير توترات مماثلة وتحديدا  دجلة والفرات والقانج وكلورادو وبراهمابوترا والسند ويزداد الاحتكاك بين البرازيل وباراجوى ... وبين الهند وباكستان وتربط بينهما فى اتون توتر حدودى بالغ العنف حول كشمير اتفاقية هشة لتقاسم المياة برعاية من البنك الدولى منذ عام ١٩٦٠... وبخلاف الخلافات المائية الثنائية فان نقصان المياة الناجم عن التغيرات المناخية ودورات الجفاف  قصة أخري......فبلد مثل اوزبكستان يعتمد اقتصادها على زراعة القطن تجد نفسها فجأة فى مقصلة ندرة المياة اللازمة لرى القطن عماد حياة سكانها.....فى السودان كانت تجليات تغير المناخ وندرة المياة واضحة فى موجات الصراع الأولى بين الرعاة والمزارعين التى ادت للتراكمات المعروفة لقضية دارفور..
..اذا كان معهد المحيط الهادي بولاية كاليفورنيا قد احصى منذ ثمانينات القرن الماضي مايقارب ال ٩٠٠ حالة من حالات الندرة وصراعات الموارد المائية فان ذلك يعطى المزيد من الفرص لتعلية دور الدبلوماسية....فالتوترات الثنائية حول المياة تعكس بجلاء مشكلات فى التعاون والتفاهمات الثنائية والجماعية كذلك...واذا كانت هذه التجارب تعزز  بدورها دور وموضوعات القانون الدولى فانها تنبئ كذلك بترقية  دور دبلوماسية المياة....كم كنت أود ان تبادر النخب ذات الصلة فى السودان ومصر  بانشاء معهد او مركز  مشترك  لقضايا وموضوعات الأنهار المشتركة ودبلوماسية المياه ..فلنجعل من  كل تحد فرصة...
عودة  لسد النهضة.....فلنعطى للدبلوماسية فرصة أخرى كما يدعو بيان الخارجية المصرية....ونحتاج فى هذا الاطار لتعزيز دور المسار السياسي على أعلى المستويات.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق