الجمعة, 24 ابرايل 2020 04:42 مساءً 0 369 0
ايام وليالي
ايام وليالي


علي سلطان
تواضع القادة بين شجرة ودراجة

مع الحظر المنزلي أصبحنا اسرى الواتساب والفيس وتويتروالانستغرام  وغيرها.. وأحيانا تصل إلى حد من الزهج من هذه السوشيال ميديا فتهم أن  تضرب  الموبايل على الحائط فتكسره تكسيرا  أو ترميه  أرضا فتهشمه تهشيما.
 وتمر ساعات طوال وانت في تطواف مريح   بين آيات وسور قرآنية لعدد كبير من القراء وبين البومات أغنيات بلا حصر وبين  نكات وتعليقات في شتى الموضوعات ثم تغرق في بحر  من  الشائعات الأكاذيب المصنوعة والمنسوجة  بعناية ودقة  فائقة حتى تنطلي عليك الحيلة فتصدقها وتمررها بدون تردد.. من بين الفيديوهات التي  انتشرت انتشار النار في الهشيم فيديو ربما يكون حقيقبا لرئيس مجلس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعد شفائه من الكورونا.. وهو يدخل  متجرا عربيا في لندن عليه لافتة كبيرة بالعربي مكتوب عليها  ميلاد  وقد يكون المتجر  لعراقي أو إيراني.. وكان الرئيس بوريس   يلبس كمامة سوداء ويغطي شعره بطاقية أو قلنسوة  وعندما وصل إلى الكاشير وضع  تفاحة واحدة وغرضا آخر ونزع الكمامة عن وجهه فعرفه صاحب الكاشير في الحال  فانغعل وحياه بصوت مسموع وانتبه الناس  داخل المتجر فخرج مع عدد منهم وأخذوا معه صورا تذكارية.. وللمفاجاة فقد جاء  السيد الرئيس بدراجته التي ركنها بجوار المتجر ثم ربطها وعاد ففتح الغالق بالمفتاح وركب دراجته في هدوء.. ارجو ان لا يكون الفيديو مدبلجا  أو أن يكون الرجل شبيها برئيس الوزراء البريطاني.. أو يكون دعاية ذكية من صاحب المتجر-وذلك  حتى يكون لهذا التصرف دلالته العميقة إذا قدر لرئيس أو وزير أو مسؤول عربي أن يشاهده.
طبعا هذا السلوك ليس بمستغرب في أوروبا والغرب عموما.. وربما تصادف رئيس وزراء أو زيرا  راكبا في  حافلة او  على دراجته أو واقفا في الصف لشراء حاجة ما.. بل احيانا تشاهد ملوك أو  أمراء أو أميرات أوروبيات بين الناس في أمور وشؤون حياتهم العادية.
وقد كنا نجد  ذلك السلوك المتحضر الذي يعكس تواضعا طبيعيا قطريا في النفس السوية وفي السيرة العطرة لنبي الهدى والرحمة المهداة سيدنا محمد عليه افضل الصلاه والسلام.. الخلفاء الراشدين.. ومن بعدهم من أمراء المسلمين قبل أن تتحول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض فأصبحت عنق الأمير وراسه    لا يرى بين سيوف الحراس ودروعهم.
وماقصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله أمير المؤمنين عندما كان نائما تحت ظل شجرة دوح ظلبلة  وكان موفد كسرى شاه  الفرس وملكها   يبحث عنه.. فلما اخبروه أن أمير المؤمنين ينام تحت ظل تلك الشجرة  لا حرس ولا حراس.. قال قولته المشهورة( عدلت فآمنت فنمت يا عمر) "والتي خلدها الشاعر الكبير حافظ ابراهيم في قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
و راعَ  صاحبَ كِسرى أنْ رأى " عُمراً " -- بين الرعيَّةِ عَطلاً فيها  هوَ راعيها

رآهُ مُستَغرِقاً في نَومِهِ فرأى -- فيه المهابةَ في أسمى معانيها
فوقَ الثرى تَحت ظِلِّ الدَّوحِ مُشتملاً -- بِبُردَةٍ كادَ طُولُ العهدِ يُبليها
فهان في عينيهِ ما كان يُكبِرُهُ -- مِنَ الأكاسرِ و الدُّنيا بأيديها
وقال قولةَ حَقٍّ أصبحت مَثلاً -- وأصبحَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يَرويها
أَمِنتَ لمّا أقمتَ العَدلَ بَينَهُمُ -- فَنِمتَ نَومَ قَريرِ العينِ هانيها

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق