الثلاثاء, 04 ديسمبر 2018 04:21 مساءً 0 218 0
أجراس فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض

حريق أمدرمان وهل يفيد الندم ؟

حبيبة الدسوقي
وأمدرمان ليست هى تلك حبيبة سيف الدسوقى،هى مدينة أخرى تعيسة حزينة لا مطارح بعد لفرحاتها، مدينة أمٌ مكلومة غير آبهة ولاهيابة وما حاق بها قد حاق، لم تزأر وتنتفض ودمعة واحدة لم تسكب وأحد بواكير فلذاتها سوقها التاريخى العتيق يحترق من تحت مرقد أمومتها ولم تنجه نسمات الصباحات الشتوية بل زادت إوار حريقه، ففلذاتها صرعى واحد تلو الآخر، وعجبت لقيامة الدنيا من حولها على سوقها المحترق من زمان متقلبا بين نيران تقلبات الإقتصاد تضخما وخمولا وكسادا وركودا،كلنا بالعاطفة بواك ولكن بغيرها حيرتنا فى ما جرى ويجرى على المدينة عظيمة، وسوق أمدرمان رمزها وتاريخيتها لم تمتد يد له بالإصلاح بينما أياد أُخر خططت ليكون فوضى عارمة يختلط  حابلها بنابلها، هويتها معنية بالخطر وإحتراق سوقها مؤشر ومنذرها، التشبث وعدم التطور حالة سودانية معقدة ومقعدة، أمدرمان وليس سوقها يحترق زمانا وصوت صراخها ونباحها عويل وعواء تسمع من بهم صمم ولكن لا حياة لمن كانت تناديهم وتعجب لأمرهم واحتراق فلذة كبدها يفيقهم من سباتهم متباكين على سوق تجارى خرادله بين عظيم وصغير وعظيم النيران من بضع شرارات متطايرات هنا وهناك حرقت السوق لتفتح سوقا آخر مواز للمضاربين عواطفا  وللمتباكين خسائر لم يتفق على رقمها صحيفتان عنزتان  تنتطحان بلا طائل وكذا مدونات من ذوى حشاها المحروق، تلك هى أم درمان مصيبتها والسودان أعظم من حريق شبت قبله حرائق وليدا لم يشب رغم التطاول وإرتفاع الإوار، تلك هى محنة أمدرمان.
سوق من فوقه سوق
وحتى لا يلعننى لاعن ويسبنى ويذمنى على عدم التباكى على حريق ذاك الصباح الأمدرماني البيئس،فإنى والله مفقوع المرارة وموجوع حتى الضلوع ومحروق حد الحشا ولكن بماذا يفيد إحتراقى الضحايا المتناثرين أشلاء تسد الطرقات ، ألجنة لجبر الضرر وأدب التعويضات من خرافتنا وخلنا الوفى وغولنا وعنقائنا،ولجنة لجنة نقضى الأعمار إحتسابا وحسابا لكمّ التعويضات جراء حرائق نيران صباحية ونيران فشل إدارى معتق كدس المدن بأمدرمانها تكديسا إستعدادا للحريق الأكبر، هل من حريق أفظع وأفدح من الذى يشب فى حياة الناس أزمات وشحا وبؤسا، والله لن نضن بالبكاء والنشيب والنحيب والنشيج على ضحايا سوق أمدرمان ذوى المال الحلال الممرك والمعطون من عرق تسيل أوديته بين الركبان وفى الحلال ولدى الفرقان، سوق أمدرمان مزيج من كل أبناء السودان الذين لم يجدوا بدا من الإنحشار فى ما وجدوا من أسواق لم يفكر المتحكمون فى تطويرها بخطط بعيدة المدى وفيها وجدوا ضالتهم بقرة حلوبا وجلابة لجبايات ممحقة للبركة،كان سوق أمدرمان يستحق تعاملا كما طابية أمدرمان تبقيه تاريخا ومزارا للسائحين، سوق لكل حاجات السودان وأمدرمان عينه ورأسه، سوق مزود بالخدمات للتجار والمعاودين، سوق من فوقه سوق مولا عظيما يحدث عن أمدرمان العصرية، لو جرى هذا لكان نموذجا فى كل السودان يحتذى ولكن! ولكن الجفلن خلهم أقرع الواقفات.... فغير سوق أمدرمان سويقات ليست بالآمنات ولا الناجيات، سويقات مكدسة عرضة لما جرى وحاق بأمدرمان السوق والتاريخ، سويقات مغرية للإشتعالين الذاتى واليدوى.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة