الخميس, 06 فبراير 2020 03:41 مساءً 0 681 0
المتاريس
المتاريس

البرهان كسب الرهان

خطوة شجاعة وموفقة من سعادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي وذلك بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جمهورية يوغندا لبحث إنهاء القطيعة بين البلدين وحماية مصالح البلاد وانتهاج سياسة السلام الذي صار خيار العالم.
فقد ظل السودان رهينًا لقضايا دولية لا ناقة له فيها ولا جمل، فالصراع العربي الإسرائيلي لا حل له إلا عبر السلام العادل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهناك دول عربية لها حدود مباشرة مع إسرائيل اتخذت قرارها بالسلام والتطبيع معها، منها جمهورية مصر العربيه التي وقعت على اتفاقية كامب ديفيد للسلام في 17 سبتمبر 1978 وقبلها كانت زيارة المصري التاريخية في 19 نوفمبر 1977، حيث هبطت طائرة الرئيس السادات، في مطار بن جوريون في تل أبيب واتفاق السلام بين المملكة الأردنية الهاشمية مع إسرائيل في 26 أكتوبر 1994م وهناك العديد من الدول العربية التي لها علاقات اقتصادية ومكاتب تجارية مع إسرائيل، لماذا تكون تلك الخطوة محرمة على السودان الذي بسبب انغماسه في ذلك النزاع فقد نصفه الجنوبي نتيجة لاختلاف الهوية الوطنية بين الشطرين التي كانت تحتاج إلى انتهاج سياسة خارجية متوازنة وأن لا يسعى إلى  دعم قضايا الغير على حساب مصالحه العليا.
نحن بلد فيه تعدد سكاني وعادات وتقاليد وثقافات إضافة إلى تفشي الفقر والبطالة والجوع والمرض وسط قطاع عريض من الشعب، يمكننا من خلال إقامة علاقات مع الدول المتقدمة في التقانة الزراعية والري كالتي تملكها إسرائيل أن نزرع أكبر مساحة من الحقول حتى نخرج من دائرة الفقر بشكل نهائي، ولمن لا يعلم أن المساحة بعد قيام سد النهضة سوف تقل في فترة الصيف. ولا حل إلا عبر الاستفادة من تقنية الري المحوري التي تملكها إسرائيل ولها تجارب في مساعدة دول في شرق إفريقيا في إحداث تنمية كبيرة.
نحن دولة تقع في جنوب الصحراء الكبرى وتحتم علينا الطبيعة أن نكون محايدين، وقد كنا في الماضي ناشطين في منظمة دول عدم الانحياز حتى قبل أن ينال السودان استقلاله بشكل رسمي، حيث شارك الراحل إسماعيل الأزهري في قمة باندونغ بإندونيسيا في العام 1955م والآن والبلاد مقبلة على سلام مع رفاق الكفاح المسلح بلاشك أن بينهم من لا يرفض إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ولهم فيها مكاتب رسمية تمثل حركاتهم؛ لذلك ينبغي علينا الاعتراف بأن السودان الجديد يجب عليه أن  يراعي مصالح شعبه قبل مصالح الغير، فحتى السلطة الفلسطينية التي ظهرت للوجود نتاج اتفاق سلام أوسلو في العام 1993م، ولا يحق  للفلسطينيين وصف خطوة السودان بإقامة علاقات مع إسرائيل بالغدر فهذا الحديث مردود إليهم.
 ونتذكر جيدًا  كيف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن إبان القمة الإسلامية بمناسبة قرار الرئيس الأمريكي ترامب بنقل سفارتها إلى مدينة القدس قال: هناك دولة ليست عربية تساند الفلسطينيين أكثر من العرب وذكر السودان مع تلك الدول غير العربية مثل تركيا وإيران، حينها ضجت الأسافير بالضحك والسخرية منا بسبب عدم اعتماد السودان بلدًا عربيًا من الرئيس الفلسطيني.
إذًا حان الوقت للسودان أن يختار طريق المصلحة العامة وأن لا يكون ملكيًا أكثر من الملك نفسه.
ربما أزمة لقاء البرهان ونتنياهو قد تنسف الاستقرار السياسي في حال إصرار جانب آخر على إثارة ذلك الملف ورفض أي علاقة مع إسرائيل وبيان إعلان الحرية والتغيير لم يكن موفقًا حيث كان يمكن أن يقول إنه مع السلام العادل وإقامة الدولتين في حدود العام 1967 بدلًا من التصريح المفتوح بإقامة دولة فلسطينية بدون ذكر الجانب الإسرائيلي وتعريف الحدود.
فالسياسة لا تعرف العاطفة ونحن بلد ليس على قلب رجل واحد، وبالطبع هناك أصوات تنادي حتى بالانسحاب من الجامعة العربية، وتجاهل تلك الأصوات لن يكون في صالح الاستقرار، ويكفي تجربة انفصال الجنوب الذي لم يتردد في إقامة علاقات دبلوماسية مع كل دولة العالم بما فيها إسرائيل دون أن يرهن نفسه لمواقف سياسية معينة.  
أتمنى النظر إلى مصالح الشعب السوداني بعين الاعتبار، وإذا كانت هناك غضبة لإدانة احتلال لماذا سكت البعض عن ضياع مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد في شمال البلاد ومنطقة الفشقة في شرق البلاد، وفي الوقت نفسه يمارس علاقات طبيعة مع تلك الدول التي تحتل أراضي سودانية بل يحتفل بهم ويشيد بالعلاقات الأزلية معهم، والتطبيع مع إسرائيل ليس خيانة ولكن الخيانة هي السكوت عن ضياع حدود السودان.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة