الثلاثاء, 31 مارس 2020 00:25 مساءً 0 489 0
تاملات
تاملات

جمال عنقرة

مصر.. ومعركة كورونا

أسعدني كثيرا أن الحكومتين في الخرطوم والقاهرة، لم تتأثرا كثيرا بالمعارك الجانبية التي نشبت، ويشعل نارها بعض السودانيين مع بعض المصريين، بأسباب مستدعاة من العدم، ومن خيالات شاطحة، ثم من موضوع سد النهضة الذي اختلف حوله بعض أدعياء الخبرة والمعرفة في مصر والسودان باستدعاء خلافات غير موضوعية، وغير مؤسسة، ثم جاء موضوع كورونا الأخير والذي حمله كثيرون أكثر مما يحتمل، ولقد عبر لقاء الرئيس السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الأخير مع سفير مصر في السودان السفير حسام عيسي، عبر عن هذه الروح الإيجابية التي استطاعت السمو فوق الخلافات المصنوعة، والمعارك المفتعلة، ونحمد للحكومة المصرية تقديرها لظروف الحكومة السودانية التي لم تكن علي استعداد كاف لاستقبال مواطنيها العالقين في مصر، فلم تجبرهم مصر علي مغادرة أراضيها، بل تعاونت معهم بما يقلل الضرر مثل سماحهم لنحو ثلاثمائة من العالقين في منطقة السباعية من كبار السن والمرضي بدخول أسوان، وسمحت كذلك لكل الذين يرغبون في العودة إلي القاهرة من العالقين في السباعية أن يعودوا، كما غضت السلطات المصرية الطرف عن السودانيين المخالفين للإقامة حينما فتحت السلطات السودانية المعابر لفترة محددة، ولقد أخبرني من أثق في شهادته أن أكثر الذين يرابطون الان في الثغور من السودانيين هم من التجار الذين يحملون كميات كبيرة من البضائع، وكذلك المخالفين الذين يودون استثمار تسامح الحكومة المصرية في هذه الفترة، ويعودون ببضائعهم أو مخالفاتهم .
كنت من الضاغطين بشدة من أجل سماح الحكومة السودانية لعودة العالقين في مصر، لا سيما الذين سافروا بطائرات سودانية، ومعهم تذاكر عودة، والشركات جاهزة لاعادتهم خلال يومين أو يومين فقط، ولكن بعد حالة أخي الشهيد ربيع دهب، وشهادة الأخت المكلومة أم وضاح، ضعفت همتي في ذلك، ففي ظل هذه الظروف الصحية المعقدة كيف يعقل أن تخلط مستشفي يشار إليها بالبنان بين نتائج شخصين مختلفين تماما، وكيف يعقل لوزارة صحة ترفض بقاء مريض واحد من أصل ستة منهم من قضية نحبه، كيف ترفض له البقاء في مستشفى استطاع أن يؤمن له عزلا واستقرارا وعلاجا، ولم تبق له غير ساعات محدودة يتجاوز بها مرحلة الخطر، ولم يعد لديه أي خطر علي الآخرين، فكيف يرفضون له البقاء ويحملونه الي مستشفي فارق الحياة فيها بعد أقل من نصف ساعة.
 لقد سعدت بالإجراءات التي اتخذتها السفارة السودانية في مصر، لتخفيف وطأة البقاء في مصر في ظل هذه الظروف التي تتعذر فيها عودة مواطنيها من هناك، فلقد سعت السفارة لإعادة كل المتجاوبين الي القاهرة، وظلت توفر لهم السكن والمعاش، وفعلت ذلك حتى مع بعض الذين كانوا يقيمون هناك، ويعملون في وظائف هامشية، وحتى الذين حاولوا إثارة الشغب من بين هؤلاء رفض القائم بالأعمال بالإنابة السفير خالد الشيخ معاملتهم بعنف.
وسعدت مرة أخري بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية التي استطاعت أن تحد بها من حركة المواطنين خلال أيام انتشار الوباء، فمنحت العاملين في الحكومة عطلة مدفوعة الأجر، والتزمت بدفع رواتب ثلاثة شهور للعاملين في القطاع الخاص، والحرفيين والمهنيين، وقدمت مواد تموينية بقيمة الف جنيها مصريا لكل أسرة لمدة ثلاثة شهور، وألزمت المؤسسة العسكرية بتوفير كل السلع الضرورية بقيمة التكلفة، وضاعفت أجر العاملين في الحقل الصحي لخمسة أضعاف لثلاثة شهور، وألغت كل الرسوم الحكومية علي القطاع الخاص لهذا العام 2020م فلن تتحصل في هذا العام ضرائب ولا عوائد ولا غيرها، وهكذا تكون مسؤولية الحكومة عن شعبها في أيام الأزمات، وأرجو أن تستفيد حكومتنا من هذه التجارب الرشيدة.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق