الأثنين, 23 مارس 2020 01:12 مساءً 0 521 0
واقعنا
واقعنا

 نجاة الحاج

اقالة وزير الري  مطلب وطني

اعتبر نفسي غير محظوظة لانني لم احصل علي وظيفة وزير في هذه الحكومة الانتقالية بالرغم من انني معارضة للنظام القديم وجزء من مسيرة الثورة وادعي التاهيل والكفاءة في تخصصي وفي السياسة ولدي ميزة إضافية «التمييز الإيجابي « باعتباري «جندر» فما.اجمل ان تكون وزيرًا في حكومة تتمتع فيها بامتيازات الوزارة» وتبرتع « فيها بتقديرك الخاص دون مساءلة من احد لا مجلس وزراء يراجع ما تفعله ويقيم اعمالك ولا مجلس تشريعي انت مسؤول أمامه ويسحب منك الثقة اذا اخطات ولا حتي انت مسؤول ان ترد علي ما يثار في السلطة الرابعة(الأعلام) وبالتالي فان مثل هذا الكرسي الذي يتمتع بمثل كل هذه الحصانة الربانية لا يتكرر كثيرا الا في عصور الفوضى  فان كنت من المحظوظين قيد الله لك ان تكون عضوا في  مثل هذه الحكومة.
تذكرت كل هذا وأنا اتابع اداء و سلوك وزير الري السوداني ياسر عباس وغيره من وزراء الحكومة الانتقالية الذين يرتكبون اخطاء واضحة واذا انتقدهم احد يتعاملون معهم بالتجاهل الكامل المطمئن وكأنك «تؤذن في مالطة» لماذا ؟ لان الحكومة والوزراء ليست لهم مرجعية فليس لأحدهم حزب ينتمي اليه فاختاره من بين اقرانه بمقياس او مقارنة وغير ملتزم باي برنامج لان الجهة التي كلفتهم نظريًا (قحت) ليس لديها برنامج وهذا أيضا ينطبق علي رئيس الوزراء نفسه نعم أتت بهم الثورة ولكن ماهي علاقتهم الموضوعية معها كأفراد سوي ان الدفع الذاتي للثورة هي التي تحميهم بكل اخطائهم امام النقد والمسائلة وهذا ممتد من التجربة المريرة لشعبنا من نظام الانقاذ وويلاته حتي تسمع العامة يقولون لك  «والله لو ما اشتغلوا وانعدم كل شيء نحنا راضين» وان يصل الشعب مع حكومته لهذه الدرجة من الثقة والتأييد حالة لا تتكرر كثيرا في مسيرة الحكومات وهي فرصة نادرة يجب ان يستغلها حمدوك بقدرة وبشجاعة ودون تردد وان يحدث تغييرات في كل الوزارات في الأفراد والمناهج بدلًا من هذا الصمت المبالغ فيه فلا يمكن ان تتسلم قضية استراتيجية للبلد من نظام أسقطه الشعب وتسيره بنفس اللجنة بل ترفع واحدًا منهم وزيرًا علي مسؤوليتك وخيارك المنفرد وتقوم الدنيا وتقعد حوله من خبراء الري والمياه والبيئة والسدود والإعلام بل والجماهير المتأثرة  علي سلوكه في قضية حيوية ولا يناقش او يعلق عليه من رئيس الوزراء المسؤول لا بالسلب او الإيجاب مهما كانت الظروف التي منحتك التأييد الشعبي لحكومتك لانه ليس صكًا ممنوحا للأبد خصوصًا في غياب المجلس التشريعي المراقب علي اداء الحكومة.
لقد كان السودان عبر التاريخ شريكا أصيلا في مياه النيل مع أثيوبيا ومصر وليس وسيطا محايدا بينهما  والمطلوب بهذه الصفة ومع الحفاظ علي حقوقهما الدولية في النهر المشترك ان نقف بقوة خلف حقوق السودان وحقوق السودان هنا ليس فقط الفائض من المياه التي تذهب للسد العالي لعدم استغلالنا له او نقرر ان يخزن في سد النهضة وتفكها أثيوبيا لنا بطريقتها وتلخيص القضية في ذلك يشوبه خلل كبير وفيه استغلال اخلاقي للعواطف بين جارتين شقيقتين يكن شعبنا لكليهما كل الود والحب والاحترام ومصيبة ذلك التقزيم للقضية انها تفقدنا مصالحنا الأخرى التي هي في رأي الخبراء حزمة كاملة لا تنفصم فلا يمكن ان نقبل رد الوزير حول امان السد في واشنطن ( انني من سنار) اي أنكم اذا غرقتم فانا اول الغارقين بدلا ان يبرز دراساتهم العلمية من بيوت الخبرة المعتمدة ان السد امن ومؤمن عليه وأحيانًا يقول نعم وجدنا قصورًا في الزيارة وطالبنا بالتعديلات وإثيوبيا قامت بالواجب يعني مطلوب منا ان نقبل قوله لمجرد انه سيغرق معنا او شاهد السد وقيم سلامته بالعين المجردة علي طريقة طيب الذكر عبد الرحيم محمد حسين هل يعقل هذا ؟
والرجل لم يحدثنا يوما عن الأثر البيئي والاجتماعي للسد نتيجة تغير المناخ ولم يرسم خريطة الأمطار بعد قيام البحرية ولم يقل لنا مصير محاصيلنا المطرية التي تزرع معظمها حول السد وهناك قوانين دولية للبيئة تفرض التزامات علي المشاريع التي تحدث تغيرًا مؤثرًا علي المناخ وإثيوبيا موقعة عليها
وهو مع اعترافه  بان السد سيقضي علي زراعة الجروف التي تعتمد عليها العاصمة والنيل والشمالية
بنظافتها الجينية  وتكلفة زراعتها الرخيصة وكمياتها الهائلة لم يتحدث عن بديل عملي لها الا اننا سنستفيد من الفائض الذي كان يذهب لمصر ولم يقل لنا كيف وماذا اعد من مشاريع بديلة واين ميزانياتها ومن سيتحملها وماهي الجدول الزمني لها
فقط بشرنا بان السد سينقذ السودان من الفيضانات ومن الطمي كان الكوارث فقط هي التي تأتينا من الفيضانات وليست الأمطار هي السبب الرئيسي وكان الطمي كله خسائر رغم انها تجدد تربة الجزائر والحروف علي طول النيل
حديث الخبراء كثير وركزت علي نقاط قليلة منها فمثلا ركز الوزير علي ارتفاع منسوب المياه الجوفية كميزة كبيرة وأهالي النيل الأزرق جل شكواهم من تعلية الرصيرص ان مبانيهم تشققت وانهارت ولا يتحدث الوزير عن الجانب السلبي أبدا
نحن لا نتحدث عن كل ذلك لكي نضع عوائق لاخوتنا الأثيوبيين في حقهم في التنمية ولكن ليعرف كل ذي حق حقه وكانت تلك مهمة مفاوضينا بقيادة وزير الري الذي فرط في حقنا وحولونا من شركاء الي وسطاء في قضية استراتيجية خطيرة وما تقوله أثيوبيا ليس موجها لمصر وحدها بان الأرض والنيل والسد حقهم وهم احرار فيما يفعلون لاننا اذا سلمنا بذلك اليوم في غمرة العواطف تجاه أثيوبيا وتحت الشعور المزيف اننا وجدنا يدنا في مصر كما يعتقد البعض حتما سنندم غدا باننا ملكنا أثيوبيا نهرا دوليا مشتركا دون وجه حق بقصر نظرنا وبعواطفنا في عالم لا يعرف العواطف في مصالحه.
الفهم الشعبي العميق لكل تلك الأبعاد جعل المطلب الاول لاهالي النيل الازرق هو المطالبة باقالة وزير الري ولجنته مسنودين علي رأي خبراء لا يشق لهم غبار
وأنا وان كنت اول من طالب الوزير بالاستقالة وحل اللجنة فإنني في هذه المرة احمل السيد حمدوك بصفته كامل المسؤولية التاريخية تجاه حقوق شعبنا الذي يهدره الوزير ولجنته وأطالبه بان يخرج عن صمته المتعمد حول السد الاثيوبي ويقيل وزير الري فورا ويحل لجنته ويستبدلهم بمن هم اكثر علمية وشفافية مع الشعب والثورة وحق الأجيال القادمة

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق