الأثنين, 23 مارس 2020 00:35 مساءً 0 460 0
نقـطـــة نـظـام
نقـطـــة نـظـام

 أحمد البلال الطيب

الكورونا ، الكورونا والكورونا !!

{ يمر العالم حاليا وربما لسنوات قد تطول ، وقد تقصر، من محنة حقيقية، تهدد البشرية بالفناء ( الأعمار بيد الله)، ويقف العالم كله، أوله وثالثه، عاجزا تماما عن مواجهة هذا المرض الكابوس ، وهذا الفيروس الأخطبوطى، والمنتشر بجميع ارجاء العالم ، كما إنتشار الهشيم فى النار.
{ وخطورة هذا الفيروس تكمن ، فى تركيبته المعقدة، وسهولة انتقاله، وخطورته القاتلة، عند تسلله لداخل الأجسام البشرية ، او الحيوانية خاصة التى تعيش بيننا، وحتى الجمادات ، من أسطح وأبواب وأحجار ..... الخ كلها حواضن ومستودعات للاحتفاظ بالفيروس حيا ولساعات طويلة، ومهيأ بمجرد اللمس فقط للانتقال لأيادينا وعبرها لأجسامنا.
{ ومما ساعد فى زيادة الخطورة وهلع الناس بجميع ارجاء العالم، وكيف ان المعادلة اصبحت مقلوبة، حيث بدأ الذعر بدول العالم الاول، مما ساعد فى ذلك عجز العالم حتى الآن للوصول لعلاج او مصل واق من هذا الفيروس المدمر والمهدد للبشرية كلها، والذى لايفرق بين طفل وشاب وشيخ، وكلهم امام مخاطره سواء.
{ والتجأت كل دول العالم لسياسة العزل كوسيلة واحدة ناجحة لتقليل نسبة انتشار المرض، وتفاوتت الاجراءات وتنوعت فى هذا الصدد ، مابين مناشدات، واعلان حالات طوارئ وحظر تجوال.
{ وقد رأينا بأم اعيننا كيف ان شوارعا شهيرة بأكبر عواصم دول العالم وميادينها الرئيسية، خالية من المارة ، وأرفف المحلات الكبرى الشهيرة خاوية على عروشها، وهو خيار لابديل له ، لحين الوصول لأمصال واقية وعلاج ناجع، ويبدو  ان الوصول اليهما مازال بعيدا.
{ ورغم وجودى خارج السودان ، لأسباب خاصة مازالت قائمة، إلا اننى اتابع  بإهتمام شديد ، تطورات هذا المرض المدمر بالوطن العزيز ، وتابعت المؤتمرات الصحفية الهامة لوزير الصحة، والذى لم اتشرف بمعرفته او لقائه من قبل ، ولكننى اعرف والتقيت كثيرا بوالديه الكريمين الراحلين، والده الراحل د على التوم، وهو واحد من علماء السودانين المبرزين فى مجال الزراعه، وتولى عليه رحمة الله وزارة الزراعه وحاورته عليه رحمة الله صحفيا وتلفزيونيا، ووالدته المحترمه المرحومه حاجه كاشف، حيث كنت اعمل صحفيا ابان العهد المايوى قبل ٤٠ عاما وكانت قيادية بارزة بالاتحاد الاشتراكى السودانى وقتها واتحاد نساء السودان.
{ ومن خلال متابعتى لأحاديث  السيد وزير الصحة وبالرغم من الحملات التى تشن ضده، بدوافع قد يكون غالبها سياسيا،  وهذا امر لايعيب اصحابها وعلى الوزير ان يتحمل ويرد عليها ، وهكذا هى الديمقراطية الحقيقية، لاكبير فوق النقد.
{ من خلال متابعتى لمؤتمراته الصحفية  لاحظت انه ينتهج نهجا شفافا ومباشرا ولايدفن رأسه تحت الرمال، ويحرص على تمليك الحقائق للناس مهما كانت مرارتها ونتائجها، وهذا أمر يحسب له، ولا يحسب عليه ، وإن كنا نأخذ عليه فى بعض الاحيان ، خلط الأشياء السياسية بالعلمية والطيبة وهذا امر يخصم منه ولا يضيف اليه.
{ ومن خلال متابعتنا لتطورات هذا الفيروس القاتل والخطير ببلادنا، نلاحظ ان هناك تراخيا واستهانة ، من الحاكمين والمحكومين، على السواء بخطورة هذا المرض وإمكانية انتشاره بالسودان وهو امر ليس مستبعد ابدا،مما جعل منظمة الصحة العالمية تنوه  لخطورة الاوضاع بالسودان ، من جراء هذا التراخى والذى يمكن ان يقود لانتشار المرض بالسودان، ومن ثم بحكم وضعه الجغرافى الاستراتيجى يمكن ان ينتشر ببقية دول العالم، وكما نوه الاطباء والعلماء والمتخصصون، إن الخطورة الحقيقية لهذا المرض تكمن فى انتشاره لسهولة انتقاله  ومن ثم عدم القدرة على السيطرة عليه طبيا ، ورأينا كيف ان دولا كبرى خلال الايام الماضية، تفاضل بين تقديم الخدمة الطبية لكبار وصغار السن، ولكم ان تتصوروا المفاضلة ونتائجها عندما يتعلق الامر بأجهزة تنفس إصطناعى، وسحب الجهاز يعنى سحب الحياة من الجسد، وحدث هذا بالفعل خلال الايام الماضية بعدد من الدول الكبرى التى ينتشر بها المرض حاليا ويتفاقم يوميا.
{ نقطة النظام: ظللت منذ سنوات طويلة، وبنفس واحد لم ولن يتغير منذ اكثر من ٤٠ عاما ، عند ولوجى للعمل الصحفى المستقل، ادعو دائما لوحدة الصف والكلمة، وأحذر من الواقع السياسى المقلق والمفتوح على كل الاحتمالات الذى نعيشه اليوم.
{ واليوم وازاء هذا الوضع الصحى العالمى الخطير، وفى ظل هذا الوباء الفيروسى المنتشر يوميا وتصاعديا بجميع ارجاء الوطن ، فإن علينا ان نجمد خلافاتنا السياسية، وطموحاتنا الدنيوية الزائلة، من جشع وطمع وربح على حساب صحة الناس ومعاشهم وحياتهم وهو امر فى ظل هذه الظروف يرقى لمرتبة الخيانة العظمى، ويستوجب سن قوانين عاجلة بهذا المعنى
{ على الحاكمين  ان يوظفو كافة امكانيات الدولة وحشد كل امكانياتها  واتخاذ القرارات الصارمة والصعبة وتنفيذها بآليات وقوانين الدولة فى سبيل الحيلولة دون انتشار هذا المرض ، والذى اذا انتشر  فى ظل الظروف والامكانيات الصحية والاقتصادية الصفرية التى نعيشها،فإننا بذلك نفرط فى حياة وسلامة كل السودانيين.
{ وعلينا كمحكومين ، ان لانتعامل مع هذه الجائحة العالمية الخطيرة، وقد قالها الرئيس الفرنسى ماكرون أمس، وبلاده تعانى من انتشار المرض القاتل ، أن القادم الاخطر لم يأت بعد وهو فى الطريق، وقالها من قبل رئيس وزراء بريطانيا محذرا ، والرئيس الامريكى ترمب يعقد يوميا مؤتمراً صحفيا حول الفيروس الزلزالى يحاول فيه تطمين مواطنيه، ورأينا أمس الدبابات والمصفحات بشوارع نيويورك لانفاذ قرارات العزل.
{ علينا كمحكومين ومواطنين ان لانتعامل معها، بإستخفاف او استهانة او لا مبالاة، بل بجدية تامة والالتزام  بالقرارات والاجراءات التى تصدرها الجهات المختصة، لمنع انتشار المرض ، وقد رأينا كيف ان الصين التى انطلق منها الفيروس كيف استطاعت ان تسيطر عليه، بإلتزام مواطنيها على كثرتهم بالتعليمات والتوجيهات الصحية والوقائية والتحوطية، وماذا فعلت الاستهانة وعدم الالتزام بالتوجيهات الصحية بدول مثل ايطاليا واسبانيا وإيران.
ولنا عودة

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق