السبت, 08 ديسمبر 2018 03:12 مساءً 0 245 0
تحليل اخباري
تحليل اخباري

إتفاق برلين هل مفخخ سياسيا ؟

 

إتفاق قبل الإتفاق
بعد مداورة وملاوحة وقعت الحكومة إتفاقا فضفاضا ببرلين مع حركتى العدل والمساواة بقيادة  الدكتور جبريل إبراهيم وتحرير السودان بقيادة منى أركو مناوى، والإتفاق تم تعريفه أو بالأحرى تسميته باتفاق ما قبل مفاوضات الدوحة بين ذات الأطراف، صحف وسمت الإتفاق بالإبتدائى وأخرى بالتمهيدى وخوفى من وصفه بالإطارى وهلم مسميات برزت منذ الدخول فى مفاوضات الحكومة الحالية فى إحدى تشكيلاتها ولبوساتها مع حركة جيش تحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق معلم ومرشد وهادى كل من تمردوا بعده مستفيدين من تجربته الطويلة فقط غير تحلٍ بكارزيماته، والرحيل المفاجئ لقرنق عمق من الجراحات وأفضى للإنفصال الذى يعتقد أن قرنق كان سيقاومه وفقا وعطفا لحركاته وسكناته المفاجئة وحتى تصريحاته، والشاهد أن حركته أعطت طابعا مختلفا للمفاوضات سمته الغالبة تطاولها بلا طائل ونهايتها قضايا أساسية معلقة!
أهو كفرٌ بالمفاوضات ؟
وخبر توقيع إتفاق ما قبل مفاوضات الدوحة بين أطرافه فى بحر الإسبوع الماضى لم يثر إهتماما ولا تفاؤلا على غير ما مضى من أخبار من جنسه ومثله كانت ذات أثر فورى ومردود فعلى وواقعى على مختلف أطر وصُعد الحياة ومفرداتها وجملها وفقراتها ومجمل مكوناتها ،والإنسحاب المباشر  لها يتجلي فى حركة ونشاط السوق الأسود لأسعار صرف العملات صعودا وهبوطا والتى أثبتت نجاعة فى مقابل كافة الآليات المضادة بآلية صناع السوق الموؤدة، ونذكر كمتابعين مضطرين أثر نتائج المفاوضات والمباحثات فى دهاليز وأروقة المفاوضات مع حركة قرنق خاصة وطرفٍ من المفاوضات مع الحركات المسلحة الدارفورية على مجمل الأوضاع والمزاج العام لإرتفاع نسب الإهتمام والتوقعات الإيجابية كل ما تقدمت المفاوضات، وهذه الوقائع لم تعد مصاحبة لأية أخبار عن إتفافيات بالقطاعى بعضها يحمل عناصر وأسباب فنائه داخل أحشائها َ، وكثرة ملاحق التوقيع بعد مفاوضات الدوحة وإغلاقها وحتي بعد إنتهاء مؤسساتها و ترجل سلطاتها دستوريا، جعلتها غير جاذبة ولافتة للإهتمام الشعبى وإن كانت التوقيعات مع أطراف بحجم ومقدار حركات العيار الثقيل مثل العدل والمساواة وتحرير السودان على نحو ما جرى ببرلين ولم نلمس ردات فعل مساوية فى المقدار وربما يعزى ذلك كفرا بالمفاوضات أو لإنشغال الناس بأمور معايشهم الحياتية والضرورية ولإنقطاع رجائهم فى خير يأتيهم من جهة مفاوضات مع الحركات التى لا زالت بالسلاح متمردة أو حتى بإجماع شامل لقوى الداخل جميعها على برنامج عمل موحد، ليس تشاؤما ولكن معطيات الأمور ومحدثاتها لا تنبئ بحل عاجل غير أنها غير مواتية أصلا لتوافق جامع وإن تم إنما تكتيكيا من كافة الأطراف والمكون الخارجى صار لاعبا رئيسا.
لا للشيطان ولا للنبش
ولأن السياسة فن الممكن وبعض المستحيل وممارسة ضد الخنوع والإحباط لا بد من تعاطٍ إيجابي مع ما جرى ببرلين مع التغاضى عن كل المثبطات، مع وعى الأطراف بأن عموم الحال ليس فى صالح طرف منفردا وحتى كما أسلفنا مجتمعا، لاينبغى للحكومة التفاوض من مرتكز ومفهوم لديها بأن الحركات فى أضعف حالاتها بإعلان دارفور خالية من التمرد إعلانا لا يتماشى مع سعيها حتى برلين لتوقيع إتفاق بضرورة الحال والوقائع غير متماسك بيد أنه إعتراف صريح بوجود حركات تمرد دارفورية مسلحة مطالبة هى الأخرى بعدم الإقبال على المفاوضات المعتزمة بالدوحة بفهم أن الحكومة فى أضعف حالاتها جراء الضوائق والأزمات الإقتصادية وغيرها من المهددات الداخلية والخارجية، فليقبل الطرفان على بعضهما بنهج مختلف وتخل عن إستصحاب شيطان التفاصيل والنبش فى ملفات المرارات فردية وإن جماعية كذلك لا بد من تناسيها والنظر بعين المصالح الكلية والناس المكتوية فى مناطق النزاعات المباشرة وغير المباشرة ومسرحها السودان كله، السودان الذي تطالب الحركات ومن يشايعها بالتعامل معه كمفردة وليس اسما علما بين بلدان الأمم والشعوب.
السودان برمته مفردة ؟  
ستكون مفاوضات الدوحة الأصعب والتوقيع على ما قبلها وكأنه جبٌ لإتفاقية الدوحة ويبدو محاولة من قبل الحركات للإلتفاف حولها والطرف الحكومى وقع داريا وعالما ولكنه ربما يثق فى مهارات فريقه التفاوضية مستفيدا من سِفر المفاوضات العصية السابقة وجولاتها كانت مناصفة فى أحوال ولصالح طرف على الآخر فى أحوال أخرى، ونتمناها وإن كان الوضع ليس للتمنى لتكون هذه المرة لصالح البلد، وليس من ضير البناء على مكتسبات إتفاقية الدوحة التى لا ينكرها إلا مكابر وقد حققت منافع ولكنها لم تكفل سلاما مستداما، ولايبدو إعتراضا عليها من الحركات الرئيسة الرافضة عدا حركة عبدالواحد المتخندقة غير المتزحزحة بل قصورا لا بد من تتمته لتكون شاملة لمناقشة كل قضايا السودان من حريات كلية وحقوق عامة وغيرها من الإستحقاقات التى تطالب بها الحركات بأثر رجعى وهذا ما يرفضه الطرف الآخر حتى الآن، الوفد الحكومى سيكون فى وضع صعب بتوقيعه على إتفاق مفخخ سياسيا، إتفاق يضع السودان برمته مفردة على طاولة مفاوضات مهما جمعت وحوت ثنائية مخرجاتها لن تحظى بقبول جامع ولكنها إن حققت نتائج إيجابية بنوايا صادقة تضيق الخناق على أسباب وعناصر الفرقة والشتات.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة