الأثنين, 29 يوليو 2019 02:18 مساءً 0 559 0
الحج والأضحية والفجر وليالٍ عشر والشفع والوتر
الحج والأضحية والفجر وليالٍ عشر والشفع والوتر

أقسم الله سبحان وتعالي مالك الملك الذي لم يشركه في ملكه ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا أقسم بالفجر لعظمه من أية من آيات الله في كونه وهو انبلاج الضوء بعد اشتداد الظلمة واقسم باليالي العشر وهي ليالي فاضلة العمل فيها مضاعف اضعافاً كثيرة .
وقال بعض المفسرين أن العشر المقصودة هي العشر الاوخر من رمضان ولا شك في فضلها وعظم الاجر فيها وندب خبايها كلها ومنها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر عبادة هي ثلاث وثمانون سنة قيل كان العابد من بني اسرائيل لا يكون عابداً حتي يتفرغ للعبادة الخالصة ثلاث وثمانون سنة فأبدلنا الله بها قيام تلك الليلة الفاضلة كما ابدلنا أجر خمسين صلاة بخمس فله الفضل والحمد والمنه علي هذه الامة. وتلك الليالي يعتق الله فيها كل ليلة فإذا كانت آخر ليلة اعتق مثل ما اعتق في سائر تلك الليالي قبلها وهي الليلة المباركة التي انزل فيها القرآن الكريم والمذكورة في سورة القدر وفي سورة الدخان وغيرها .وذهب جمهور اهل العلم علي أنها العشر الاوائل من شهر ذي الحجة ونقل بن جرير رحمه الله الاجماع علي ذلك فقال ( هي ليال عشر ذي الحجة) (لاجماع اهل الحجة من اهل التأويل عليه )وقال ابن كثير رحمه الله ( والليالي العشر :المراد بها عشر ذي الحجة كما قال ابن عباس وابن الزبير وغير واحد من السلف  والخلف):وهي الايام التي فيها مناسك الحج متتالية وشهوره متتاليةً ذو القعدة وذو الحجة والمحرم .  وتليها الايام المعدودات والتي قيل هي ايام التشريق التالية ليوم النحر وعند بعضهم ان الشفع هو يوم النحر إذ هو بعد يومين من يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة والوتر وبعضهم قال هو يوم عرفة وهو التاسع وذهب بعضهم أن الشفع هم الخلق وهم كثر فأن الوتر هو الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد وذكروا في ذلك اقوالٌ كثيرة منها ان الشفع درجات الجنة الثماني والوتر دركات النار السبع ومنها ان الشفع هو ايام الدنيا ولياليها وان الوتر هو يوم القيامة الذي لا ليل بعده وقد ذكر بن الزبير رضي الله عنهما ان الشفع والوتر في قول الله عز  وجل  ومن تعجل في يومين فلا أثم عليه ومن تأخر فلا أثم عليه  فهم الشفع والوتر واما الليالي العشر : فالثمان وعرفة والنحر ) وقال مجاهد الشفع الخلق كله كما قال تعالي :  ومن كل شئ خلقنا زوجين  والوتر هو الله في قوله تعالي :  قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوء احد    و قد ذهب ابوبكر الوراق ...رحمه الله...ان   اوصاف المخلوقين المتضادة هي الشفع :العز و الذل ,  و الغنى و الفقر . و القوة و العجز ,و القوة و الضعف . و العلم و الجهل .
و الحياة و الموت , والبصر و العمى .و السمع و الصمم .و الكلام و الخرس . و الوتر : انفراد صفات الله تعالى : عز بلا ذل., و  قدرة بلا عجز ، و قوة بلا ضعف ، و علم بلا جهل ’ و حياة بلا موت ، و بصر بلا عمى ، و كلام بلا خرس ، و سمع بلا صمم ، و ما وراءها  اورده من تفسير الامام القرطبى المجلد العشرون واورده الدكتور يوسف القرضاوى عند تفسيره لسورة الفجر فى تفسير الجزء الثلاثين من القران الكريم صفحة 307-308 من كتابه  دروس فى التفسير الطبعة الاولى مكتبة وهبة..القاهرة..2013 وقد ورد ت الأحاديث تعضد أن الليالي العشر- والعرب يستخدمون الايام والليالي بمعني واحد التي تبين فضل هذه الايام العشر من ذي الحجة .وقد ورد في الترمذي حديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم   ما من ايام العمل الصالح فيها أحب إلي  الله من هذه الايام – يعني عشرة ذي الحجة قالوا يا رسول الله  ولا الجهاد في سبيل الله  وقوله صلي الله عليه وسلم  ، (الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ ) وقوله صلي الله عليه وسلم ( ما من ايام أحب الي الله ان يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة . يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة ) .
وهي ايام لكسب الاجر للحاج ولغيره ومن المحبب صيامها كلها لغير الحاج بما فيها يوم عرفة والي ورد فيه يكفر ذنوب سنة قبلها وسنة بعدها ولا يسن صيامه للحاج ليكون اقوي علي أعمال الحج والدعاء في ذلك اليوم . والعمل الصالح في هذه الايام خاصة وفي غيرها عامة من الامور المرغوب فيها لان الحسنات فيها مضاعفة اضعاف كثيرة للحاج وغيره فالاكثار فيها من التحميد والتسبيح والتهليل والتكبير  له اجر عظيم وثواب جزيل. واعمال البر كثيرة من الإطعام والكسوة وسائر أنواع النفقات للأرحام والأيتام وللبائس الفقير والمنقطع وابن السبيل وطالب والعلم وطالب العلاج والمشردين وفضل الظهر.
و فى بعض المرويات عن ابن عباس رضي الله عنهما فى فضل العشر الاول من ذى الحجة تفصيل اذ أوردوا عنه ان اليوم الأول من ذى الحجة هو اليوم الذى غفر فيه الله لآدم عليه السلام و الثانى هو اليوم الذى استجاب الله فيه ليونس عليه السلام و الثالث هو اليوم الذى استجاب الله فيه دعاء زكريا عليه السلام و الرابع هو اليوم الذي  ولد فيه سيدنا عيسى عليه السلام و الخامس هو اليوم الذى ولد فيه سيدنا موسى عليه السلام و السادس هو اليوم الذى هو اليوم الذى فتح الله فيه لنبيه كل أبواب الخير و اليوم السابع هو اليوم الذى تغلق فيه أبواب جهنم فلا تفتح الا بعد انقضاء العشر و الثامن يوم التروية و التاسع يوم عرفة و العاشر يوم الاضحية و فضائل تلك الايام
معروفة مشهورة موثقة و الله اعلى و اعلم.
و قد ورد ان من نوى الاضحية فلا يأخذ من شعره او اظفاره شيئا حتى ينحر اضحيته و العلماء فى ذلك على مذاهب.فعند ابو حنيفة النعمان رضي الله عنه الجواز بلا كراهة.و يرى  ذلك جمهور الفقهاء  منهم : عطاء بن يسار والامام مالك بن انس و ابن حزم و الماوردى و ابن القيم و الجصاص و الخطابي و غيرهم من الظاهرية و المتأخرين. ذهب فريق من متاخرة الاحناف مثل ابن عابدين ان الاخذ جائز بلا كراهة و لكنه خلاف الاولى  و ذهب الامام مالك  امام دار الهجرة  و محمد بن ادريس  الشافعي رضي الله عنهما انه مكروه كراهة تنزيه لا تحريم  و خالف الامام احمد بن حنبل رحمه الله بقية الائمة اذ ذهب الى التحريم لا الكراهة و ذهب الى هذا  ايضا سعيد بن المسيب و ربيعة الراي ( و فيه قال الامام ملك ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة ) و اسحاق بن راهويه كما قال ناظمها فى عشر ذى الحجة اخذ الظفر   على المضحى حرموا و الشعر و الارجح انه لا تحريم و الاقتداء بالحاج فضيلة.
وصوم التسع الاوائل من ذي الحجة والتاسع والعاشر ( وتاسوعا وعشوراء ) من المحرم  من العبادات الفاضلة فلنحرص عليها جميعاً. وقد كان الامام مالك بن انس امام دار الهجرة رحمه الله يصومها ولا يفطر حتي ولو كان في سفر وقد كان يري الفطر في السفر فلما قيل له في ذلك انك يا امام تفطر في رمضان وانت مسافر ولا تفطر العشر وانت مسافر قال تلك ايامٌ قد جعل الله لها عدةٌ من ايام أخر ( ومن كان مريضاً او علي سفر فعدة من ايام اخر ) الاية .... ولم يجعل الله لهذه عدة من ايام اخر . وفي اليوم التاسع منه يوم الحج الاكبر يوم عرفة نزلت الاية الثالثة من سورة المائدة ورسول الله صلي الله عليه وسلم واقفٌ بها بعد العصر وفيها... (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دين)... الاية وقد اكمل الله الدين واعزه واصبح من ذلك اليوم لا يخالط المسلمون غيرهم بالبيت العتيق ولا يحج به مشرك ولا يطوف به عريان واتم نعمته علينا بإرساله الرسول الخاتم الشفيع الشافع المشفع يوم القيامة لسائر الناس لبدء الحساب ولنا وشافع لأهل الكبائر من امته وليس بعد اتمام النعمة الا البئس والضيق والنقصان وليس بعد اكمال الدين الا الضلال ومن يبتغي غير الاسلام ديناً لا يقبل منه وهو وفي الاخرة من الخاسرين ولقد رضيه ربنا لنا ورضينا به رباً وبالإسلام ديناً  وبسيدنا محمد نبياً ورسولاً وليس بعد الرضي الا السخط ومن رضي فله الرضي ومن سخط فله السخط او كما قال صلي الله عليه وسلم .
ولم يسأله احد قال فعلت كذا او لم افعل كذا الا قال لا حرج .
وتختم تلك الايام العشر بيوم النحر وهو العاشر وما اعظمه من يوم للحاج ولغيره وهو يوم العيد وتصام التسعة ولا يصام يوم العيد وهو يوم النحر للحاج للذي يلزمه هدي او ينحر متطوعاً ويوم الأضحية لنا .
فمن الذي يضحي ومن الذي تجب عليه ففي يوم العيد ضحي رسول الله صلي الله عليه وسلم بكبشين املحين اقرنين ذبح اولهما بيده الشريفة وقال بسم الله والله اكبر اللهم ان هذا منك واليك وهذا عن محمد وعن آل محمد فتقبله وذبح الثاني بيديه الشريفتين وقال بسم الله والله اكبر  اللهم أن هذا منك واليك  وأن هذا عن من لم يضحي عن امتي او كما قال صلي الله عليه وسلم .
وكانت الاضحية نسكاً وتعظيماً للشعائر يقدمها من استطاعها ويستحسنها من غير مباهة ولا تكلف ولا سمعة ولا رياء ومن لم يستطيع فكان يوسع علي اهله بغيرها وتقسم ثلاث أجزاء ثلثها للفقراء والمساكين وثلثها يهدي وثلثها يأكل ولا يعطي الجزار منها أجرة بل عطي من غيرها ولم يثبت ان سيدنا  ابوبكر رضي الله عنه او امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه او امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قد ضحوا لانهم لم يكن لهم مال فقد انفقه ابوبكر رضي الله عنه كله لله ورسوله وخرج عمر من نصف ماله ومات واستٌشهد و هو مدين ولم يكن لابن ابي طالب اصلاً مال وضحي امير المؤمنين عثمان بن عفان ذو النورين  رضي الله عنه لانه كان ذو مال وكان منفقاً في سبيل الله  وروي ان بن عباس رضي الله عنهما كان يرسل غلامه يوم الاضحي ليشتري لحماً بدرهمين ويرفعه ويقول للناس هذه أضحية ابن عباس وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال ما ابالي ان اضحي بديك .
والاضحية شعيرة عظيمة وهي استنان بسنة ابيكم ابراهيم وفدية لابيكم اسماعيل فمن استطاع فلا يبخس وليستحسنها ويستسمنها ومن لم يستطع فلا يحزن وليوسع ما استطاع وابواب الخير كثيرة .
وتقبل الله منا و منكم و من جميع المسلمين و كل عام  و انتم بخير و الله أعلى و اعلم.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق