الخميس, 16 يوليو 2020 01:33 صباحًا 0 525 0
ايام وليالي: علي سلطان
ايام وليالي: علي سلطان

تضحية البيدق
Pawn Sacrifice

بعد غيبة عن  شاشة التلفزيون والتباعد الاجتماعي التلفزيوني  حظيت بمشاهدة فيلم ذائع الصيت.. وهو  فيلم تضحية البيدق(الجندي. َعلى رقعة الشطرنج)
Pawn Sacrifice
عن عبقري الشطرنج  الأمريكي  بوبي فيشر أسطورة الشطرنج العالمي وعمق ماسآته التي انتهت به لاجئا في أيسلندا التي شهدت عاصمتها قبل سنوات قمة مجده في عالم الشطرنج.

وتدور أحداث الفيلم الذي أنتج في عام2014 خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي  عن السيرة الذاتية لأسطورة وظاهرة الشطرنج الأمريكية Bobby Fischer " بوب فيشر" ومباراته التاريخية التي لا يمكن نسيانها مع غريمه الإستثنائي الروسي Boris Spassky " بوريس سباسكي "، ويحكي الفيلم عن نضال بوبي مع العبقرية والجنون وصعود الفتى من بروكلين نيويورك إلى قمة العالم.. والذي أثّر في مخيلة الشباب والجميع حول العالم حيث أصبح الشطرنج لعبة مرغوبة في كل مكان..بطل الفيلم الممثل هو نفسه الكاتب توبي ماغواير وقام بدور بوب فيشر و بيتر سارسجارد بدور: ويليام لومبارديوييف شرايبر بدور: بوريس سباسكي.
وخلال مشاهدتي الفيلم وحيدا   كان يدور في دواخلي   فيلم آخر وليس مونولجا داخليت بل ربما يكاد  يكون فيلما  مكتمل الأركان يسير جنبا إلى جنب مع الفيلم الذي اشاهده.. وهذه حالة نادرة الحدوث بالنسبة إلى.. وربما سببها الفيلم نفسه الذي كان يدخل بنا في تلك المتاهة نفسها  في صراع نفسي مع العقول الشطرنجية التي تتصارع في الفيلم في مساحات متباعدة ولكنها تلتقي فإن استخدام مهارات العقل لا تمر على صاحبها بسلام..
غالبا ما كنت أجد فسحة لخواطر كثيرة تمرح وتسرح دون استئذان وانا مندمج في مشاهدة فيلم جميل بتكنيك عال فلا تشعر بما حولك وتعيش بكلياتك بما تشاهد ومنفعلا به.. وخاصة إذا كانت المشاهدة للفيلم في دار السينما أو دار الخيالة كما ينطلق عليها زمان أو دار السيما.. والمشاهدة في دار السينما تختلف عن المشاهدة في البيت أو على جهاز الموبايل أو لاب توب..مشاهدة الفيلم في دار السينما حيث تكون المشاهدة أكثر متعة بين المشاهدين وأجواء السينما قبيل الدخول وأثناء عروض الأفلام والاستراحة والفيشار والتسالي  والمشروبات الغازية وخاصة إذا كانت تلك المشاهدة في دار سينما في القاهرة تحديدا .. وحينما تطفا الأنوار وتندمج مع الفيلم أجد نفسي في حالة تخيلات عديدة متباينة يصعنها الفيلم ثم يطلقها بلا رابط .. الخ.

مما ميز فيلم تضحية البيدق أو الجندي أن هناك حوارا ذكيا يتناسب مع قصة الفيلم التي تلعب فيها رقعة الشطرنج وقطعه المتعددة باجحام مختلفة حيث تجد تلك القطع في كل زواية وهي المسيطر على قصة الفيلم بشكل كأنه  متناثر فيه أيحاء بدور العقل والذكاء  في حياة أهل الشطرنج.. ثم ما يصيب هؤلاء الشطرنجيون من لوثات عقلية و ارتياب وظنون وهواجس وتلك كانت ظاهرة عند بوبي فيشر الذي ربما يكون أصيب بالارتياب وكثرة الظنون لدرجة آثرت  في حياته لاحقا.. وغالبا ما تكون نهايات عباقرة الشطرنج مزعجة وإذا كانت الحياة في الطفولة والصبا مضطربة مع تنامي وتزايد موهبة الشطرنج فإن النهايات حزينة كما حدث مع فيشر الذي انتهى به المطاف لا جئا في أيسلندا  بعد مأساة حياته  التي أودت به إلى السجن..كان بوبي فيشر قاسيا ضد الشيوعيين واليهود وكان يقول ما يخطر على باله دون تردد.. وكان يظن أنه يتم التجسس عليه من قبل الشيوعي ومن آخرين .. وحتى أثناء مباراياته العالمية في الشطرنج كان قد وصل به الارتياب والازعاج حتى  من كاميرات المصورين.. والغريب أن اللاعب الروسي العظيم موريس سباكسي  وغربم بوبي فيشر الأول وصل إلى  هذه المرحلة في الارتياب حتى من أصدقائه وحكومته.. خاصة في مباراته الشهيرة مع بوبي فيشر ولعلها الجولة السادسة أو الخامسة التي أرتاب فيها من أن كرسيه الذي يجلس عليه أثناء المباراة يصدر صوتا.. واتضح بعد تفكيك الكرسي وفحصه  انه قد علقت به ذبابتان ربما كانت تصدران طنينا.
الفيلم كان مناسبة جميلة للإشارة إلى الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفياتي.. وان تصبح الحرب حرب عقول وليس دماء  وقتلى في خضم حرب فيتنام واجوائها .. وأصبح مع احتدام مباراة القرن بين بوبي فيشر وبوريس سباسكي أن 2مليار انسان يتابعون رقعة شطرنج صغيرة يتصرعان عليها شخصان.
كانت طبول الحرب وارتفاع حدة الوطنية على أقصاها في المعسكرين الأمريكي والسوفياتي وكان نيكسون وبريجنيف يخوضان حرب عقول وزهو انتصارات بفضل شخصين عبقرببين ولكن مع ذلك كله كانت حياة بوبي فيشر قد انتهت إلى مأساة إلى أن ودع العالم لاجئا في أيسلندا وتوفي في عاصمتها ريكيافيك   عام 2008.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق