وفاء جميل
يستاهل البرد من ضيّع عباءته ..!!
أرجو أن يسمح لي القراء الأعزاء أن أسطر اليوم أحرف العتاب و اللوم لشريحة معينة بالمجتمع السياسي المحلي ، لأنهم و للأسف الشديد أصبحوا أصحاب عقول خاوية ، و أتباع أسرِبة ضالة ، و أنصار شعارات وهمية ، و رؤى مثقوبة السجيّة ..تنطبق عليهم مقولة : يستاهل البَرد مَن ضيّع عباءته ، و هم قد أضاعوا عباءتهم و أصبحوا عراة الأذهان و العقول تنهشهم موجات الصقيع القارصة و تلتهم أفكارهم و توجهاتهم التي لطالما تذوّق المواطن السوداني الأمرّين منها ، و عانى ما عانى مِن الفِتن و الإِحن و المآسي و الأحزان و مرارة العيش الغير كريم ، و إذا أراد أحدهم أن يتسّتر مِن موجة قدره المشؤوم التي ضربته ضربة معلم ، لم يجد سوى أن يغطى ما جاءت به أفعاله مِن طمع و جشع و حُبٍ للسُلطة متجهاً لرفع الشعارات و التظاهر الغبي في الوقت الأغبى بإسم الدين أو بإسم الوطن و كله عبثاً حيث لا ولاء لدين و لا إخلاص لوطن ..ما يؤسفني و يثير إشمئزاز المواطنين الوطنيين الشرفاء هو إرتفاع الأصوات المنادية بالخروج بدافع الوطنية أو غيره ، هل أصبحت الوطنية هتاف يُهتف ، أم شعار يُرفع ، أم تظاهر للظهور فقط ، أم تلاعب بإسم الأديان لصالح أحزاب سياسية فشلت أن توحِد الشعب السوداني و تحقق مطالبه طِوال سنوات حُكمها ..!!لا أريد أن أطيل الحديث في أمرٍ مفرغ منه لأن الشعب السوداني ذكي و لمّاح جداً و يعرف ما يُحاك به مِن مؤامرات مُحكمة الغرض منها إثارة الحرب الأهلية بينهم مِن جديد بعد أن توحدوا للبناء و النهضة و الإقتراب مِن جعل المستحيل واقعاً و هو إشاعة السلام في ربوع البلاد ، لذلك المكر الذي يُحاك ضد الشعب في الوقت الراهن هو تدعيم أفكار لبرامج سياسية لإستقطاب إيديولوجي تمهيداً وتجهيزاً للشروع في إنتهاكات فادحة لها ما بعدها ، لتتوالى القرصنة على الأفكار لتهيئة الفرص لشمولية أخرى تجدد عهد لكل أفلام التهميش و الإقصاء و نبدأ في منوال تعنُتي تراوغي لفساد مستدام ، لذلك ينبغي أن يدرك الشعب أنه وحده مَنّ يستطيع تحديد مصالحه و مراقبة وطنه بعين الحِكمة و عدم المساومة في أمنه و إستقراره و بناءه و هو ضامِن لذلك ، و مِن الأهمية بمكان ألآ يلتفت الشعب للشعارات التي تُرفع لأن تحتها مآلات و حكايات أخرى ، و أن يتريث قليلاً و لا ينجذب لها ، و ليس مَنَ أغراك بالعسل حبيباً بل مَن نصحك بالصدق عزيزاً ..رسالتي للحكومة الإنتقالية نرجو منها عدم التقاعس و التباطؤ في تحقيق متطلبات الثورة مِن تحسين معاش الناس ، و توفير الأمن و إرجاع الممتلكات المنهوبة أينما وُجدت ، و واجباً عليها تحقيق العدالة التي خرج مِن أجلها الشعب ، و أزاح الغباش عن العدالة ، و ضروي أن تجعل الفترة الإنتقالية تأسيسية للديموقراطية المسلوبة و عدم جعلها فترة لتصفية حسابات سياسية قديمة ، لأن المرحلة لا تحتمل مزيداً مِن التعارك ، و المواطن يريد بها إرجاع الثِقة و المواطنة بين كل أنباء السودان و بكل إختلافاتهم الدينية و الإجتماعية و السياسية و غيرها ، بأن يجعل الشعور العام هو السلام و الإحساس بالعدالة الإنسانية ، لذلك ينبغي أن تتفهموا خصوصية المرحلة و دقتها ليتمكن الجميع مِن العيش الكريم تحت رعاية السلام و العدالة ، لكي لا تضيع العباءة و يجد البرّد فيكم سبيلا ..رسالتي للسياسيين و لجميع الأحزاب و أنصارها يجب أن تقِروا بالإخفاقات و تعملوا على تداركها لاحقاً و كذلك يجب أن تعلموا جيداً أن راية (لا إله إلا الله) لا تمثل حزب و لا يحق لأي حزب أن يخدع نفسه بأنه مخّول مِن الله سبحانه و تعالى بأن يتحدث و يستقطِب الناس لحزبه بإسم الدين بل هي شهادة على وحدانية الله عزّ و جل و هي ملكاً للجميع ، و أنها ليس وسيلة لعملية جذب و إستقطاب سياسي ، بل ما يجب عليكم فعله في هذه المرحلة أن تعملوا على ضبط النفس و التراجع عن طرح ما يثير الجدل و يزيد (الطين بلّة) ، هذا ليس مخافةً مِن أحد و إنّما رحمةً بهذا الشعب الذي ما زال يأمل في حياة آمنة مطمئنة ، و لكم أن تتخذوا مِن هذه الفترة (إستراحة محارب) و تعدوا أنفسكم مِن جديد لخوض معركة إنتخابية ، و تأكدوا إن للإسلام ربّ يحميه .. و نحن كشعب لا نرضى بما يفعله بنا مِن لا يحترم الأديان ، و يجهل بأن السودان دولة إسلامية بالأغلبية غير متطرفة ، و يجب إعطاء كل زي حق حقه كاملاً مِن الإنسانية ، و لكن لا يجب أن تعملوا على التنافس الإسقاطي الذي يبخس دور الآخرين في خِدمة الوطن ، و قدِموا الدعم مِن أجل الوحدة الوطنية ، و ألآ تدعوا الناس للخروج بإسم الدين نصرةً لأحزابكم ، لأن هذا فيه جور و تسلُط على الدين نفسه إن كنتم لا تعلمون ..رجاءاً الوطن لا يحتمل المزيد مِن الخراب ، و يجب أن تجتمع السواعد لأن إجتماع السواعد يبني الأوطان ، لذا كونوا يداً واحدة على قلب رجل واحد على الأقل في هذه المرحلة (الإنعاشية) مِن عُمر البلد التي تتطلب مِنا الدعم اللوجستي و الإستراتيجي لنعبر لِفضاء أرحب و نسير سوياً في خطٍ واحد ، فلا تسير ورائي فقد لا أعرف الطريق و لا تسير أمامي فقد لا أتبعك و لكن سِر بجواري فقد نصبح أصدقاء أو إخوى يجمعنا وطن واحد يعترف بأن المواطنة أساس الحقوق ..للحديث بقية