الأحد, 09 ديسمبر 2018 02:11 مساءً 0 152 0
ثم ماذا بعد توقيع الاتفاق الأولي بين الحكومة والحركات بألمانيا؟
ثم ماذا بعد توقيع الاتفاق الأولي بين الحكومة والحركات بألمانيا؟

استطلاع: لينا هاشم

وقعت الحكومة السودانية وحركتان من الحركات المسلحة في دارفور بالعاصمة الألمانية اتفاق ما قبل التفاوض وسط حضور دولي واسع تمهيداً للانتقال إلى إبرام اتفاق بوقف العدائيات قبيل الشروع في مفاوضات رسمية.
ونص الاتفاق على استئناف مفاوضات الدوحة بين الحكومة والحركات على أن تكون اتفاقية الدوحة لسلام دارفور هي الأساس للمفاوضات مع الالتزام بمناقشة كل الموضوعات التي ترى الحركتان أن ثمة حاجة لبحثها لتحقيق السلام الشامل والمستدام بدارفور، إضافة إلى الالتزام بتشكيل الآليات المناسبة لتنفيذ مخرجات المفاوضات.
جاء هذا التوقيع تتويجاً لعدة جولات من المفاوضات والمشاورات غير الرسمية التي جرت في برلين بوساطة مشتركة بين المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وممثلي الحكومة الألمانية ومتابعة ومعاونة المبعوثين الدوليين للسلام في السودان.
وأكدت الحكومة السودانية على استئناف مفاوضات الدوحة بذات الروح الإيجابية والبناءة من أجل استكمال السلام النهائي والمستدام في دارفور، (أخبار اليوم) أجرت استطلاعاً واسعاً وسط القوى السياسية حول ماذا بعد توقيع الاتفاق الأولي بين الحكومة والحركات بألمانيا، والتوقعات حول توافق الطرفين على الأجندة ونجاح الجولة القادمة والتحفظات التي يمكن أن تنسف الجولة، وخرجت بهذه الحصيلة:

 

الأستاذ وجدي صالح عبده المحامي عضو قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي قال: لا بد من الإشارة والتأكيد على أننا مع أي خطوة يمكن أن توقف الحرب وتحقق السلام؛ لذا يرتجى أن يكون هذا الاتفاق الأولي الذي تم توقيعه بين النظام والحركات المسلحة للبدء في المفاوضات خطوة لوقف الحرب التي أزهقت أرواح الأبرياء وعمقت أزمة البلاد السياسية والاقتصادية، وأوضح أن المطلوب أن يكون الطرفان جادين وراغبين في الوصول إلى سلام.
إرادة غربية
وأضاف: في تقديري أن هذه الخطوة سبقتها اتصالات وحوارات غير مباشرة قادت الوسطاء والاتحاد الأوربي وأمريكا عبر الوساطة الإفريقية، كما أن هنالك إرادة غربية وأمريكية قوية لإيجاد حل للحرب في دارفور إضافة إلى أن طرفي الحرب النظام والحركات أنهكتهما الحرب مما يجعل المفاوضات بالدوحة تسير لما يقود إلى توقيع اتفاق يوقف الحرب في دارفور ويوقف نزيف الدم الغالي فيها.
أجندة المفاوضات
وتوقع وجدي أن يحدث توافق حول الأجندة لأن هذا الاتفاق التمهيدي حدد أن كل ما يرى الأطراف أهميته يخضع للنقاش وبالتالي يمكن إدراجه في أجندة المفاوضات، وقال: أتوقع الاتفاق على الأجندة فكل الذي يجري الآن فيه بصمة ما يمكن تسميته بدعم وإرادة المجتمع الدولي، وقال: سيكون هناك وجود أمريكي وغربي وإفريقي وعربي، وستشكل المفاوضات حضوراً لكل هؤلاء، ولا يمكن تحقيق سلام أو إيقاف للحرب ما لم تتوافق هذه القوى على الحل وشكله، وإلا ستستمر الحرب حين يتضارب أي اتفاق مع مصلحة أي من هذه القوى الدولية.
حدوث اختراق
كما توقع وجدي أن يحدث تقدم في هذه المفاوضات واختراق يوقف الحرب لتوافق إرادات المجتمع الدولي حول ضرورة إيقاف الحرب.
اتفاق وعهد
واستبعد وجدي حدوث أي مفاجآت، وقال إن النظام عودنا على ذلك بالتنصل من أي اتفاقات أو عهود يبرمها، مؤكداً أنهم مع أي خطوة توقف الحرب وتحقق السلام والاستقرار.
وثيقة الدوحة
د.ربيع عبد العاطي يرى أنه لابد من إعداد أجندة التفاوض وفقاً لأهمية كل موضوع وعدم تجاوز مرجعيات وثيقة الدوحة والاستعداد للجولة الأولى بروح متفائلة ولغة مرنة والتحلي بالصبر والموضوعية.
الترتيبات الأمنية
وتوقع ربيع أن تتقدم مسألة الترتيبات الأمنية لتصبح ذات أولوية ثم تليها الجوانب الإنسانية وقسمة الثروة والسلطة، ربما تكون هناك بعض الخلافات ولكن سيصل الطرفان إلى قواسم مشتركة.
الخطوة الأولى
وقال ربيع إن الوساطة لن تتخلف عن الحضور خاصة أن الحكومة الألمانية هي التي احتضنت هذه الخطوة الأولى ببرلين، وذكر أن استئناف التفاوض في حد ذاته يعتبر نجاحاً، وأكد أن المقدمات تبعث على التفاؤل ولكن لكل حادثة حديث.
استقرار وطمأنينة
القيادي بالمؤتمر الشعبي عبد العال مكين يرى أن عملية السلام مطلوبة في الوقت الراهن لأنها تمثل استقراراً وطمأنينة. وذكر أن توقيع الاتفاق بين الحكومة والحركات خطوة في الطريق الصحيح، وهذا يجعل الأطراف المتحاربة  تنظر إلي مصلحة المواطن الذي كره الاحتراب والتشرد والنزوح، وهذه مؤشرات تقود الأطراف للسعي الجاد لتحقيق السلام.
التمهيد للسلام
وأكد عبد العال أن حزبه مهد الطريق للحكومة لتلتقي بالحركات في ألمانيا والتقى بهم من قبل بالدوحة وهي وثيقة ضمان للحركات لتعتمدها خارطة طريق لها ويمكن إضافة بعض البنود فيها وفقاً لمتطلبات المرحلة.
توافق الأطراف
وتوقع عبد العال أن يحدث توافق بين الأطراف لأن الطرفين يسعيان لتحقيق السلام والاستقرار، وقال إن جود الوسطاء الغربيين مهم للإشراف على مراحل الاتفاق وإلزام الأطراف بتنفيذه، وقال: لا أرى أن هنالك تحفظات سوى البنود الإضافية التي أملتها الحركات بأن تضاف لوثيقة الدوحة، وتمنى أن تظفر هذه الجولة بالنجاح لتحقق آمال الشعب وتحقق السلام والاستقرار.
تهيئة الأجواء
الأكاديمي والمحلل السياسي د. الرشيد محمد قال: المتوقع في الفترة القادمة تهيئة الأجواء التي تسبق العملية التفاوضية من وقف العدائيات والإعلان المتبادل لوقف إطلاق النار وتمركز القوات وإحكام السيطرة على القوات في الميدان خاصة من قبل الحركات المسلحة وتنوير القيادات العسكرية بالخطوة حتى لا تحدث انتكاسة تعيدنا لمربع الحرب، وقال إن الحكومة تليها بعض الترتيبات السياسية الخاصة بحرية العمل السياسي ورفع الرقابة والحجر على الرأي العام دون مستوى الدعوة للعنف؛ لأن التضييف يدفع لتبني أفكار أكثر عنفاً وهذا ما لا تحتاجه البلاد في المرحلة القادمة.
أجندة التفاوض
وأشار الرشيد إلى أجندة التفاوض مبيناً أنها تتلخص حول الدستور وقانون الانتخابات والمشاركة السياسية وإعادة هيكلة الحكم الفدرالي في شقه السياسي والمالي وحرية العمل السياسي والعدالة الانتقالية، هذا ما أتوقع أن تطرحه الحركات المسلحة.
الوضع العسكري
وقال: أتوقع التوافق بنسبة كبيرة وفق مؤشر الوضع العسكري في دارفور والوضع الاقتصادي الضاغط في اتجاه الاستقرار واتجاهات الرأي العام المهموم بالمعاش والمتوجس من الانفلات الأمني الذي تتسع حلقاته يوماً بعد يوم.
فرص ومهددات
وقال إن العملية التفاوضية كلها ذات بعد إقليمي ودولي وهذا له ما له وعليه ما عليه، وأعني  ناحية الفرص والمهددات.
مؤشر نجاح
وقال الرشيد إن توقيع الاتفاق الأولي يعتبر مؤشر نجاح، والمتغيرات الداخلية والخارجية والأجواء والغيوم المحيطة تحفز اتجاهات إتمام عملية السلام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موارد وإمكانات البلد التي أهدرتها سنين الحرب وحالة الشتات التي سادت العلاقات لمكونات الوطن الواحد.
الخطر الخارجي
وأضاف الرشيد: الخطر يظل موجوداً وماثلاً في جدلية الحرب والسلام وإن كنت أرى أن فرصة المناورة باتت ضعيفة للحكومة والحركات المسلحة، ولكن يبقى الخطر الخارجي قائماً، كما أن ظهور فرص سياسية أو اقتصادية في الداخل ربما يبطئ من المضي في إنفاذ تفاصيل التفاوض.
إعلان مبادئ
في السياق ذاته قال رئيس حزب السودان أنا إبراهيم مادبو: بعد طول انتظار ومنذ التوقيع على خارطة الطريق حول المسارين السياسي والإنساني في أغسطس 2016  يلتقي وفد الحكومة وحركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بقيادة الإخوة دكتور جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي للتوقيع على اتفاقية ما قبل التفاوض، والتي تسمى في التفاوض بإعلان مبادئ وليس اتفاقية، وقد أكد ذلك اللقاء المنتظر   ـ سمه ما شئت ـ على اعتماد الدوحة مرجعية أو أساساً للتفاوض، الأمر الذي كانت ترفضه الحركات من قبل دون حجة موضوعية، كما أكد اللقاء على مبادئ خارطة الطريق التي وقعت من قبل والتي تنص على أن يكون التفاوض بشأن القضايا الإنسانية مدخلاً لمعالجة جذور الأزمات في الملف السياسي. كما أمن اللقاء على الحل الشامل لقضايا السلام المستدام والالتزام به. وهذا الحراك في برلين يعني بالضرورة أن تنطلق المفاوضات من حيث انتهت المفاوضات السابقة في أبوجا واتفاقيتها والدوحة ووثيقتها، خصوصاً أن وسطاء مفاوضات برلين كانوا حضوراً وشهوداً على الاتفاقيات السابقة، ومنهم الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي ودولة قطر وممثلو أمريكا وألمانيا والنرويج والأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا،  فالاهتمام سوف يساعد كثيراً على نجاح التفاوض.  كما أن وفدي الحركات والحكومة هم الأشخاص ذاتهم وهم أصحاب تجربة في المواجهات الساخنة  والباردة، بخلفية مفاوضين تمرسوا على التفاوض واكتسبوا خبره ثرة في التحاور والحوار، وكنت شاهداً على بعض سلبياتها وبعض إيجابياتها، ونأمل أن تكون كلها هذه المرة عامل وفاق وليس عامل صراع وفرقة.
الترتيبات الأمنية
وأضاف مادبو: ذكرت الحركات أن أبوجا فشلت بسبب عدم تنفيذ الحكومة ما التزمت به بشأن الترتيبات الأمنية، وكذلك الدوحة، وذلك هاجس ظل يعرقل تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت مع المركز والولايات، لأن الحكومة تهتم أكثر بقسمة السلطة على المفاوضين، وترى أن قيادة الحركات ليس لها قضيه سوى نيل حظها من السلطة والمال، وبسبب القصور في تنفيذ الترتيبات الأمنية عادت بعض الحركات لمربع الحرب وتأسست من جديد، أما اليوم  فهناك مستجدات في الداخل والخارج تدفع الطرفين للبحث عن سلام حقيقي يوقف الحرب، ففي الداخل تصاعدت الأزمات من كل حدب وصوب ، حيث لم يعد هناك من يسعى لتولي سلطة في ظل التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وانهيار الخدمات وحديث الفساد، وفي الخارج سئم المجتمع الدولي من دعم حركات تسودها الصراعات والاقتتال والتشظي الذي يؤثر سلباً على  تحقيق السلام، علماً أن هناك دول ترغب في العودة للسودان والاستثمار في مجالات الطاقة والبترول والتعدين ولا يتحقق لها ذلك إلا في ظل السلام والاستقرار.
الحل الشامل
ولخص مادبو الحل الشامل لقضايا السودان والذي تتحدث عنه الحركات وقد تم الاتفاق حوله في مخرجات الحوار الوطني وفي الاتفاقيات التي وقعت، وليس هناك كثير  يمكن إضافته سوى العمل الجاد على تنفيذ تلك المخرجات والاتفاقيات، وأتمنى أن يكون من بين أجندة التفاوض ما يؤمن على تلك المخرجات، بل أتمنى أن يسعى المفاوضون للمساهمة في التنفيذ لأن مفاوضو الحوار الوطني مازالوا خارج منظومة التنفيذ.
تحقيق السلام
وقال إن القانون الذهبي للتفاوض يعني تبادل التنازلات بروح الوفاق بمبدأ (ون ون،  win win) وأرى في الأفق بعض الصقور من الطرفين نسأل الله أن يتجاوزوا صراعاتهم القديمة ويتركوها خلفهم، وأن تتخلى الدولة عن مكابرتها  بأن الدوحة قد حققت السلام، ونقول إن الدوحة لم تحقق كل السلام المنشود، ولم تحقق التنمية المستدامة في دارفور رغم أنها مازالت تتبرع مشكورة ببناء قرى نموذجية في دارفور، لأن التنمية المستدامة هي مشروع حضاري وثقافي واجتماعي واقتصادي، لأن النازحين ما زالوا يعانون، ولم يتم تأهيل مناطق عودتهم ولا تعويضهم المتفق عليه، حيث تسعى الدولة الآن لتخطيط المعسكرات وضمها للمدن كعلاج لظاهرة النزوح، لأن المجتمع الدولي في ظل وجود هذه المعسكرات سيظل يتهم السودان بعدم احتوائه للأزمة الإنسانية.  وبفحص محتويات اتفاقية أبوجا للسلام في دارفور ومقارنتها بوثيقة الدوحة  نجد تطابقاً حرفياً في المحتويات، بل إن أبوجا كانت أكثر تفصيلاً من الدوحة، فقد حوت اتفاقية أبوجا وشملت العناوين التالية: تقاسم السلطة، تقاسم الثروة، وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية، حقوق الإنسان والحريات، الحوار الدارفوري، طرق ومواعيد التنفيذ، أحكام عامة، قضايا النازحين واللاجئين.
وجاءت محتويات وثيقة الدوحة نقلاً حرفياً لاتفاقية أبوجا حيث شملت  الآتي: حقوق الإنسان والحريات العامة، تقاسم السلطة، تقاسم الثروة، وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية النهائية، الحوار الداخلي، طرق التنفيذ، الأحكام النهائية، قضايا النازحين واللاجئين، فهل ستخرج الدوحة (2) عن هذه المحتويات، سوف ننتظر ونراقب.
مفاوضات جديدة
وقال إن هناك ضرورة لإلحاق بعض الحركات وقياداتها التي مازالت تحمل السلاح بتلك المفاوضات  حتى لا تضطر الدولة لعقد مفاوضات جديدة مع حركات جديدة لا يعلم غير الله متى ستنضم للسلام، ومنها نموذج الحركات في ليبيا وجبل مرة وقيادات مثل عبدالرحمن قدورة وصديق برة وعبدالله يحيى وعوض مساليت وغيرهم في التحالف القومي السوداني، وهؤلاء سعوا للسلام دون استجابة ولدي ما يثبت ذلك، ولن ينتهي الحديث إلا بالدعوة لبذل أقصى جهد لإلحاق الأخ عبد الواحد  محمد نور بالتفاوض.  
ورغم كل ما ذكرته هناك سانحة جديدة وزخم دولي لمتابعة مسلسل السلام حتى يصل نهايته السعيدة، وأتمنى أن تحرك السلطة مجلس السلام الذي أوصى بتكوينه الحوار الوطني وتم تأسيسه ولم يجتمع سوى اجتماع واحد، لعله يساهم في طي ملف الحرب وبسط السلام.

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق