الأحد, 29 مارس 2020 00:47 مساءً 0 438 0
تأملات
تأملات

جمال عنقرة

الحرية والتغيير.. هل يستبينوا النصح؟

ذكرت في أكثر من مقال سابق أنني لست عضوا في قوي إعلان الحرية والتغيير، ذلك لأني لست عضوا في أي من مكوناتها التي قد تتجاوز السبعين مكونا، لكنني مع ذلك فوضت أمري لقوي الإعلان، وارتضيتهم ممثلا لقوي الثورة في المرحلة الإنتقالية، ونصيبي في الثورة مثل أنصبة كثيرين من عموم أهل السودان الذين لم يكن يعجبهم الحال علي عهد الإنقاذ الماضي، ولو أردت تمييز نفسي بنصيب أكبر لفعلت، إلا أن ذلك لم يعد مطلوبا، لا سيما بعد أن فقدت الثورة كثيرا من بريقها الأول وصارت تأكل في نفسها، ولا أدري لو شهد الزعيم الراحل هاشم بامكار هذا العهد، ماذا كان سيقول، ومن طرائف بامكار له الرحمة والمغفرة، أنه بعد المفاصلة التي حدثت في صفوف الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، واعتقال الدكتور الترابي يرحمه الله من قبل بعض تلاميذه الذين انحازوا للحكومة، قال بامكار  (سمعنا بثورة تأكل بنيها، لكن اليوم شفنا ثورة تأكل ابوها)
فلم تعد الخلافات داخل أروقة قوي إعلان الحرية والتغيير خافية، وظلت كل يوم تشهد منظرا يدل علي ذلك، وهذا أمر يجعل السودانيين كلهم يشفقون علي مستقبل وطنهم، وهذا الذي يجري يزيد الطين بلة، فعلي الأيام الأولي كانت الخلافات الكبري بين المكونين العسكري والمدني للثورة، وهذه رغم خطورتها لكنها تضاءلت بمرور الوقت، خصوصا بعد الانسجام الذي حدث داخل مجلس السيادة بين المكونين العسكري والمدني، ولقد تجلي ذلك في مشاهد عدة، كان فيها المدنيون في مجلس السيادة أكثر انسجاما مع العسكريين في المجلس، بل كانت مواقفهم أقرب الي زملائهم العسكريين في مجلس السيادة، من زملائهم المدنيين من قوي الإعلان في مجلس الوزراء، وفي مركزية قوي إعلان الحرية والتغيير.
وبرغم أني لم أهتم كثيرا لما قاله عضو المجلس العسكري الانتقالي السابق الفريق أول صلاح عبد الخالق، ذلك أنه لم تعد له صفة قيادية في الحكومة أو المؤسسة العسكرية، إلا أن قوله، وردود الفعل تجاهه، السالبة والموجبة يجب أن تلفت الأنظار إلي المخاطر التي تحيط بالبلاد عموما، وبنظام الفترة الإنتقالية بصفة خاصة، وبقوي إعلان الحرية والتغيير بصفة أخص، وما يتنادون به لفتح بلاغات، ومقاضاة السيد صلاح عبد الخالق ليس مفيدا، فلقد بني صلاح أقواله علي تناقضات قوي الإعلان، ولعل أقوي ما اعتمد عليه هو ارتفاع وتيرة الدعوة للبعد عن المكون العسكري عموما، ومن قوات الدعم السريع وقائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي بصفة خاصة، ولقد ذكر صلاح ذلك صراحة، ويبدو أن موقف قوي الإعلان من لجنة الإصلاح الاقتصادي برئاسة حميدتي هو الذي دفعه لهذا الموقف، وكما ذكر عبد الخالق أن حميدتي أثبت نجاحا كبيرا عندما كان مسؤولا عن الملف الإقتصادي أول أيام الثورة، فاستطاع حل كثير من الأزمات المعاشية، بعلاقاته، ومن ماله الخاص أيضا، وكانت مقررة اللجنة الاقتصادية القيادية في قوي الإعلان وفي حزب الأمة القومي الدكتورة مريم الصادق المهدي قد استقالت من اللجنة أيضا قبل أن يدلي الفريق صلاح عبد الخالق بحديثه الذي أثار بلبلة في وسط قوي إعلان الحرية والتغيير، ووجد تجاوبا من قطاعات واسعة، بعضها من داخل قوي الإعلان نفسها، وأعني تحديدا دعوته لحل الحكومة القائمة، وتكوين حكومة كفاءات قومية حقيقية، والترتيب لقيام انتخابات مبكرة، وهذا أمر يجب أن تنتبه له قوي الإعلان، وتنتبه الي تحذيره من اقدام عسكريين مغامرين للاستيلاء علي السلطة مستثمرين الأوضاع التي تعيشها البلاد، لا سيما الأوضاع الاقتصادية، ثم حالة التصدع والشتات التي تضرب قوي الإعلان، وآخر مظاهرها الإستقالة التي تقدم بها أمس الأول أيقونة الثورة الدكتور محمد ناجي الأصم من سكرتارية تجمع المهنيين، فكل ذلك وغيره يجب أن يلفت انتباه القائمين علي أمر قوي الإعلان الذين ارتضيناهم حاكمين باسم الثورة، وأتمني أن يستبينوا النصح قبل ضحي الغد.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق