السبت, 08 ديسمبر 2018 03:58 مساءً 0 337 0
(دراسات مابعد الكولونيالية)
(دراسات مابعد الكولونيالية)

تكمن الصعوبة النظرية في تعريف مصطلح الكولونيالية أو ما هو متعارف عليه عربيا بالاستعمار في التفريق بينه وبين مفهوم التوسع الإمبريالي
مفهوم الكولونيالية ارتبط بفعل انتقال مواطنين من دولة الأمة المحتلة إلى الأرض الواقع عليها الاحتلال.
اما مفهوم الامبريالية فتعني باللاتينية (القيادة) كما يراها عصام حمزه .،من خلال بسط السيادة السياسية والعسكرية على الأمم المحتلة، حيث فرضت عليها حكومات وإدارات أجنبية وقد رأى ادم سميث ان الكولونيالية  لا تعني سوى سيطرة المركز الاوربي على الهامش لاستنزاف مواردها عبر التوسع والسيطرة العسكرية ،كما أن ديدرو كان أكثر منتقدي الكولونيالية حدة، وكان يرى أن الغزو الغربي هو الوحشي والهمجي
يرى احد الفلاسفة الاسكتلندين ....من الذي يبررون للاستعمار ان (كل إنسان قادر على تقدير مصلحته، وكل أمة قادرة على الحكم الذاتي لكن هذه القدرة لا تتحقّق إلا في مرحلة معينة من مراحل الحضارة؛ لهذا فإن المهمة النبيلة التي يحققها الاستعمار الغربي هي إيصال الحضارة لمجتمعات الهامش)كما يوردها عصام حمزه
رغم هذا التأييد فإن هناك أربعة مآخذ على الاستعمار الغربي:
الأول: أن الحكومات الأجنبية لا تمتلك المعرفة والدراية اللازمة بالمجتمعات المحلية التي تؤهلها لحل المشاكل المحلية بكفاءة.
ثانيا: نظرا للاختلافات الثقافية واللغوية والدينية بين المستعمِرين والمستعمَرين فليس من المرجح أن يتعاطف المستعمِرون مع السكان المحليين، وهو ما سيدفعهم للاستبداد.
ثالثا: حتى لو حاول المستعمِرون التعاطف مع السكان المحليين فإن ميلهم الطبيعي للوقوف في صف المتفقين معهم ثقافيا ودينيا ولغويا ستدفعهم للتحيز غير العادل في حالات الصدام.
رابعا: الحكومات الاستعمارية والتجار يتوجهون للدول المستعمَرة بغرض الربح؛
لذا فمن المرجح أنهم سيقومون بنهب وتخريب هذه الدول بدلا من نشر رسالة الحضارة فيها.
ويرى «جويدة غانم» في (الرؤى النقدية والاستشرافية للكولونيالية وما بعدها) بين شكيب أرسلان وإدوارد سعيد...
إلى أن  الـحـديـث عـن الـكـولـونـيـالـيـة ومـا بـعـدهـا فـي نـسـق تـجـربـتـيـن رائـدتـيـن فـي مـجـال الـثـقـافـة
والمقاومة والثقافة الإمبريالية الـذي افتتحه كل من شكيب أرسـلان وإدوارد سعيد، يقود إلى «تحري طبيعة الأنماط والصور والتحليلات التي انطلقا منها في ظل الصراع الذي لا يزال محتدما بين الشرق والغرب، وبلغة استشرافية للمآل الذي وضعت فيه الكولونيالية وأنساقها المتعددة قضايا العالم العربي والإسلامي، وفي ظل انكسارات الزمت مفاهيم الإسلام والعروبة والحرية والعدالة والمساواة والمجتمع المدني، وقضايا الاستقلال والأمة الواحدة، وسياسات التمثيل الجديدة والاستشراق وما بعده.
إن قـراءتـنـا  شـكـيـب أرســـلان وإدوارد سـعـيـد، مـن الـنـواحـي الـتـاريـخـيـة والـفـلـسـفـيـة والـسـيـاسـيـة
والاسـتـشـرافـيـة، فـي مـثـل هـذه الـظـروف الـراهـنـة والـتـحـديـات الـمـعـقـدة الـمـفـروضـة عـلـى الـنـسـق
المعرفي والثقافي الحضاري الـذي يـؤول بالحقيقة والنقد إلـى أن يشقا طريقهما في المجال النظري
والتطبيقي إلى تلك المفاهيم التي الزمت صناعة الأحداث والوقائع وشوهت التواريخ وأعادت تكوين
الجغرافيات على حساب جغرافيات أخرى، نقول إن قراءتنا هذه تستدعي بالضرورة قراءة هذه الزوايا
من منطلق المنطق الخلدوني، أي قياس الغائب بالشاهد والشاهد بالغائب، لعلنا نسترجع من خلاله محور الارتـكـاز في نظرية المقاومة وأطـرا للتجديد في المناصرة القومية لا لحسم قضايا في الكلام والتفكير فحسب، وإنما للكشف أيضا عن مساحات في الاسترجاع والاستدراك، بين المعرفة والسلطة من جهة أولـى، والهيمنة والـقـوة من جهة ثانية، و ضعف الشعوب والسياسات والحكومات وفشلها الـمـريـعـيـن  مـن جـهـة ثـالـثـة.  كـمـا نـتـوخـى فـي الـوقـت نـفـسـه الـكـشـف عـن أدوار الـمـثـقـف الـمـتـعـلـقـة بكيفية استحداث خطاب هوياتي لا يخرج نسقه وسياقه عن الفهم الجديد لتلك الروابط الاجتماعية والتاريخية بالدرجة الأساسية، وهو الفهم الذي لا يتمفصل عن مسار الكتلة الوطنية الموحدة للمقاومة والتحرير اللذين كانت حدودهما واضحة كلما انبرى أرسلان وسعيد إلى امتلاك الدفاع عن الروايات الحقيقية
للمجتمع والهوية والوطن، ونقد مختلف الأساطير المشبوهة للأيديولوجيات الإمبريالية على حساب الأيديولوجيات الوطنية. من هذا المنطلق، يتبادر إلينا خطاب الجدوى )faisabilité )من الدراسة الـمـقـارنـة بـيـن كـل مـن أرســلان وسـعـيـد. ومـع أن الإجـابـة عـن جـدوى الـدراسـة سـتـتـحـدد هنا ، فإن الاختلاف في قراءات مساحات الأخير ربما يفتحه على تحد عقلاني، فإما أن يقبل النتيجة
وإما أن يرفضها بحكم الأشكال المختلفة للعقلانية. كما أن تجلي بعض الأفكار والمواقف والمواقع
المتماثلة بين أرسـلان وسعيد يفتح المغامرة البحثية في رحلة استقرائية معقدة، لعلها تصل بالدرجة الأساسية إلى الرفض العرضي لذلك الصمت البستيمولوجي، الذي لم يعد النظر الدقيق في مستقبل الـعـمـل الإمـبـريـالـي الـذي طـرحـه كـل مـن أرسـلان وسـعـيـد فـي هـذه الـحـال الإمـبـريـالـيـة الـمـتـجـددة،
ليغدو التساؤل كالتالي:
- ما الأنساق البنيوية التي قرأ بها كل من أرسلان وسعيد الكولونيالية وما بعدها وما مدى استمراره ووجودها اليوم ؟
لذلك نحن اليوم بحاجة  اكثر من أي وقت مضى لاعادة قراة ماكنا نظن اننا تجاوزناه وأننا امتلكنا قرارنا السيادي وتحديد متجهاتنا ..وأننا أصبحنا ندير شؤوننا على مستوى المنطقة العربية والأفريقية ...
إلا أنه اتضح جليا ان الأمر ليس كذلك ..ولسنا بحاجة الى سرد الشواهد من مصر لليمن الى سوريا فالسودان وليبيا والعراق .
إذا هل يمكننا التقاط اللحظة وإعادة تحديد البوصلة وهناك من تمكن من الافلات من التحكم الأجنبي على سبيل المثال أثيوبيا ماليزيا تركيا وفي الطريق الصومال وبعض دول وسط افريقيا .
السؤال الكبير كيف ومتى ؟؟
....      .....
- دراسات مابعد الكولونيالية .المفاهيم الرئيسية
تاليف .بيل أشكروفت ، وجاريث جريفيث، وهيلين تيفين
ترجمة . احمد الروبي ، وايمن حلمي ،وعاطف عثمان
 تقديم كرمة سامي الطبعة الاولى 2010مالمركز القومي للترجمة القاهره
- ادوارد سعيد .الثقافة والامبريالية نقله الى العربية وقدم له كمال ابو ديب ط2 القاهرة دار الاداب 1998م
- ارسلان ، شكيب . الحلل السندسية في الاخبار والاثار الاندلسية .المطبعة الرحمانية القاهرة 1936م
- جويدة غانم .الرؤى النقدية والاستشرافية للكولونيالية ومابعدها بين شكيب ارسلان وادوارد سعيد .تبيان العدد 5/١٧  ٢٠١٦م
- عصام حمزة .مفهوم الكولونيالية ...اضاءات .2.12.2017م.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق