الأثنين, 23 مارس 2020 00:55 مساءً 0 489 0
اللفة الاخيرة
اللفة الاخيرة

يسرية محمد الحسن

فطاحلة الزمان «2»

كنت قد اختطفت عبده الميكانيكي  واشددت الرقابة  المنزليه عليه  ريثما ينتهي  من عمره سيارتي  الداتسون العتيقه   فقد كانت متيمه بحبه عشقأ  بينما هو يمقتها كرها !!..والسبب وراء سدي منافذ  الهواء  واعتقالي التعسفي  للميكانيكي الشاطر  والمسكين  معاقرته  لمعشوقته  التي تذهب بعقله ليلا  لتظل ممسكه  بتلابيب وعيه  حتي ساعات  طويله  من نهار  اليوم التالي ..وحينئذ تضيع رجااتي  ادراج الرياح  في املي  ببث  الروح  احياءأ  للداتسون الصغيره   والحبيبه الي نفسي  والتي تقلني علي ظهرها  راضيه مرضيه  !!..وانا اهم بمغادره المنزل  صباحا  يا للروعه ...انه عبده  بكامل  وعي عقله  المتقد ذكاءا  وفهمأ  ومعرفه بالحديد  الياباني  الاصلي الصنع  وقد جذب خرطوم المياه  بعد ايصاله بالصنبور  وصوت قلب  الداتسون  الصغير.  والمنهك  وقد دبت  الحياه فيه من جديد  وبدأت شرايينه  تضخ وتقسم  في صوت ناعم وجميل ..خيل الي لحظتها  وكاني استمع  الي معزوفة الموسيقار الكبير. برعي احمد دفع الله  الاخاذه !!.. الخرطوم. والصباح الباهي ..كيف لا  وعادم الداتسون  تنسرب منه  المياه بغزاره  تحاكي اضطراب  امواج النيل  الصباحيه  علي ضفتي النهر العظيم  الذي ترقد خرطومه  الجميله  علي شاطئيه  وكانها عروس في ليله زفافها  !!..حنخليها تقسم  اليوم كله ..هكذا عاجلني عبده  قبل ان  استفسره. متي تشفي محبوبتي من علتها !!..شكرته ووعدته بجزيل العطاء. مستدركه. علي الفور.لكن بعد  امتطيها.  واري ان كان سيغمرني  وفاؤها المعهود. والموثق عهدا بيننا !!......هناك الي جانب زنك سوق الخضار بالخرطوم  تصطف سيارات  الاجره   والقوموسينجي  ينادي..دار الاذاعه...دار الاذاعه نفر..وكنت انا النفر  المتبقي لتنطلق سياره الاجره  حتي مبني الاذاعه بام درمان  ترجلت  من التاكسي  وقد سبقني  بدفع اجرته واجرتي  زميلنا  بالتلفزيون. المخرج صالح مطر ..نظره خاطفه علي ساعه يدي ...يا للهول !!.. نشره العاشره صباحا  من نصيبي في هذا اليوم  وقد تبقي لها  من الزمن عشر دقائق  !!..وجدت نفسي اركض وبسرعه  حتي قسم الاخبار  ليخبرني محرر النشره زميلي  الصاق بخيت الفقيه  انها بالاستوديو  لدي مذيع الربط  فيصل عبد الله ...وبما ان انفاسي  ما زالت متلاحقه  وصدري يعلو ويهبط  من تاثير الجري  وحتي اهدأ تماما  لاستطيع بعدها قراءه النشره بنفس مرتاح ..ذاك يتطلب  زمنا  يعادل الزمن المتبقي  لشعار الاخبار  وبدايه النشره ..وبما ان المذيعيين  الجدد امثال فيصل  يتوقون لليوم  الذي تعانق فيه اصواتهم مايكرفون الاذاعه عبر نشره الاخبار  لانها  المقياس.  والاجازه  التامه  لتصبح مذيعا  كامل الدسم. وعلي سن ورمح  ..يشار اليك بالبنان ....فكرت سريعا  بعد ان طالعني وجهه الصبوح بنظرات حزن  عظيم اطلت من عينيه ..كانه يلومني  ان هدمت  عليه حلم حياته  واهدرت  فرصه هدف له غال ونفيس  في شباك  كبير المذيعيين  وقتها  الصعب والمتشدد  في ضروره الالتزام  علي نهج الاولين  الصارم والقاتل  والمحطم لامال  المذيعيين الصغار  في سرعه  معانقه اصواتهم  عبر الحلم بعيد المنال ...نشره الاخبار..!!فيصل. انت راجعت النشره كويس ؟...اائ ..لكن هاكي ليها ..نهض واقفا مادا  يده بالاوراق   فهو لم تتم اجازته  بعد كقارئ  للاخبار  من قبل الاستاذ عبد الوهاب احمد صالح كبير المذيعيين ...لا حتقراها انت !!..اندهش فيصل  دهشه عظيمه ...لكن عبد الوهاب...قالها بتلعثم لارد عليه...انا حاتصرف !!..دقت ساعه الاستوديو  معلنه العاشره صباحا في ام درمان..اذاعه جمهوريه السودان .وانا اضع يدي علي قلبي  وكانت دهشتي...فيصل ثابت  كجبل احد  نهار الغزوه العظيمه والملحمه البطوليه  النادره والحاميه الوطيس  لجيش المسلمين بقياده رسول الله صلي الله عليه وسلم في مواجهه جيش كفار قريش بقياده القائد الفذ  خالد بن الوليد ....حقيقه لم اندهش  ابدا حين ختم فيصل طالب القانون بالجامعه نشرته  بكل هذا الالق  والابهار والثبات  والجمال وبدون اخطاء ...فقد كنا زميلين  لا نفترق ابدا  وكنت مؤمنه بقدراته  البلاغيه  واداءه المذهل وصوته الجميل الرنان ....لكن عبد الوهاب وبسيره  علي خطي  المؤسسين الاول  يري انه لابد وان يظل المذيع الجديد علي سطح صفيح ساخن  فتره لا تقل عن عامين  وبعد تمام التأكد من مقدراته كافه  تتم اجازته  ويصبح قارئا لنشرات الاخبار ..وقبل ان يلملم  فيصل اوراق النشره  ليتسلمها المحرر  اذا بعبد الوهاب  احمد صالح  يندفع  داخل الاستوديو  والشرر يتطاير من عينيه  المخيفتين !!..وبسرعه جال ببصره  وكانه كان يبحث عني  وما ان وقعت عيناه علي عيني حتي رمقني بنظرات  تنبئ  بالويل.  والثبور.  وعظائم الامور !!.. انا وفيصل وقوفا بعد ان استلم الصادق الفقيه نشرته وانسحب ..سادت دقايق صمت رهيب  ونحن نرتعد خوفا .....مين الاداك  الاذن تقرا النشره ؟ صمت الزميل الوفي ..لكني رديت  انا يا استاذ ..اسفه جدا  لاني لم  اجد وقتا  حتي اطلعك  علي الامر  فقد داهمتني اللام بطني فحأه  ولم يكن امامي من خيار  سوي ان ينقذ فيصل الموقف  بعد ان تاكدت تماما من امكانيه  قراءته للنشره    والان اريد منك اذنا للرجوع الي المنزل  انطلت الكذبه البضاء  التي لم تضر احدا علي الرجل  الذي يبدو من نظراته  انه اشفق علي بالفعل   حيث انني ومن شده رعبي منه...قربت ابكي !!..لم اصدق ان الاستاذ تقبل الامر  طالبا من فيصل ان يتبعه. علي ان ابقي انا داخل استوديو البث المباشر  حتي ياتيني  بمذيع اخر  يكمل الورديه ....يانهار مش فايت  علي  حد قول عادل امام في مسرحيه الزعيم ...!!ما ان غادر فيصل وعبد الوهاب الاستوديو  حتي جاءني صوت  خميس مراسله مكتب المدير العام ....وبعد ان التصق بطاوله التقديم .... اسمع انت ..ابو الازايم  قاليك تجي هسه في المكتب هقوو  دايرك !!.. وبدون تفكير رددت عليه بقولي...امشي قول ليهو هي عيانه وراجعه البيت ...دنا  قريبا من وجههي وجهه خميس  مقطب الجبين كالعاده ...تمشي ووين !!.. انت مجنون ولا كيف !!..ابو الازايم  قاليك  تجي هسه  يااني تجي هسه !!.. انت داير يرفدوك ولا شنو !!.....غدا ان شاء الله نواصل...

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق