الثلاثاء, 30 ابرايل 2019 02:32 مساءً 0 510 0
الجنيه السوداني هل يمكن أن يستعيد قوته التبادلية والشرائية بالودائع فقط ؟ نعم ولكن وأيضا!
الجنيه السوداني هل يمكن أن يستعيد قوته التبادلية والشرائية بالودائع فقط ؟ نعم ولكن وأيضا!

النقود كما هو معلوم لدى الكافة انها مخزن للقيمة و وسيلة  للتبادل و تسوية الاستحقاقات و رمز للسيادة و مرتكز اساسى من مرتكزات السياسات الاقتصادية الكلية المالية و النقدية و التجارية و الاستثمارية و الاجتماعية و يدخرها كثير ممن يذهبوا الى التقاعد للايفاء بمتطلباتهم.و من اهداف اية سياسة اقتصادية كلية ( نقدية و مالية و تجارية) راشدة هي المحافظة على القيمة التبادلية للعملة الوطنية مقابل العملات الاخرى القابلة للتداول الحر والقوة الشرائية للعملة اي ما تجلبه لصاحبها من سلع و خدمات و ما تختزنه من قيم مستقبلية للأصول و الموجودات.وهي تترجم مقدرة الدولة على الايفاء بالتزاماتها السيادية والخدمية نحو مواطنيها .
لقد كانت قيمة الجنيه السودانى معلومة مقدرة بين  عملات الامم الاخرى و كانت ادنى فئاتها ذات قيمة شرائية للسلع و الخدمات المطلوبة و ذات قيمة اختزانية عالية.و كانت ادنى مرتبات العملين تفى باحتياجاتهم و متطلباتهم المعيشية و الادخارية.و لم يكن حينها هنالك فوارق كبيرة بين العاملين حين كانت الدولة جسما معنويا نظاميا موحدا الكل فيه سواسية بحسب درجاتهم الوظيفية المتناسقة و حين كانت خزانة الدولة الموحدة واحدة قبل ان تدخل عليها عوادى الزمن فأصبحت جزرا و دويلات و اقطاعيات و امبراطوريات و اول خطوات الاصلاح العودة للهياكل الموحدة و الخزانة الواحدة.
لقد كان الجنيه ذو قيمة و قدر.و كانت اصغر فئة من العملة السودانية ذات قيمة شرائية منذ فئة المليم  و التعريفة التى كانت تساوى خمسة مليمات  و كان كوب الشاي السادة فى قهوة النشاط بجامعة الخرطوم و حتى عند ما تم تعييننا مساعدى تدريس براتب ستين جنيها فى الشهر كان الشاي بتعريفة اي كان راتب مساعد التدريس يشترى اثني عشرا الف كوبا من الشاي السادة و ستة الاف كوبا من الشاي مع الحليب.و  حتى العام 1981 كان الجنيه يعادل اثني عشرة ريالا سعوديا و فى ستينات القرن العشرين كان تجار الجمال السودانيين يستبدلون الجنيه السودانى باربعة عشر جنيها مصريا فى سوق امبابة.و كان الجنيه يساوى جنيها و نصف الجنيه الاسترلينى و ثلاثة دولارات و ربع امريكية و عند ما تزوجت فى العام 1974 زوجتي المرحومة امنة عبدالرحمن حسن عبدالرحم... تغشى قبرها شابيب رحمته و احسانه سبحانه و تعالى..دفعت مائتي جنيه متكفى و انا فى طريقة الى البعثة برفقة الزميلين ب.كمال نصر الدين و د.احمر ابراهيم من كلية الهندسة جامعة الخرطوم فى يوم الاحد ٢٦ اغسطس ١٩٧٤...فانظر رحمك الله.و لكن هل يمكن استعادة الجنيه السودانى لقيمته المفقودة؟
اقول نعم و لكن كيف؟
1.لا بد من وجود ارادة واضحة مصممة غير خاضعة لأهواء و ضغوط المصالح الضيقة قصيرة النظر التى ترتفع اصواتها و تتزاحم لوبياتها لانتهاب ما بقي من املاك عامة للدولة و اخضاعها للرأسمالية المتوحشة و التى بلغ التبجح ببعضهم ان دعا حتى لخصخصة الامن و الشرطة و الجيش و ان تخرج الدولة تماما من قطاع الخدمات خاصة الصحة و التعليم و ان فعلتم ذلك لترون العجب العجاب و الذى لا يوجد فى اعتى الدول للرأسمالية و بذلك يتم تفكيك بالكامل لمصلحة المجموعات القوية و المتنفذة.و افضل الاوقات لتنفيذ ذلك هو فترات عدم الاستقرار المؤسسة و الفترات الانتقالية.
٢.لا بد من توفر ادارة جادة مؤهلة حازمة ملتزمة بأهداف واضحة لتحقيق نتائج ملموسة.
.3.  استعادة الدولة لسيطرتها لما تم التفريط فيه من الممتلكات و المؤسسات العامة الاستراتيجية .و احسان ادارتها و اصلاح الخلل فيها و المحاسبة الجادة الواضحة الشفافة العادلة على ما تم التفريط فيه او التلاعب فيه فذلك مما لا ينطبق عليه عفا الله عما سلف اما العفو فهو فى الحقوق الخاصة لاصحابها و أوليائها فى المؤسسات العامة من المشاريع الزراعية الكبرى و الصناعية مثل النسيج و الاتصالات  و ما اليها.
4.عودة الموانيء البحرية كاملة لسيادة و ادارة الدولة.
5.عودة الخطوط البحرية السودانية ذات التاريخ العريض و المشرف و ذلك لان اكثر من تسعين بالمائة من التجارة العالمية تنقل عن طريق  البحر.الذى يمتلك البواخر يجلب العملات الصعبة و يوفر انفاقها.
5.عودة الخطوط الجوية السودانة ناقلا وطنيا قويا و يمكن ان يتم هذا حتى بدون شراء الطائرات الاربعة عشر التى كانت تملكها و التى تم وعد سابقا بتزويدها بها.و لكن  ان تم احسان ادارتها و دعمها سياديا و تمكينها من استغلال حقوق النقل كاملة قد لا تحتاج حتى لشراء الطائرات فهذا منهج على عليه الزمن فى غالب قطاع النقل .فى مرحلة من المراحل وصلت مبيعات سودانير ما يقارب الثلاثمائة مليون دولار.
6.سيادة الدول و مؤسساتها على ما تم التفريط فيه فى القطاع المصرفى وخاصة بنك الخرطوم الذى تم تكوينه من اربعة مصارف بالدمج قبل خصخصته ضد كل النصائح و التحفظات
6.تقوية المصارف الحكومية الرئيسية البنك الزراعى و التنمية الصناعية و الادخار و الاسرة و ان تقوم بواجباتها بتمويل الجهات المستهدفة مباشرة بدل اعطاء الاموال للوسطاء ليتم استغلال البسطاء أصحاب راس المال و الموارد الحقيقية و الاصيلة فى البلاد.و ان تقوم تلك المصارف بتشجيع تصنيع المدخلات الزراعية و الصناعية او شراءها فى غير اوقات الذروة على الطلب حتى تنخفض التكلفة فعليا.
7.ايقاف صادرات الخامات من المنتجات ايا كانت لان مطلوبات تجهيزها موجودة متاحة سهلة و لا ينبئك مثل خبير.
8.حصائل الصادر يجب ان تفتح اعتماداتها ابتداء الى بنك السودان المركزى بعد التأكد من عدالة الأسعار المقدمة و سوق المعلومات الان مكشوف معلوم لمن اراد بكل سهولة و يسر.
9.تنفيذ قرارات فض الانفاق الحكومى ليشمل الجميع و يشمل كل شئ.
تنفيذ قرارات الغاء الامتيازات و الاعفاءات لأية فئة كانت .
10.تطبيق انظمة الشمول المالى و الضريبى المحوسبة على الجميع.
11.اي شبهة فساد او استغلال نفوذ يجب ان تؤخذ مأخذ الجد الحازم الحاسم العادل.
12.بناء قاعدة احتياطيات صلبة و متنامية و غير متناقصة من العملات الحرة و من الذهب.
١٣. ايقاف استيراد ما لا لزوم له مثل الالبان المستوردة من الخارج او وضع رسوم عالية عليها يتم دفعها بالدولار..
١٤. الودائع التى حصل عليها البنك المركزى و القروض الشرعية طويلة الاجل من المملكة العربية السعودية و دولة الامارات العربية المتحدة لتمويل السلع الاستراتيجية من القمح و الادوية و المواد البترولية ..ان تم احسان ادارتها و التصرف فى عوائدها..ستؤدى .الى قدر من الانفراج و الاستقرار فى سعر الصرف خاصة اذا لصاحبتها وديعة من جمهورية الصين فى حدود عشرة الى عشرين مليار دولار لمدة عشرة اعوام..و الصين صاحبة اكبر احتياطى من العملات الاجنبية بما يقارب الرابعة ترليونات من الدولارات و ذلك فوق انها اكبر منتج للذهب و اكبر مشترى.و اذا صاحب ذلك بناء احتياطى من الذهب ببنك السودان المركزى بالشراء المستمر و ليس البيع ستعود الجنيه السودانى قيمته و اكثر مع الترشيد الحازم للصرف  الداخلى و الخارجى الذى يستنزف الاحتياطى فبما لا لزوم له و لكن ذلك يقتضى الحزم و العزم و التصدى للمقاومات الشرسة التى  توجه لتلك السياسات و من يدعون لها و هي معركة حقيقية.
و ربما تكون لنا عودة ان لزم.
و الله ولي التوفيق

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق