الثلاثاء, 15 يناير 2019 04:12 مساءً 0 245 0
قراءة في ملف الأزمة وانتفاضة الشباب في السودان
قراءة في ملف الأزمة وانتفاضة الشباب في السودان

شاذلي عبد الله عمر

في رأيي أن ما يحدث من حراك ثوري في السودان لا ينفصل عن تراكمات الماضي والهزات التاريخية التي ضربت البلاد.
لكل مشكلة آنية أياً كانت سياسية أو اقتصادية وثقافية اجتماعية تاريخ متوسط وطويل المدى، هنا أذكر ثلاثة تواريخ لمشكلات السودان في العصر الحديث خلال الثلاثة عقود الماضية كان لها أثر مباشر فيما يحدث من احتجاجات اليوم.
أولاً: انفصال الجنوب
مضت عليه ٨ سنوات عمر دورتي حكم، ظهرت نتائج الانفصال بشكل مقزز الآن، لأننا في بداية الأزمة نظل مخدرين بإعلام مزيف.  
أثر في معاش الناس وأدى لخيبة نفسية وجدانية صعبة على الشعب السوداني بجانب فقدان مورد نادر.
ثانياً: قضية دارفور
قبل أكثر من ١٠ سنوات زرعت في الشعب السوداني الكراهية وفتحت أبواب الحقد والغبن وسط شباب الإقليم، وكرست البغضاء بين ثنائية ما يسمى بالعرب والزرقة، من آثارها النزاع والقتل والتطهير العرقي مع النزوح القسري، زرعت في قلوب شباب الإقليم الذين نجوا بالمخاطرة لدول العالم الأول روح الانتقام من السلطة الحاكمة للأبد، كرس الشباب جهودهم كلها واستعدوا نفسياً للانفصال.
ثالثاً: الأزمة الاقتصادية العالمية
لا شك أن لها أثر على الكوارث الاقتصادية في الكرة الأرضية، خاصة أنها من انطلقت من أرض أمريكا، التنين الذي يسيطر حالياً على العالم اقتصادياً.
لسنا بمعزل عن الأزمة ومن الطبيعي أن تؤثر على اقتصاد بلادنا، وهذا يقودنا للمحور الرابع.
العقوبات الدولية
الحصار الاقتصادي على السودان وإدراجه في قائمة الدول الإرهابية، كان له دور خطير في تجفيف الأرض الخصبة لنمو الاقتصاد الوطني الحديث، في ظل سياسات التحرير الجائرة، والتي للأسف الشديد زادت أصحاب المناصب والقدر الرفيع غنى وتمكيناً وقضت بصورة دراماتيكية على الطبقة الوسطى، أما محدودي الدخل فتعرضوا لقسوة الأقدار وكانوا ضحايا تشبثوا بالأمل طويلاً منذ ٣٠ سنة مضين، وقدموا أرواح أبنائهم من أجل الحفاظ على دولة الإسلام السياسي.
الموقف الآن وبناءً على الفذلكة التاريخية أعلاه، يجب أن نعترف بأنه ليس مشكلة اقتصادية أو سياسية، فالقضية أكبر من مسبباتها المتمثلة في أزمة الخبز والسيولة، ولأول مرة تندلع ثورة غير مسلحة طوال فترة الإنقاذ، يقودها شباب من الحضر والمدن التي تعتبر حسابياً أحسن حالاً من المدن والأقاليم المهمشة، ولنا في شندي ودنقلا وعطبرة والخرطوم بحري وأمدرمان مثال.
شباب في العشرينات ولدوا في فترة حكم ثورة الإنقاذ، ونعتبرهم ظاهرياً غير مسؤولين، يقودون المظاهرات ويجبرون كل العالم على تناول القضية في منصات دولية، والأبعد من ذلك أنهم أصبحوا يستقطبون تعاطف الشعب والتنظيمات والجمعيات المهنية ونقاباتهم بالانضمام لمواكب الثورة التي لم نتخيل أن يقودها شباب كنا نحسبهم بالبلدي "خارج التغطية"، هذه الانتفاضات لن تتوقف بسقوط ضحايا من الشباب، وقد أوصلت رسالة قوية لقادة البلاد أن العنف ضدهم والاستهوان بقضيتهم أو استفزازهم بأي شكل من الأشكال يجعل الثورة تنتشر وتلتهب أكثر وأكثر، في وقت نعلم فيه كلنا أن الإعلام دين الأمم حديثاً، كانت وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر مشاهدة من الإعلام التقليدي، فهي صوت مسموع وموثق خطير وسريع للتظاهرات. الهواتف الذكية التي كانت تستخدم للعب واللهو أصبحت مصدراً مهماً جداً لنقل الأحداث وتعتمد عليها الإذاعات الدولية في كل أنحاء العالم لإرسال صوت المتظاهرين وتحصين الانتهاكات بالصورة والصوت إن وجدت.
ختاماً على القيادة السياسية مواكبة الشباب وتطلعاتهم، لأنهم يراقبون ما يحدث من حولهم ويقارنون وضعهم وحال دولتهم و يتساءلون عن الأسباب ومن السبب؟!.
في السابق كانت المعلومة مصدرها الوحيد الإعلام المحلي، أما اليوم فثورة الاتصالات والتكنولوجيا وضعت كل المعلومات وبالمجان في قرص وشاشة جلاكسي أو آيفون أسرع من التلفاز.
يجب التفاعل الجاد مع مطالب الشباب الذي يحتاج لمواكبة تطلعاته وإلا سندفع الثمن غالياً بسبب هذه الفجوة الجيلية بين الشباب والقادة، والتي قد تتسبب في أزمة أمنية وكلنا يعلم أن الاقتصاد والأمن توأم.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة